في الساعة التاسعة صباح أمس خاطب الرئيس العراقي المخلوع المدير التنفيذي للمحكمة الجنائية الخاصة سالم الجلبي قائلاً: "أنا صدام حسين المجيد رئيس جمهورية العراق". الجلبي أبلغه مذكرة بتوقيفه، ليصبح تحت السلطة القضائية العراقية التي ستوجه اليه اليوم 12 تهمة مرتبطة ب"جرائم حرب". بدا صدام متوتراً لكنه غير نادم، وحين اقتيد أمس الى قاعة المحكمة بادر الحضور قائلاً: "صباح الخير". أما علي حسن المجيد الملقب ب"علي الكيماوي" فكان "مرتعداً"، وقال: "أنا تعبان"، ما فاجأ الجميع، كونه أثار الرعب في قلوب ملايين من العراقيين على مدى سنوات طويلة. راجع ص 2 و3 قصة نقل صدام و11 من رموز نظامه الى المسؤولية القضائية العراقية بدأت الخامسة فجر أمس، بعيداً عن كاميرات المصورين، لتمهد اليوم لبدء محاكمة طويلة يتوقع أن تمتد لشهور طويلة. بقي الرئيس المخلوع الذي بدت عليه ملامح الضعف، بحراسة القوة المتعددة الجنسية، مثل الرموز الواردة على قائمة ال11، وفي مقدمهم طه ياسين رمضان وطارق عزيز وبرزان التكريتي. مع ذلك لم يستبعد الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر الذي التقى الرئيس جورج بوش أمس، "أن يحاول عراقيون ان ينتزعوا صدام ويقطعوه إرباً إرباً" قبل محاكمته. وشككت لجنة الدفاع عن الرئيس العراقي المخلوع بقانونية المحاكمة وشرعية تسليمه الى "حكومة عيّنها الاحتلال"، فيما توقع أحد محاميه اعتماد خطة للدفاع عنه تشبه "استراتيجية ميلوشيفيتش". ونفى وزير العدل العراقي مالك دوهان ان يكون هدد بالقتل أحد أعضاء لجنة الدفاع التي قررت ارسال وفد الى بغداد. ولم يستبعد الوزير إعدام صدام اذا دين بجرائم الحرب، في وقت شددت فرنسا على معارضتها هذه العقوبة "في كل الظروف"، ودعت موسكو الى "محاكمة عادلة". وكان صدام اقتيد الى قاعة المحكمة الجنائية، حيث وقف سالم الجلبي وقاضي تحقيق لم يكشف اسمه في انتظاره، وبدا مرتدياً عباءة رصاصية اللون، وعليه ملامح ضعف، من دون لحية كثة. وروى أحد مساعدي الجلبي الذي حضر اللقاء لوكالة "فرانس برس" ان الرئيس المخلوع عرّف عن نفسه قائلاً: "صدام حسين المجيد رئيس جمهورية العراق"، ثم سأل الحاضرين: "هل ستستجوبوننا اليوم أم لا"؟ وبدا صدام "في صحة جيدة، غير نادم على ما فعل، ومكابراً، لدى دخوله القاعة جلس مباشرة على كرسي، في حين كان جميع الحضور واقفين". وتابع مساعد الجلبي: "حاول ان يظهر استعلاءه علينا، وأن يتفادى الظهور بمظهر المهزوم، لكننا شعرنا أنه حزين". وستبدأ في الساعة الثانية بعد ظهر اليوم جلسة المحكمة الجنائية التي ستتلى فيها لائحة الاتهامات، وسيكون صدام وطارق عزيز وعلي حسن المجيد أول الداخلين. ورفضت السلطات المعنية حتى المساء السماح بالتصوير لكنها سمحت لشبكة "سي ان ان" وقناة "الجزيرة" بنقل وقائع الجلسة الأولى. وتتضمن لائحة الاتهامات الموجهة الى الرئيس السابق جريمة حلبجة وجرائم ارتكبت ضد عشائر الفلوجة وسامراء وجريمة تجفيف الأهوار، وجرائم غزو الكويت والحرب مع ايران، وعمليات الأنفال وعمليات التطهير العرقي في كركوك وقمع انتفاضة الجنوب والشمال، والجرائم المرتكبة ضد الأقليات وانتهاك حرمة رجال الدين. وأكد وزير العدل العراقي لصحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية ان عقوبة الاعدام ستفرض على صدام اذا دين بالجرائم الخطيرة التي يتهم بها. واضاف: "يمكن فرض عقوبة الاعدام للجرائم ضد البشرية والابادة واستخدام الاسلحة الكيماوية". واوضح ان الحكومة الانتقالية "وافقت على مرسوم يلغي القرار الذي اصدره بريمر"، و"اعدنا العمل بعقوبة الاعدام. نحن دولة تتمتع بالسيادة واستعدنا حريتنا". وذكر الناطق باسم الحكومة جورج سادة ان "اياً من كبار المسؤولين في الحكومة لم يلتق صدام"، موضحاً ان "الرئيس السابق بات في عهدة القضاء العراقي، والحكومة لا تتدخل في الشأن القضائي". وأشار الى أن صدام "سيتبلغ اليوم أمس الاتهامات الموجهة اليه ثم يمثل غداً اليوم امام القاضي ليتلوها عليه"، في ما يعتبر الجلسة الأولى في المحاكمة أمام محكمة جنائية خاصة كان أنشأها مجلس الحكم المنحل.