يجمع خبراء المال والاستشارات الاقتصادية على ان البداية العملية لترتيب سوق الاسهم السعودية كانت اعتباراً من العام 1983 عندما صدر قرار بحصر تداول الأسهم عن طريق البنوك المحلية. وتم على اثره تشكيل لجنة وزارية من وزير المالية والاقتصاد الوطني ووزير التجارة ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي للاشراف على تطوير السوق ورسم السياسات والضوابط والانظمة والتعليمات الخاصة بها ووضع استراتيجية قيامها بدور حيوي ورئيسي في الاقتصاد السعودي. وتعد هذه البداية التي تؤرخ لها بيوت الخبرة المصرفية الخطوة المهمة في سوق الاسهم السعودية التي شهدت تطورات كبيرة منذ النصف الاول لثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم. وتميزت عمليات تطوير سوق الاسهم في المملكة بخصوصيتها واسلوبها الذي يتم بشكل تدريجي لاستيعاب مراحل التطوير بشكل مناسب لاطراف وعناصر السوق الثلاثة الاساسية: مستثمرون، شركات مساهمة، بنوك. ونتيجة لقصر اعمال الوساطة بالأسهم على البنوك المحلية نجد ان الاخيرة تمارس مهامها في هذا المجال منذ ذلك الوقت مدشنة مرحلة مهمة في اسواق المال والاستثمار في السعودية. ومع البدايات المبكرة في الثمانينات وضعت اللبنة الأولى لتنظيم السوق ووضع أسسه الرئيسية، مع تخصيص وحدات تداول مركزية في البنوك. والمهم في هذه الجزئية كان العنصر البشري حيث تم تدريب الموظفين القائمين على هذه الوحدات لتقديم خدمات الوساطة بالإسهم وفق اساليب حديثة. والبنوك هي الأقدر في نظر الخبراء على القيام بذلك لكونها مؤسسات تخضع لاشراف مؤسسة النقد، كما تخضع للرقابة والمتابعة المستمرة منها. ويعزز قدرة المصارف على القيام بهذا العمل ما تتمتع به من الاستقرار والاستمرار في خدمة عملائها بمختلف الظروف. مؤسسة النقد العربي السعودي دعمت هذا التوجه ضمن خطط شاملة تتوافق والطبيعة الجغرافية الواسعة للسعودية واتساع رقعتها، لتطوير الخدمات البنكية بمكننة عمليات شراء الاسهم المحلية وبيعها في منتصف 1990. وأصبحت عمليات تداول الأسهم وتسويتها وتحويل ونقل ملكيتها تتم بطريقة الكترونية عن طريق ربط وحدات التداول المركزية بالبنوك بالحاسب الآلي المركزي بمؤسسة النقد، وبتقنيات متقدمة في التداول الالكتروني. النظام الآلي للتداول النظام الآلي لتداول الأسهم السعودية واكب الاتجاه السائد عالمياً في معظم اسواق الأوراق المالية التي تحولت من اسواق تقليدية إلى الكترونية تتم فيها عمليات التداول والتسويات الكترونياً. واتخذت السعودية هذا الاتجاه لمواكبة الدول المتقدمة في هذا المجال حيث توفر التقنية الحديثة مزايا عدة لأسواق الاسهم من الاستفادة من عنصر الوقت والجهد والسرعة في الانجاز وسهولة في التعامل. الميكنة المصرفية في السعودية والتي استثمرت بها البنوك اموالاً كبيرة انعكست على المستثمرين في السعودية ومهد لها نحو 1300 فرع للبنوك في المناطق تقدم قرابة 500 فرع منها معلومات عن أسعار التداول أولاً بأول، وان نحو 400 فرع تقدم خدمات ادخال أوامر الشراء والبيع آلياً، الأمر الذي ساعد في تقديم خدمات شراء وبيع الأسهم بمستوى كفاءة مرتفع بمختلف المناطق ولجميع المتعاملين معها. وبلا شك اثبتت التجربة العملية ليس في السعودية فقط بل في مختلف الدول ان مكننة التداول كانت مجدية وناجحة وقد قللت من المخاطر والأخطاء. كما ان الأسواق الالكترونية اسرع وأكثر دقة وكفاءة في تنفيذ الصفقات وتسويتها ونقل ملكيتها بحيث انعكس ذلك كله على