قد لا يكون العرض المشهدي الأخاذ، الذي استهلت به دورة أثينا، اكثر نقاطها إثارة. وما على محبي الرياضة سوى ان يدققوا، لا في اداء العضلات، بل في ما تلبسه اجساد الابطال من ملابس "غريبة". ويعلم متابعو الحدث الاولمبي، ان الملابس والتجهيزات التي تدعم الاداء الرياضي، وتساعد بالتالي على الفوز في المحفل الاولمبي، صارت جزءاً اساسياً من تلك الالعاب نفسها. فبفضل العلماء الذين يعملون بصمت، في الشركات العملاقة، صار الاولمبياد ساحة لسوق دولية تعرض فيها الشركات ملابسها المتطورة. وتروّج لها باعتبارها الأفضل. ولكي تدعم الشركات مزاعمها، تعمد الى انتقاء بعض الأبطال، لكي يرتدوا تلك الملابس والتجهيزات، اثناء خوض المسابقات الأولمبية. وبهذا المعنى، تشارك الشركات الابطال في لحظات فوزهم، وتظهر ملابسها ومنتجاتها على اجسادهم، التي تحولت الى منصات استعراض، فكأن اللاعبين جمع من عارضي الأزياء وعارضاتها. "برد" المنافسة في الشمس الحارة وفي هذا المعنى، توفر الدورة الراهنة لمحبي الرياضة فرصة الاستمتاع بأكثر اللحظات الرياضية إثارة على مدى 17 يوماً. وبفضل الملابس المبتكرة، اصبح في إمكان افضل رياضيي العالم التنافس "ببرود"، على رغم حرارة الشمس اللاذعة في صيف أثينا، كما بات في امكانهم مواصلة تحطيم ارقام السباحة، متحدين عشرات الكيلو غرامات من المياه التي تثقل الاجساد الرياضية. "كليماكول" ClimaCool، هو الاسم الذي أطلقته شركة "اديداس" على رداء تكنولوجي خاص بالألعاب الأولمبية، يحافظ على حرارة جسد الرياضي ضمن الحدود المثلى، من دون أن يتأثر بدرجة حرارة المكان حيث يمارس الرياضة. وفي التفاصيل، ان "اديداس" درست الفيزيولوجيا الحرارية لجسم الإنسان، واستجابته لضغط الحرارة، بالتعاون مع الدكتور جورج هافينيث الأستاذ في جامعة لوغبوروغ الرياضية في إنكلترا. أطلقت "اديداس" أجهزة تزيل العرق باستمرار، فينزلق على نسيج خاص من خيوط مطلية بالفضة، وألياف ثلاثية الأبعاد. وفي الوقت نفسه، يشكل بعض ذلك النسيج "ممراً" لاخراج الحرارة التي تصدر خلال حركة العضلات. وبذا، يصبح جسم الرياضي بارداً باعتدال وجافاً. تسمى الألياف الموصلة "اكس-ستاتيك" X-Static وتوضع اسفل قميص الرياضي. وتخاط بطريقة تجعلها تعمل مثل زجاجة القنديل الناقلة للحرارة. كما توصل الى رقبة القميص، فتخرج الحرارة بعيدا من مناطق السخونة. وترسل إشارات برودة إلى الدماغ، فتمنح الرياضي إحساساً بالبرودة. وتتألف الألياف الثلاثية الأبعاد، المركزة في أماكن منتقاة من الثوب، من مئات من النتوءات. وقد صممت بطريقة تمنع اللباس من الالتصاق بالجسد، مما يزيد من تهوئة الجلد. وأسهمت مجموعة من افضل رياضيي العالم في تطوير بذلة "كليماكول" واختبارها، ومنهم هايل جبري سيلاسي، الحائز على الميدالية الذهبية عن فئة ال5000 وال10000 متر في دورة سيدني 2000. ومن المتوقع أن يمثل هايل بلاده أثيوبيا في العاب أثينا، مرتدياً قميصاً وشورتاً من ماركة "كليماكول"، وحذاء "ادي ستار" المزود بغشاء يعكس الحرارة، مع شبكة مفتوحة تساعد على تهوئته باستمرار. وفضلاً عن كونها مزوداً معتمداً للملابس والاجهزة، لدى اللجنة الأولمبية في أثينا للعام 2004، تجهز "أديداس" 21 لجنة أولمبية وطنية وفرقها، اي اكثر من 4000 مشارك اولمبي، بالملابس الرياضية. السباحة وبذلات الأرقام القياسية لأسباب عدة، قد يكون أهمها الاستفادة من تلك الأجزاء القليلة من الثانية التي تفصل بين الميدالية الفضية والذهبية، ارتدى السباح الاميركي أيان ثورب بذلة "جت كونسيبت" JetConcept من "اديداس". وتشبه تلك البذلة المركب الجوي التجاري أثناء طيرانه. ويرتكز عملها على قطع معدنية صغيرة شبيهة بحرشوف السمكة، تغطي ظهر السباح، فتشق المياه فوق جسده على شكل قناة، ما يقلل من قوة الدفع المعاكس، ويرفع الاداء بمعدل 3 في المئة. وبحسب الأبحاث، تقلل "جت كونسيبت" من تأثير 70 كيلو غراماً من المياه التي يحملها السبّاح اثناء السباق. وتتكون البذلة من ألياف صممتها شركة "ليكرا باور"، تستعمل الضغط لضبط الحركة والدوران، وتلعب دور الغطاء الثاني. كما تقلل الدرزة المسطحة التي تشد جنبي الرياضي من البطن، من قوة الدفع وتزيد من راحة السباح.