الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب المعقود في القاهرة تحضيراً لمؤتمر القمة العربية المزمع عقده في الجزائر في الثاني والعشرين من آذار مارس المقبل بدأ اعماله وسط خلافات وتوترات حادة بسبب دقة المواضيع المطروحة للبحث أمام الوزراء وأهميتها، الأمر الذي حدا بكثير من الوزراء الى تفضيل التغيب عن الاجتماع والاكتفاء بتمثيلهم بأحد مساعديهم، فتكون النتيجة الطبيعية"تمييع"المشاريع المهمة والمصيرية المطروحة للنقاش، اي بكلمة اخرى نسف اي محاولة جادة للإصلاح وتطوير ميثاق الجامعة وتحسين ادائها. الثاني والعشرون من آذار يصادف الذكرى ال59 لتأسيس الجامعة وهي حقبة لم يحدث خلالها اي تطوير يواكب المتغيرات المتسارعة عربياً ودولياً، مما ادى الى إصابة هيكل الجامعة بأمراض الشيخوخة التي تصيب كل كائن حي. وعلى رغم المحاولات الجادة والمخلصة لبعض الزعماء العرب ممن يعنيهم بقاء الجامعة في وضع صحي ومنتج وفعّال، وما طرح من مشاريع مهمة لإحداث التطور المطلوب، إلا انه للأسف لم يكتب لها النجاح اللهم إلا بضعة قرارات لا يمكن إنكار اهميتها، ولكنها لا تصل حد العلاج الناجع المطلوب لإنقاذ"بيت العرب"من امراض الشيخوخة هذه. وإذا استعرضنا المشاريع او المواضيع المطروحة امام هذا الاجتماع نجد امامنا: 1- مشروعاً بإنشاء محكمة العدل العربية سبق إقراره من مجلس الجامعة ومن القمة وبانتظار التنفيذ. 2- مشروع مجلس امن عربي سبق إقرار مشروع انشاء آلية لفض المنازعات المقدم من الدول المغاربية وأقر من دون تنفيذ. 3- نظام التصويت في مجلس الجامعة. 4- منصب الأمين العام المشروع الجزائري. 5- السوق العربية المشتركة. 6- الوضع المالي وتقاعس بعض الأعضاء عن سداد التزاماته قضية مزمنة. 7- المواقف العربية إزاء قضايا الساعة والتهديدات التي تواجه الوطن العربي. ناهيك بالمواضيع الأخرى المعتادة في كل اجتماع وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ألا تستحق كل هذه المواضيع المهمة والمصيرية تجاوب الدول الأعضاء مع هذه الرغبة الملحة والصادقة للإصلاح؟! ولماذا هذه المماطلة والتسويف والتأجيل لكل هذه المشاريع او حتى بعضها؟! لقد سبق ومنذ نحو عشر سنوات مناقشة كل هذه المشاريع وباستفاضة وتأن"يفلق الصخر"سواء من المندوبين الدائمين الذين انهكهم البحث والجدل والإعداد للمشاريع وصوغها وفي كل مرة تحال الى مجلس الجامعة ويدور من جديد نقاش مطول ومنهك وجدل حاد ينتهي بتأجيل البت في هذه المشاريع، بعضها إن لم يكن كلها، وتحال من جديد الى المندوبين الدائمين او اللجان المشكلة لهذا الغرض لمزيد من الدراسة وإدخال التعديلات المطلوبة، ثم تحال مرة اخرى الى مجلس الجامعة الذي قد يتفق على احالتها او بعضها الى القمة فتقر بعضها بصورة مبدئية دائماً مبدئية! لكي يتاح المجال لمن يرغب في ما بعد بالتراجع اذا وجد انها لا تلائم توجهاته او مصالحه. تلك لعمري هي المشكلة الرئيسة... انعدام الإرادة السياسية الراغبة في الإصلاح والتطوير إلا من رحم ربي من قلة من الدول التي آلت على نفسها حمل هموم الأمة العربية ومشكلاتها وعانت الكثير من العناء بسبب ذلك. كان الله في عونهم وعون"بيت العرب"، وأمينه العام الطامح الى التجديد، نعني تجديد البيت وليس المنصب. * كاتب سعودي.