إنهم موجودون في كل مكانٍ في العالم، مهنتهم لا تتطلب الكثير من المهارات، ربما يكفيها مظهر بائس أو عاهة صغيرة أو قليل من الحيلة أو لسان طلق لا يتوقف عن الكلام. أعدادهم تتضاعف سنوياً وأساليبهم تزداد في تنوعها وابتكاراتها. وبعضهم يتدرج من الهواية إلى الاحتراف ليصبح "نجماً مشهوراً" في شارع يصبح حكراً عليه ولا يمكن أحداً آخر غيره الوصول إليه. إنهم المتسولون الذين لا تكاد مدينة في العالم الغني والفقير على حد سواء تخلو منهم. وهم في العراق من بين المشكلات الكثيرة التي تركها النظام السابق وجزء من ميراثه المليء بالمتناقضات. يرى كامل جاسم أن التسول أصبح مهنة وأن هناك من المتسولين من لا يستحق المساعدة، لعدم قدرة الناس على التفريق بين من يطلبون المساعدة لحاجتهم وبين من يطلبونها لأنهم كسالى يخترعون عاهات أو يعرضون أطفالهم للمارة. والمتسولون في رأي الباحث الاجتماعي، د. وعد عبد الأمير، طبقات بينما كانوا ينحدرون في الماضي من طبقة واحدة هي الغجر ظلت تتوارث المهنة جيلاً بعد جيل، وثمة طبقة أخرى منافسة لها تضم العاطلين والمحترفين والنصابين الذين وجدوا في هذه المهنة الطريق السهلة لتحقيق أطماعهم مضيفين إليها لمسات جديدة تتعلق بأسلوب العمل والهيئة والتوزيع الجغرافي. فحالياً توجد اتفاقات ملكية لمناطق التسول وتتضمن الأساليب الجديدة للمتسولين. الاستعانة بالأطفال المخطوفين والتغيير في الهيئة العامة للشخص كإظهاره بمظهر "ابن ناس" تعرض لأزمة طارئة أو لديه مريض لا يستطيع علاجه والأخطر من ذلك تحول التسول إلى نشاط تديره بعض العصابات التي تزاول القتل والسرقة. وتعود أسباب التسول في رأي د. وعد وتحوله إلى مهنة إلى السهولة المطلقة للعملية وعدم وجود نص قانوني صارم يحد من التسول حيث أن غرامة من يتسول في القانون العراقي هي 50 ديناراً فقط. وإذا شئنا أن نضع نصاً قانونياً صارماً لمحاسبة المتسولين فنحن في حاجة قبل ذلك إلى تشريع قانون خاص يحمي الفقراء ويوفر حاجاتهم الأساسية. من جانب آخر يعتبر د. إحسان محمد الحديثي، الأستاذ في كلية التربية - جامعة بغداد أن التسول في عالم اليوم لا يعد مهنة للأفراد فقط بل هو سياسة تعتمدها الحكومات في ممارساتها وتعاملاتها، لقد أرغمت الإنسان الضعيف على الاستجداء ووضعته في الواجهة لإظهار فقره.