37 يوماً هي المدة التي يتعين على الدراجين الفرنسيين جيروم سونييه وميشال غوجون وبرونو غونون وفريدريك لارميت قضاءها للوصول الى لبنان... الرحلة انطلقت في الأول من ايار مايو الماضي من باريس، والهدف بلوغ مدينة بعلبك الاحد المقبل. ويعد لهم في لبنان برنامج منوع بالتعاون مع وزارتي الثقافة والشباب والرياضة. وترعى شركة طيران الشرق الاوسط رحلتهم. رحلة تثير الفضول والاستفهام، وتحرّك حب الاستكشاف. وقارب "الدرّاجون الرحالة" اجتياز مسافتها البالغة 4652 كلم عبر 12 بلداً هي: فرنسا، ألمانيا، سويسرا، النمسا، ايطاليا، سلوفينيا، كرواتيا، صربيا، بلغاريا، تركيا، سورية ومنها الى لبنان من بوابته الشمالية ليجتازوا بعدها الهضاب الجبلية المرتفعة التي تشرف على سفوحها غابة الأرز. ولأن لكل رحلة - مغامرة معانيها ودلائلها وأهدافها، يوضح صاحب الفكرة سونييه، مهندس المساحة في المعهد الوطني الفرنسي للجغرافيا، انه متزوج من اللبنانية منى شمص "عقدنا قراننا في بعلبك في 26 أيار 2001، ولطالما راودني حلم اجتياز تلك الطريق على متن الدراجة الهوائية، وهي التي تفصل بين ثقافتي بلدينا، بمقياس سرعة مثالية لإدراك تطور العلاقة بين الثقافتين، ما يعمّق التعارف والمحبة، وهو سبيل يجدر ببلدينا السير به. واخترنا هذه الوسيلة لتحمل ايضاً رسالة سلام بين شعوب العالم كلها، والدراجة الهوائية لا تحمل اي وجه عدائي، بل تشكل الوسيلة المثالية لنجسّد تمسكنا بالسلام". ومن اجل التعرف اكثر الى ثقافة بلد تجمعه بوطنه روابط تاريخية وعاطفية، شدّ سونييه 39 عاماً وغوجون 54 عاماً ولارميت 38 عاماً، زميلاه في المعهد الوطني الفرنسي للجغرافيا، وغونون 40 عاماً استاذ التربية البدنية في مدرسة التزلج الفرنسية الرحال لبلوغ الهدف المنشود. وفي اتصال ل"الحياة" قبل ايام، كشف سونييه أن لارميت حضر حفلة زواجه في لبنان، "وحالت الظروف دون مجيء غونون صديقي منذ الطفولة، والآن نعوّض هذا الغياب بالحضور معاً". في كل محطة من محطات سفرهم يسجل الدرّاجون الأربعة انطباعاتهم ومشاهداتهم بما يشبه توثيقاً مختصراً للرحلة، ينشر عبر موقعهم على الشبكة الإلكترونية، اضافة الى صور عن مواقع طبيعية جذابة منتقاة من اماكن مرورهم. فمثلاً وصفوا سلوفينيا "البلد الصغير المساحة بتميزه بالأماكن الرائعة التي تصلح للاسترخاء وقضاء العطل". وتحدثوا عن فلول الثلج في الأعالي وعواصفه التي طاردتهم في النمسا بين دورنبيم وايمست. وفي إيطاليا، انطلقوا من تيرول على ايقاع فرقة موسيقية احتفت ببادرتهم. يحمل كل من الدرّاجين الأربعة أمتعته التي لا يتعدى وزنها 15 كلغ فضلاً عن حاجاته اليومية وأدوات اسعاف وألبسة تناسب تبدل الطقس، وكاميرا تصوير... وأوضح سونييه ل"الحياة" ان المرحلة الصعبة من الرحلة انتهت على مشارف سلوفينيا "ودخلنا كرواتيا بعدها وقد أصبح الطقس اكثر دفئاً. لكن المسافة طويلة... أنهينا المراحل الجبلية وبعضها كان على ارتفاع نحو 1800م عن سطح البحر، وحجزتنا العاصفة يوماً كاملاً". يزاول الاربعة ركوب الدراجة منذ سنين طويلة وشاركوا في سباقات عدة، واستعدوا للرحلة الطويلة، فاجتاز كل منهم نحو 2000 كلم فضلاً عن التزلج لمسافة 200 كلم. وفي اختبارهم الخارجي الأول يجتازون 140 كلم يومياً على مدى ست ساعات، مقسمة على مراحل قبل المبيت تحضيراً لليوم التالي. وهم "تحصنوا" في وجه الصعوبات الممكن ان تواجههم "وبخلاف البرد في المناطق القريبة من جبال الألب، لم يكن هناك شيء يذكر، اكتشفنا بلداناً في اوروبا الشرقية وتعرفنا إلى انواع جديدة من الطعام. انه أمر ممتع... علينا التأقلم لا سيما ان قليلين من سكانها يتكلمون غير لغتهم الأم".