سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نسبة اقتراع قياسية والقوى الأمنية ضبطت إشكالات واتهامات بالتزوير . بلديات جنوب لبنان : "منازلات" بالجملة بين "امل" و"حزب الله" ومعركة ساخنة في صيدا ... وحاصبيا تستنسخ الشويفات
لم يشهد الجنوب في تاريخ الانتخابات البلدية في لبنان هذه الكثافة في الإقبال على صناديق الاقتراع، وهي كثافة سمحت بتحطيم الرقم القياسي للإقبال، وفتحت الباب على احتمال مفاجآت، خصوصاً ان المنافسة الساخنة لم تقتصر على البلدات الشيعية بين القوتين الأساسيتين "حزب الله" وحركة "امل"، بل امتدت لتشمل صيدا، بين لائحتين، واحدة مدعومة من رئيس الحكومة رفيق الحريري وأخرى من تحالف النائب اسامة سعد وعبدالرحمن البزري، ومنها انتقلت الى جزين التي شهدت فرزاً حاداً بين النائب سمير عازار وحليفيه كميل سرحال ومارون عزيز وخصومه في "لقاء قرنة شهوان" المعارض "والتيار الوطني الحر" العماد ميشال عون، ما يعني ان المعارك التي غطت الساحة الجنوبية لم تكن بين موالاة ومعارضة بمقدار ما كانت ضمن "موزاييك" سياسي متنوع. ذلك بعدما تعددت التحالفات وخضعت لأوسع عملية "خلط اوراق" حيث اضطرت جميع القوى والشخصيات الى الانخراط في المعركة. مهما اختلفت اسماء اللوائح وتعددت شعاراتها السياسية في البلدات الشيعية، كانت المنافسة واحدة طرفاها "حزب الله" وحركة "امل" على رغم ان القوى الأخرى استعدت لها، واقتصر همها الوحيد على حجز مقاعد لمناصريها ومحازبيها على لوائح المنازلة الشيعية - الشيعية التي استخدمت فيها "أدوات الشغل" حتى كادت تقترب من "المحرمات" التي زادت من حال الاستنفار ودفعت بأعداد كبيرة من المقترعين الى ساحة المعركة جاؤوا من اماكن اقامتهم في خارج الجنوب، وخلقت اجواء من الاحتكاك المباشر غلب عليها طابع الاحتقان وسادتها اشكالات راوحت بين الفني بسبب وجود اخطاء في لوائح الشطب، والأمني بفعل استخدام القوة واللجوء الى الأدوات الحادة والعصي في بعض الأحيان للسيطرة على الموقف، قبل ان تدخل القوى الأمنية اللبنانية التي انتشرت بكثافة، لفك الاشتباك. ولم تكن اجواء المنافسة في البلدات غير الشيعية اكثر هدوءاً، لا سيما في بلدة حاصبيا التي كانت من حيث الترشح والاقتراع بمثابة نسخة طبق الأصل عن موقعة الشويفات جبل لبنان حيث انحصرت المنافسة بين الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة وبين الحزبين السوري القومي الاجتماعي والديموقراطي اللبناني الوزير طلال ارسلان من جهة ثانية، بعد ان انسحب في آخر لحظة من المعركة النائب انور الخليل وقرر الوقوف على الحياد، وطلب من مرشحيه على لائحة التقدمي العزوف في آخر لحظة عن الترشح. واتسمت المنافسة في بلدات برج الملوك، مرجعيون، القليعة قضاء مرجعيون بالهدوء، وجاءت نسبة الاقتراع متواضعة جداً وخصوصاً في الأخيرة التي لم يسمح فيها لنحو 400 ناخب بالاقتراع بسبب أحكام صادرة في حقهم بتهمة التعامل مع اسرائيل، اضافة الى ان ألف ناخب لا يزالون في اسرائيل. وكان لافتاً ان المعارك التي دارت في "مثلث الرعب" الانتخابي الذي يضم الخيام وميس الجبل وبنت جبيل وبنسبة اقل في عيترون سجلت اعلى نسبة اقتراع. ونظراً الى شدة المنافسة، لم يترك الطرفان الحركة والحزب اي مريض إلا وحملوه الى صناديق الاقتراع التي شهدت إشكالات ناجمة عن ضبط حالات تزوير عدة، خصوصاً بين النساء. وقال مصدر بارز في "أمل" ل "الحياة" ان الحركة ستطالب بإعادة الانتخاب في الخيام