لا تزال الصداقة بين الجنسين من جيل الشباب، التي بدأت تظهر في المجتمع السوري، غريبة بعض الشيء. وإذا كانت الاسر السورية تتفاوت في تمسكها ببعض التقاليد التي تجعل نشوء هذه العلاقة صعباً جداً تبعاً لدرجة الوعي، فإن هذه العلاقات تظل في التجمع الذي نشأت فيه وتندثر مع خروج اي من طرفي الصداقة من اطار هذا التجمع او بارتباط احد الطرفين بعلاقة حب او زواج. الاختلاط الدراسي وتبدو السنة الجامعية الاولى عالماً جديداً بعد مغادرة مقاعد الدراسة الثانوية وتشكل ارضاً واسعة للتعارف والزمالة، لتبرز قضية الاختلاط الدراسي وتتسع مساحة العلاقات الجامعية تدريجاً وتتشكل نظرة جديدة للعلاقات بين الطلاب تتطور الى ابعد من حدود الزمالة. "دخولي الى الجامعة منذ ثلاث سنوات واختلاطي بزملاء لي من اماكن مختلفة جعلني ارتاح لبعضهم وتطورت علاقتنا من حدود الزمالة الى الصداقة الامر الذي جعلني اوطد علاقتي بهم الى حد الاعتماد عليهم في حل مشكلاتي او المساعدة في الدراسة على رغم انني مخطوبة منذ سنتين"، تقول راميا وتضيف: "حاولت اكثر من مرة مع اهلي ان اعرفهم على صديقين لي عبر دعوتهما لزيارتنا في البيت، وكان ذلك قبل خطبتي الا ان اهلي رفضوا معللين ذلك بأنه ان لم يكن هناك اي مشروع خطبة او زواج فلا حاجة لذلك على رغم ان هذين الصديقين هما مثل اخوتي لا يتوانون عن تقديم اي مساعدة لي او اي مشورة". ويبدو استمرار مشروع صداقة راميا مستحيلاً بسبب غيرة خطيبها عليها "عندما زارني خطيبي في الجامعة، لم يرتح لهما ولمّح الى ضرورة قطع علاقتي بهما او ابقائها في حدود زمالة الدراسة لا اكثر". وتلعب الغيرة دوراً كبيراً في تحطيم هذا النوع من الصداقة. هذا ما يذكره عماد المتزوج منذ اربع سنوات والموظف في احدى المؤسسات الحكومية: "بحكم العمل والبقاء في غرفة واحدة نحن وزميلاتنا الموظفات نبقى معاً طوال وقت الدوام الرسمي، فنشأ نوع من الارتياح بيني وبين احدى زميلاتي. وتوطدت علاقتنا الى حدود الصداقة، الا ان زوجتي رفضت في شكل قاطع ان ادعو صديقتي الى المنزل لأنها من النوع الغيور، مع انها تحاول ان تخفي ذلك. وعندما احدثها عن مشكلات صديقتي تبدي عدم اهتمامها بذلك او تحاول تغيير الحديث". المستوى العلمي ويلعب المستوى التعليمي والثقافي دوراً مهماً في استمرار الصداقة بين الجنسين، بحسب عامر المهندس: "تعرفت الى احدى زميلاتي خلال عملي في احد مشاريع الشركة وتوطدت علاقتي بها بحكم عملنا المشترك لأنها كانت مساعدتي في المشروع وعرفتني الى زوجها الطبيب وتتالت الزيارات بين الاسرتين حتى انها صارت صديقة لزوجتي". ويشير عامر الى أهمية عامل الثقة بين اطراف الصداقة في توطيدها واستمرارها اضافة الى عامل الوعي والمستوى الثقافي الذي يتمتع به الاصدقاء. صداقة اقوى ويرى بعضهم ان الصداقة بين الجنسين تكون اثر متانة منها في الجنس الواحد. تعتبر سهام ان "استمرار علاقتي بصديقي على رغم مرور سنوات طوال على بدئها يعود الى عدم وجود اي مصالح من الجانبين، بل الصراحة والصدق في التعامل". ويبدأ بعض الصداقات من اعجاب احد الطرفين بالآخر، كما يقول فادي: "لدي صديقة ارتاح للحديث معها كثيراً، حتى انها تعرف جميع اسراري التي يمكن ان اقولها لصديقي الشاب، وأنا لا انكر انني كنت معجباً بها في البداية، ولكن تحددت علاقتنا في ما بعد ضمن اطار الصداقة، ونحن لا نستطيع ان نتخيل نفسينا اكثر من ذلك... ويظل تعاملي مع صديقتي ألطف طبعاً لكونها فتاة". ولا تزال كثرة من الناس ترفض هذا النوع من الصداقة. ويقول حسان: "العلاقة المفترض ان تربط اي رجل بامرأة هي العلاقة الشرعية المعروفة. ولا اعتقد بوجود صداقة بين الرجل والمرأة. ولا اسمح لأختي ان يكون لها صديق وان تعرفت على احدهم فإما ان يتقدم لخطبتها ويتزوجها واما ان تنتهي هذه العلاقة التي لا تجلب الا وجع الرأس".