الفئات المختلفة للمستثمرين. ونتيجة لهذا أصبحت سوق الأسهم السعودية أول سوق الكترونية في منطقة الشرق الأوسط، وصارت عملية تنفيذ الصفقة تتم في لحظات، كما اصبحت التسويات تتم في اليوم نفسه. والمتابع للتحسينات والتطويرات التي شهدتها سوق الأسهم في السعودية والمتمثلة في تطوير نظام تداول الأسهم الالكتروني الذي حقق نجاحاً متميزاً كبيراً في عمليات التداول والتسويات والتقاص وتسجيل الملكية، فقد تواصلت عملية التطوير بهدف تدعيم سوق رأس المال وتنظيمها لتواكب الاسواق المالية الدولية المتطورة. فقد تم اتخاذ العديد من الخطوات المهمة لتدعيم سوق رأس المال وزيادة شفافيتها وكفاءتها، ابرزها: - انهاء دراسة هيكل سوق رأس المال السعودية بالتعاون مع البنك الدولي. - اقرار وتطبيق مبادئ وتعليمات الافصاح والتي توضح ضوابط تداول رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة والمديرين التنفيذيين فيها والتصريح عن المعلومات والاحداث والتغيرات المهمة التي من شأنها التأثير في سعر سهم الشركة. - اضافة للضوابط الخاصة بتداول المستثمرين والوسطاء، ومنع استغلال المعلومات الداخلية بهدف توفير الحماية للمستثمرين وتوفير الشفافية وعدالة التعامل المتعاملين كافة من دون تمييز. ولعل أبرز ما شهدته السوق التي تعد الاوسع في المنطقة تجزئة القيمة الاسمية لأسهم الشركات المساهمة من 100 ريال إلى 50 ريالاً سعودياً. والواضح ان الهدف من هذا الاجراء زيادة السيولة وتعميق الاداء في السوق نتيجة زيادة عدد المعروض من الأسهم وتوحيد القيم الاسمية لأسهم جميع الشركات المساهمة، وحقق الإجراء نتائج جيدة وملموسة انعكست على الحركة في السوق و حجم التداول. وأدى إقرار وتطبيق شروط ومتطلبات إدراج اسهم الشركات المساهمة في النظام الآلي لتداول الاسهم السعودية الى زيادة الشفافية التي تحتاجها السوق وتوفير معلومات منتظمة عن الشركات المساهمة للمستثمرين تساهم في تشجيع هؤلاء على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية من معلومات واضحة. وجاء صدور ضوابط تحويل الشركات الى شركات مساهمة ليضمن حقوق المساهمين ويشجع الشركات للتحول إلى شركات مساهمة تؤهلها لقدرات أكبر وتمكنها من التوسع والنمو. وايضاً تعديل انظمة وإجراءات صناديق الاستثمار بالاسهم المحلية لتتلاءم مع تطور سوق الاسهم وزيادة أحجام التداول فيها، ما أعطى المرونة لإدارات صناديق الاستثمار بالاسهم المحلية لزيادة وتنويع استثماراتها، وتشجيع الاستثمار بها. كما ان إلزام الشركات المساهمة بنشر تقاريرها المالية بهدف توفير معلومات صحيحة ومستمرة عن الشركات المساهمة على مدار العام اعطى الفرصة لاطلاع المستثمرين عليها. أما خطوة السماح للاجانب بالاستثمار في سوق الاسهم السعودية من خلال قيام البنوك المحلية بانشاء صندوق استثماري مخصص للاستثمار في سوق الاسهم السعودية تتيح للاجانب تملك وحدات فيه، وقد تم إدراج هذا الصندوق في بورصة لندن، وعمل على فتح السوق بشكل تدريجي لاستقطاب الاستثمار الاجنبي وتعريف المستثمر الاجنبي بالمناخ الاستثماري والفرص الاقتصادية الاستثمارية المتاحة. ومن التطورات التي انعكست على سوق المال السعودية إدراج سوق الأسهم ضمن مؤشر الاسواق الناشئة التي تشرف عليه مؤسسة التمويل الدولية IFC. وجاء انضمام المملكة إلى مؤشر مؤسسة التمويل الدولية اعترافاً بأهمية وقدرة هذه السوق واحتلالها مركزاً متقدماً في قائمة الأسواق الناشئة المدرجة في قاعدة بيانات