بعدما ضبط مندوبوها عمليات تزوير لم تتم معالجتها. ولم تكن النبطية خارج حلبة الصراع. فعدوى المنافسة انتقلت إليها، بين لائحة الحزب وأخرى مدعومة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وإمام البلدة الشيخ عبدالحسين صادق وانضم إليها في ساعة متأخرة "سبقت ولادتها" الحزب الشيوعي انسجاماً مع تحالفاته مع "امل" في البقعة الشيعية، بخلاف الخيام التي رفض المسؤولون الحزبيون فيها الالتزام بقرار قيادتهم المركزية، ما اضطرها الى فصلهم من الحزب. وبدا ممثل "امل" الوزير علي حسن خليل وحيداً في الخيام ضد خليط من القوى اليسارية بزعامة "حزب الله" الذي اسند رئاسة اللائحة الى علي زريق المسؤول في "هيئة امداد الإمام الخميني". صور على الطريق الساحلية الى مدينة صور علقت صورتان كبيرتان متجاورتان لرئيس المجلس النيابي رئيس حركة "أمل" نبيه بري وللأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله. خط على الأولى "يا ويلنا من بعدك يا دولة الرئيس" وخط على الثانية "أمة كبرت بك يا سيدي". والعبارة الأولى التي تعبر عن حال القلق التي تساور "الحركيين"، كانت متناقضة مع الوضع في مدينة صور حيث كان مناصرو "أمل" أكثر حركة واطمئناناً الى سير العملية، حتى ان بعضهم حسم النتيجة قبل حلول الظهر. وقال أحد مسؤولي ماكينة الحركة "ان المعركة محسومة ولولا العيب والحياء لرحلنا". ونجح "حزب الله" في تشكيل لوائح جمعت بين الأضداد من حزب البعث العربي الاشتراكي عاصم قانصوه الى التيار الأسعدي الرئيس كامل الأسعد وبينهما عدد من النواب القدامى الذين حضروا "للثأر من بري". وكانت حرب الإشاعات حاضرة بكثافة، فغدت كأنها جزء من ادوات المعركة ليس بغية التعبئة وحشد المحازبين فحسب وإنما لممارسة اشكال من "الابتزاز" من طريق تخويف بعض الناخبين عبر افتعال مشكلات. لكن كل هذا لم يؤد الى إحباط العزائم او التقليل من شدة المنافسة بل اتاح الفرصة لوجود "قوة ثالثة" كان ينظر إليها على انها صامتة اختارت لوائحها الخاصة في شكل عزز الحديث عن ان كثرة التشطيب قد تفتح الباب امام حصول مفاجآت ستترجم بخروقات في اكثر من بلدة. صيدا الزحمة الخانقة التي شهدها صباحاً مدخل الجنوب في أولى مدنه صيدا، بشّرت بكثافة الاقتراع التي لامست ال70 في المئة. وكانت المناوشات الكلامية تشغل الطرفين المتنافسين من مندوبيهم أمام المراكز الى قياداتهم. المنافسة كانت بين لائحتي "ارادة صيدا" برئاسة عبدالرحمن البزري التي تحظى بدعم النائب اسامة سعد، و"الوفاء لصيدا" برئاسة عدنان الزيباوي التي تحظى بدعم تيار رئيس الحكومة رفيق الحريري. وهذا ما عبرت عنه لافتاتهم الكثيرة في المدينة ومنها "يوم 23 أيار مايو ابناء صيدا يستردون القرار" مذيلة بتوقيع "ارادة صيدا" و"منهم الكذب والشعارات ومنا العمل والانجازات" مذيلة بتوقيع "الوفاء لصيدا". والكلام عن دفع المال والرشاوى كان كثيراً وصريحاً. فبعض مندوبي لائحة "ارادة صيدا" كانوا يقولون لدى توزيعهم اللوائح على الناخبين "نحن لا نبيع ضميرنا ولا نعمل من أجل المال". وتحدث النائب سعد عن "ضغوط تمارس على المواطنين وخصوصاً العاملين في مؤسسات الحريري، وهناك استخدام أكبر للمال". وقال البزري بدوره "ان هناك رشاوى وشراءً للضمائر". وأضاف: "كنا نتمنى ان يحيد الرئيس الحريري نفسه لأن حجمه اكبر من المدينة"، عازياً سبب تدخله الى "الاحباط الناتج من ممارسات تياره". وردت النائبة بهية الحريري على هذه التصريحات، معتبرة