تسعى وزارة السياحة السورية إلى ترويج صورة البلاد الثقافية في العالم الغربي ضمن خطة سياحية متكاملة حتى العام 2020 تعتمد على المنتج السياحي المتوافر وعلى الإطار التاريخي والثقافي وعلى الأنشطة السياحية، والتي تهدف كلها إلى التكامل والترابط بين السياحة وقطاعات الاقتصاد الوطني. من هذا المنطلق قدم الاتحاد الأوروبي مساعدة تقنية بقيمة ثلاثة ملايين يورو ضمن برنامج تطوير السياحة الثقافية الذي بدأ منذ تموز يوليو 2002 ولمدة ثلاث سنوات، وذلك بهدف دعم جهود الحكومة السورية لتسويق البلد كوجهة ثقافية. وأوضحت المديرة الدولية للبرنامج ندى الحسن ل"الحياة" ان البرنامج يتضمن ثلاثة عناصر رئيسية هي: التسويق والترويج، والتدريب المؤسساتي، وإدارة المواقع التاريخية. وقالت: "وضع البرنامج خطة التسويق والترويج بالتوافق مع استراتيجية وزارة السياحة التي تأخذ في الاعتبار تعزيز استراتيجية التسويق الحالية للوزارة وتحسين أداء المكاتب السياحية في المعارض السياحية الأوروبية، إضافة إلى حملة تسويق خلال معرض سياحي أوروبي رئيسي بهدف تحسين نوعية المنتجات التسويقية في سورية وتطوير علاقات العمل بين المكاتب السياحية السورية والأوروبية وبين القطاعين العام والخاص في سورية". أما في ما يتعلق بالتدريب المؤسساتي، وهو البند الثاني من البرنامج، فذكرت الحسن "انه يخص كوادر وزارتي الثقافة والسياحة، ووضعت خطة التدريب بالتوافق مع النشاطات الخاصة بالبناء المؤسساتي والتي تغطي مواضيع متعددة تتضمن ادارة المواقع في المجالات المتعلقة بالنواحي الفنية والإدارية والسياحية ومقاييس حماية المواقع التاريخية من النواحي القانونية والفنية والإدارية وتقنيات التقديم ووثائق المنشورات الترويجية والنشاطات التسويقية وفعاليات أخرى، إضافة إلى تدريب الأدلاء السياحيين". ويهدف البند الثالث إلى إظهار المواقع التاريخية والحفاظ عليها وتطوير التقنيات الفنية والإدارية في إدارتها. وتم اختيار موقعين هما موقع تدمر المسجل على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، إضافة إلى موقع المدن المنسية الذي تسعى الحكومة السورية إلى تسجيله على لائحة اليونسكو. وأشارت الحسن إلى "أن اختيار موقع تدمر تم لكونه رمزاً في سورية و يحمل إمكانات كبيرة للتطور ولحاجته إلى تحسين طريقة تقديمه للزوار لأنه معقد من الناحية الإدارية، إذ أنه موقع مفتوح للزيارات غير النظامية ومعرض للأحوال الجوية القاسية الأمر الذي يجعله موقعاً هشاً للغاية". وأكدت "ان البرنامج سيحسن إدارة هذا الموقع بشكل ملحوظ وسيساهم في تحسين الموارد السياحية في المرافق القائمة ويحقق البنود الرئيسية لتطوير السياحة الثقافية من خلال المخطط العام للموقع وهندسته الطبيعية والذي يتضمن حركة المواصلات والزوار ومواقف السيارات ومعالجة الطريق الذي يخترق الموقع بحيث يزال أو يعاد تشكيله باستعمال مواد وألوان متناسقة مع البيئة المحيطة، إضافة إلى إقامة مركز للزوار يؤمن المعلومات حول الموقع عن طريق لوحات تفسيرية ومجسمات ومخططات". وإضافة إلى أعمال الحفاظ على معبد بعل، خصوصاً الواجهة الجنوبية بعد إزالة المبنى الإسمنتي الموجود هناك لبيع البطاقات، فان البرنامج يتضمن مخططاً للتدريب على إدارة الموقع من خلال تطبيق أساليب الحماية والإدارة السياحية وتحسين شروط الزيارات ومسارات السياح وتحقيق أمن الزائرين وإقامة نشاطات ثقافية وسياحية، إضافة إلى تسويق الموقع عن طريق توزيع الكتيبات والمخططات والملصقات وإنشاء صفحة على شبكة الانترنت. أما اختيار المدن المنسية، كما أوضحت الحسن، فجاء كونها موقعاً رائداً وتعتبر نوعية جديدة نسبياً في مجال الإدارة السياحية، وتمثل مشهداً طبيعياً وثقافياً في الوقت نفسه. وهذه المدن عبارة عن سلسلة من قرى مهجورة تعود الى العصر المسيحي المبكر وتقع ضمن طبيعة جبلية خلابة في شمال غرب سورية وتتوزع على أراضي ثلاث محافظات هي حلب وإدلب وحماه. ويبدو أن الجهود التي بذلت سابقاً لإنقاذ هذه المدن وحمايتها لم تثمر إذ أنها لا تزال عرضة لغزو السكان. وسيعمل البرنامج على تنفيذ مشروع في هذه المواقع بالتنسيق مع خطة المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية وتتضمن إقامة حديقة أثرية ومسارات للمشاة تنطلق من قلعة سمعان إلى مواقع دير سمعان والرفادة والقاطورة وخربة الشيخ بركات لمسافة سبعة كيلومترات. وسيضع البرنامج كل الدراسات اللازمة في قلعة ودير سمعان لإظهار الموقع والحفاظ عليه وتحديد قوانين الحماية ووضع خطة إدارة الموقع والمشروع الهندسي لإقامة مركز للزائرين. وستنفذ نتائج الدراسات بتمويل من وزارة الثقافة السورية. كما سينتج البرنامج كل الوثائق الضرورية لدعم هذه الأعمال. واعتبرت الحسن أن البرنامج سيسمح بوضع أسس السياحة البيئية لتطويرها وانطلاقها بحيث يكون من السهل إعادة تطبيق مكوناتها على مواقع أخرى أقل تعقيداً تجمع بين الثقافة والطبيعة وبين التخطيط الإقليمي والإدارة السياحية. وأوضحت "ان عدم ظهور نتائج المشروع على ارض الواقع على رغم مرور حوالي العام على البدء به يعود إلى الأسلوب الأوروبي في إنجاز المشاريع والذي يمر بفترة تحضيرات طويلة تتم خلالها كافة الدراسات والمخططات و تذليل الصعوبات المحتملة. ومن المؤكد أن نتائج هذا المشروع ستظهر خلال الشهور المقبلة".