لكي يسير الحمل على ما يرام لا بد للحامل من غذاء جيد يؤمن لها ولجنينها كل عناصر الحياة من سكريات ودهنيات وبروتينات وأملاح معدنية وفيتامينات. ولكن على الحامل أن تولي عناية خاصة لتأمين البروتينات لأنها عماد الحياة وأساسها فهي الركيزة الاساسية للمادة الوراثية التي تنقل الصفات الوراثية من الآباء الى الابناء عدا عن أنها تدخل في تركيب الهرمونات والانزيمات وهيموغلوبين الدم والعضلات والنواقل العصبية الدماغية. وبالمختصر المفيد، ينطبق على البروتينات المثل القائل"في كل بساط لها خيط"، فغيابها يعني غياب الحياة وما يدعو الى الدهشة ان الجسم قادر على تخزين السكر في الكبد والعضلات، والشحم في منطقة ما تحت الجلد، والمعادن والفيتامينات في انسجة مختلفة، لكنه لا يستطيع بتاتاً ان يخزن البروتينات. من هنا، على الحامل ان تؤمنها في طعامها صيانة لها ولفلذة كبدها. وتعتبر البروتينات ضرورية لا بل اساسية لنمو الجنين ولتشكل المشيمة صلة الوصل بين الأم وجنينها ولتطور الرحم والثديين. ويتألف الجنين اصلاً من جزيئات كبيرة من البروتينات التي يتم تصنيعها اعتباراً من وحدات اصغر تعرف بالاحماض الامينية وتأتي من طعام الحامل. ويعطي تراتب هذه الاحماض وعددها مواصفات هذا البروتين أو ذاك، ويبلغ عدد الاحماض الامينية عشرين منها الاساسية وغير الاساسية. اما الاحماض الاساسية فقد سميت كذلك لأن الجسم لا يستطيع صنعها ولا يمكنه الاستغناء عنها في أي حال من الاحوال، من هنا لا بد من توافرها في الطعام وإلا فعلى الصحة السلام. ان افتقار الطعام الى أي واحد من هذه الاحماض الاساسية يعني ان البروتين المصنوع لن يكون كاملاً وهذا ما قد يولّد مشكلات صحية سيئة العواقب. ويبلغ عدد الاحماض الامينية الاساسية ثمانية هي: فالين، لوسين، ايزولوسين، تريونين، تريبتوفان، ليزين، فينيل آلافين، ميتيونين. اما بالنسبة الى الاحماض الامينية غير الاساسية فقد سميت كذلك لأن الجسم قادر على تركيبها اعتباراً من مواد اخرى. قد تسأل الحامل: وكيف احصل على حاجتي من البروتينات؟ توجد البروتينات في المصادر الحيوانية والنباتية، وعموماً فان البروتينات ذات المنشأ الحيواني هي الافضل لانها تحتوي على كل الاحماض الامينية بما فيها الاساسية. أما البروتينات من منشأ نباتي فهي غير كاملة لأنها تفتقر الى أحد الاحماض الامينية الاساسية. من المهم ان تتوافر في الوجبة، كاملة مكملة لأن الجسم لا يستطيع الاستغناء ولو عن واحد منها. بكلام آخر، اذا حصل الجسم على سبعة احماض فقط، وحرم من الحامض الثامن، فإن الاحماض السبعة الاولى لن تتمكن من ان تحل محل الحامض الغائب. ولكي تكون الاحماض الامينية حاضرة في الطعام، على الحامل أن يكون غذاؤها مزيجاً من اللحوم والخضار لتوفر لها ولجنينها ما يلزمهما من بروتينات حيوانية ونباتية تمدهما بما يحتاجانه من الاحماض الامينية الاساسية. ورب حامل قد تقول: واذا كنت نباتية؟ الجواب على هذا السؤال يختلف بحسب الريجيم النباتي المتبع: - اذا كان الريجيم يعتمد على استبدال اللحم لحم البقر، لحم الخروف... بلحم الدواجن أو بالاسماك فلا خوف من هذا الريجيم. - اذا كان الريجيم يحتوي على البيض والحليب ومشتقاته كمصادر حيوانية، فإن هذا سيعرضها الى خطر نقص الحديد، وفي هذه الحال لا بد من أدوية الحديد. - اذا كان الريجيم الغذائي يحتوي على الحليب ومشتقاته كمصادر حيوانية وحيدة فإن خطر نقص البروتينات والفيتامين ب 12 أمر وارد للغاية، وهنا لا بد من التحدث مع الطبيب لوصف مكملات غذائية. - اذا كان الريجيم نباتياً بحتاً بمعنى انه لا يحتوي بين طياته على أي مصدر حيواني بما فيه الحليب فإن العواقب المترتبة ستكون بالجملة، أي نقص البروتينات ونقص الحديد، ونقص الفيتامين ب 12 ونقص الزنك ونقص السيلينيوم ونقص الكلس.... باختصار سيكون الحمل هنا محاطاً بالأخطار.