مر عام 2004 كئيباً على كرة القدم المصرية، وبدأ عام 2005 بظلال داكنة تنذر بخسائر ومخاطر أكبر على كل الصعد، الفوضى شملت كل مجالات اللعبة الشعبية الأولى في مصر، واخترقت اتحاد الكرة وناديي الأهلي والزمالك. الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" يتابع باهتمام إجراء انتخابات حرة لمجلس إدارة اتحاد الكرة المصري، وهي الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في أيلول سبتمبر الماضي، وتأجلت غير مرة بسبب تدخلات وزير الشباب والرياضة أنس الفقي للحيلولة دون ترشيح أو فوز اللواء الدهشوري حرب وسمير زاهر، وهما الرئيسان السابقان للاتحاد، وخرج كلاهما من موقعه باستقالة اضطرارية تحت ضغوط الرأي العام، ويسعيان مجدداً للعودة إلى المقعد بكل الطرق. "الفيفا" حدد 31 آذار مارس المقبل موعداً فاصلاً لإبلاغه بالمجلس الجديد المنتخب، واختار "الفيفا" طه اسماعيل لاعب ومدرب منتخب مصر والأهلي في الستينات ورئيس مشروع الهدف في شمال افريقيا للاشراف على الانتخابات، ولكن جدلاً هائلاً يدور الآن بين اتحاد الكرة ووزارة الشباب حول اللائحة الأساسية التي تحكم الانتخابات. ويتمسك الوزير بفتح الترشيح في المناصب الثلاثة الكبرى الرئيس ونائب الرئيس وأمين الصندوق للذين لم يمارسوا اللعبة، الأمر الذي يرفضه الاتحاد ويتمسك أن تسري القاعدة التي طبقتها الوزارة على انتخابات كل الاتحادات الرياضية الأخرى على اتحاد الكرة أيضاً، وتلزم كل المرشحين باستثناء الرئيس بشرط مزاولة اللعبة، ولأن الخلاف هو السمة المميزة للعمل الرياضي في مصر كان اختيار مدير فني جديد لمنتخب مصر أشبه بالمسرحية الهزلية، وانتهى بإعلان تشكيلة محلية مئة في المئة في الجهاز الفني للمنتخب، ولكنها تشكيلة خالية تماماً من الانسجام ومقسمة إلى فريقين، أولهما بقيادة حسن شحاتة المدير الفني الذي يحظى بدعم سمير عدلي المدير الإداري. ويمتلك شحاتة الكلمة الأولى الأخيرة في كل مسائل الاختيار والتشكيلة وطريقة اللعب والتغيير، والفريق الثاني هو الأكثر عدداً في الجهاز ويضم شوقي غريب مدرباً عاماً وحمادة صدقي مدرباً وأحمد سليمان مدرباً لحراس المرمى، والثلاثة كانوا ضمن الجهاز الفني لمنتخب مصر للشباب ثم المنتخب الأولمبي لمدة 5 سنوات. وعلى رغم التصريحات الوردية لكل أعضاء الجهاز الفني عن التفاهم الكامل والتعاون الكبير لمصلحة مصر إلا أن الانسجام غائب، والأيام المقبلة ستشهد دليلاً دامغاً على انقسام الجهاز إلى فريقين. ولم يعط مجلس إدارة الاتحاد الفرصة للمدير الفني حسن شحاتة لاختيار فريق العمل معه في الجهاز الفني، وأرغمه على العمل مع غريب وزميليه على رغم أن غريب كان منافساً قوياً لحسن شحاتة. ولم يسلم ناديا الأهلي والزمالك من حال الفوضى التي شملت كل أرجاء الأخير سواء في الإدارة أو الجهاز الفني أو اللاعبين، الاستقرار الذي يعيشه الأهلي في ظل انتصاراته المتتالية وصدارته المريحة للدوري لم يحل دون هروب نجم خط الوسط محمد شوقي من دون إذن إلى انكلترا للخضوع لاختبارات في نادي كريستال بالاس، وكان اللاعب حريصاً على الاحتراف الخارجي، وطلب مراراً من إدارة ناديه الإذن بالسفر في الموعد المقرر للانتخابات خصوصاً بعد ضمان الفوز بالدوري، ولكن الإدارة أجلت السفر إلى الاسبوع المقبل وبعد مباراة المصري غير المهمة، ما دفع اللاعب للتضحية بكل شيء والهروب لحضور الاختبارات قبل العودة إلى القاهرة ووضع المسؤولين أمام الأمر الواقع، ولو وافقت الإدارة على السفر في هدوء ما اشتعلت الأزمة. والزمالك يتخبط في كل شيء، وأحسن لاعبيه الصاعدين "شيكا بالا" صاحب الهدف الأول لمصر في مرمى المغرب الاربعاء الماضي في بطولة افريقيا للشباب وقع عقداً للاحتراف في باوك اليوناني من دون إذن من ناديه، وطلب باوك من الاتحاد المصري ارسال بطاقة اللاعب الدولية الذي لا يربطه عقد احتراف مع ناديه المحلي، وبادر الزمالك بإرسال عقد الاحتراف إلى اتحاد الكرة، لكن العقد غير قانوني لأنه غير مسجل في الاتحاد، كما أن اللاعب وولي أمره يؤكدان أنهما لم يوقعا أي عقد للاحتراف مع النادي. وإذا كان المنتخب المصري خارج المنافسة عملياً في تصفيات كأس العالم 2006 بعد تراجعه إلى المركز الرابع في مجموعته خلف ساحل العاج وليبيا والكاميرون، وباتت فرصة المنافسة على بطاقة التأهل صفراً. الأمر يبدو مماثلاً في الدوري المحلي والمنافسة صفر بعدما اتسع فارق النقاط بين الأهلي ومنافسه الزمالك إلى 21 نقطة قبل 9 مراحل فقط من نهاية البطولة، وهو حدث غير مسبوق وينذر بخطر بالغ لأنه يقلل اهتمام الجميع بالدوري المصري، ويهدد بمقاطعة الجماهير للمباريات. الفشل الضخم لكرة القدم المصرية يعود لأسباب إدارية، وصدق من قال: "فتش عن الإدارة".