المؤسسة من خلال مؤشرات عدة في مقدمها القيمة السوقية، والمعدل اليومي لقيمة الاسهم المتداولة، اضافة إلى مؤشر نسبة السعر إلى الربح السنوي PE/R. ويرى خبراء السوق والمتعاملون ان نشر أسعار ومعلومات الاسهم السعودية من خلال نظام ESIS WEB إلى المستثمرين عن طريق البنوك المحلية، يمكّن المستثمرين من الحصول على هذه الخدمة للاطلاع على أسعار الأسهم السعودية ومتابعة الاسعار والمعلومات و زيادة شفافية السوق وضمان سلامة التعامل لكافة المستثمرين. كما تم تحديث بث مؤشر أسعار الاسهم السعودية ليصبح آنياً بحيث يتغير هذا المؤشر آلياً بعد تنفيذ كل صفقة في النظام الآلي. نظام "تداول" دشن نظام "تداول" في سوق الاسهم السعودية منذ 6 تشرين اول اكتوبر 2001، ومن أهم ما يتميز به: التحول من إشعارات الملكية إلى الحسابات الإلكترونية للاسهم، والتسوية الآنية ونقل الملكية مباشرة عند التنفيذ، وتوفير معلومات السوق والشركات عبر موقع تداول على الشبكة الالكترونية "انترنت" بالربط المباشر لأنظمة البنوك ما يتيح تقديم خدمات متقدمة مثل التداول عبر الشبكة. وأثبت نظام "تداول" نجاحه منذ التطبيق والذي تعكسه الارقام القياسية في حجم ومبالغ التداول والتي تسجل ارتفاعاً مستمراً. صناديق الأسهم وتشير التقارير الاقتصادية الى ان صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية تصدرت قائمة الصناديق والمحافظ الاستثمارية التي تديرها البنوك السعودية خلال العام الماضي، وتفوقت على كافة صناديق الاستثمار في الأسواق العالمية ومنها الأوروبية والآسيوية والأميركية. وتتحدث مؤشرات الأداء الاستثماري عن تحقيق 11 صندوقاً في الأسهم السعودية المراكز الأحد عشر الأولى بين الصناديق الاستثمارية الرابحة لدى البنوك السعودية خلال العام الماضي. والمعروف أن الصناديق الرابحة تستثمر أصولها في الأسواق الإقليمية والدولية، وفي قطاعات مختلفة من الاسهم والسندات والنقد والمتاجرة والعملات. منها صندوق المتاجرة بالأسهم السعودية للبنك السعودي البريطاني، وصندوق الاسهم السعودية 2 لبنك الرياض، وصندوق المضاربة الشرعية بالاسهم السعودية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار، وصندوق المتاجرة بالأسهم المحلية للبنك السعودي الأميركي، وصندوق المساهم للبنك السعودي الأميركي، وصندوق الرياض للأسهم السعودية، وصندوق الأسهم السعودية للبنك السعودي البريطاني، وصندوق الأهلي للمتاجرة بالأسهم السعودية للبنك الاهلي التجاري وصندوق الرياض للأسهم 1 لبنك الرياض وصندوق المتاجرة بالأسهم السعودية للبنك السعودي الهولندي، وصندوق الاستثمار السعودي للبنك السعودي الفرنسي، وصندوق الطيبات للأسهم السعودية الذي يديره بنك الجزيرة، وصندوق العربي لاسهم الشركات السعودية للبنك العربي الوطني. وتنقسم صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية لدى البنوك إلى ثلاث فئات حسب المجال الاستثماري. واستطاعت صناديق الاستثمار في أسواق الأسهم العالمية تحقيق عوائد مهمة، فقد حققت سوق الاسهم اليابانية افضل أداء متفوقة على مثيلاتها من الأسهم الآسيوية والأميركية والأوروبية. وتشير التقارير الى ان الصناديق الاستثمارية التي تديرها البنوك السعودية حققت ارباحاً. وتستثمر هذه الصناديق اصولها في الاسهم المحلية والعالمية والسندات الدولية والمتاجرة والنقد بعملات مختلفة اهمها الريال السعودي والدولار الاميركي واليورو الاوروبي والين الياباني والجنيه الاسترليني.