ان "هناك ماكينة تفبرك اشاعات تشكل عدتهم الانتخابية". وأضافت: "لكن أبناء صيدا لهم رأي وسيردون على ذلك من خلال النتائج". وهذا ما أكده الزيباوي واصفاً المعركة بأنها "أهم المعارك". ووصف وزير المال فؤاد السنيورة اللائحة المدعومة من الحريري بأنها "متوازنة وتعبر عن كل الفئات". كل من الطرفين جيّر كثافة الاقتراع لمصلحته، الا ان بعض المحايدين رأوا عدم امكان فهم ما يحصل من الحركة في الخارج، اذ لا يمكن أحداً ان يعرف ما يوضع في الصناديق. جزين - مغدوشة محاولة المعارضة المسيحية التعويض عن خسارتها في الانتخابات البلدية في جبل لبنان دفعتها الى حشد كل قواها في معركة جزين، فبدت البلدة، امس، ساحة لشتى انواع وسائل الجذب للناخبين، بدءاً من اللافتات التي تركز على "رياح التغيير" و"الحرية والكرامة"، والصور الكبيرة التي علقت على الجدران للرئيس المنتخب الراحل بشير الجميل والعماد ميشال عون، اضافة الى خطبهما التي اختير منها ما هو على علاقة بسورية و"المقاومة اللبنانية" والتي كانت تبث من مكبرات صوت، مروراً بتجنيد كل الشباب في الماكينة الانتخابية وحتى الأطفال، فارتدى مندوبو لائحة المعارضة التي حملت اسم "الكرامة" اللونين الأزرق والبرتقالي، فيما اعتمدت لائحة "الاعتدال" التي تحظى بدعم نائب البلدة سمير عازار اللون الأخضر وعلق انصارها لافتات تقول "لا للتطرف والمتطرفين". والحماسة التي أطلقها التنافس بين اللائحتين انعكست إقبالاً على صناديق الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولى حيث غصت الأقلام المخصصة للإناث بالناخبات وإن خلت لوائح المرشحين من اي سيدة الى عضوية البلدية، في حين ضمت لائحة المخترة التي تعود للمعارضة اسم مرشحة واحدة. وقال النائب السابق ادمون رزق معارضة: "ان النساء كن متحمسات اكثر لدفع الرجال الى الترشح من ترشيح انفسهن"، من دون ان يفسر سبب ذلك. وعلى رغم محاولة بعض داعمي اللائحتين التقليل من المنحى السياسي للمعركة الانتخابية في البلدة، إذ قال النائب عازار ل"الحياة": "نحن ننتخب اشخاصاً نعرفهم ويعرفوننا"، وقال رزق: "انا معارض لكنني لا أنقل معارضتي الى جزين"، فإن عضو "لقاء قرنة شهوان" جان عزيز القوات اللبنانية اكد "ان المعارضة تمكنت من البقاء موحدة وتصرفت بنضج في جزين في مواجهة السلطة التي نزلت بقوة الى البلدة بعدما تعاطت بلا مبالاة معنا في جبل لبنان". وتحدث السفير السابق سيمون كرم عن ضغوط سياسية مورست على المعارضة وعن رشاوى وقال: "نحن نرصد مجموعة اشخاص يتحركون ولن نتوانى عن كشف الأمور إذا ضبطناهم بالجرم المشهود". وفي المقابل تحدثت ماكينة "لائحة الاعتدال" عن ضغوط مورست على ناخبين يعملون لدى اشخاص في لائحة المعارضة "هددوهم بلقمة عيشهم ان انتخبوا لمصلحة لائحة الاعتدال". ووصفت اوساط هذه الماكينة الكلام عن تدخل للرئيس بري في اللوائح بأنه "مزحة بشعة"، معتبرة ان "لا مشاريع واضحة لدى مرشحي المعارضة للبلدية المقبلة، وإذا ما نجحوا فجل ما سيفعلونه هو قص شريط مشاريع نفذتها البلدية السابقة". وانعكس التوتر الحاصل بين مؤيدي اللائحتين سجالاً بين مندوبين للطرفين في احد مراكز الاقتراع استدعى تدخل الجيش اللبناني. ولم يخفِ بعض الناخبين توجهه الى تشكيل لوائحه الخاصة، ما جعل احتمال ترجيح فوز احدى اللائحتين تكهناً في غير محله. اما بلدة مغدوشة التي تستقبل زوارها بأحواض الورود على جانبي طرقاتها وهي من صناعة البلدية السابقة التي استقالت قبل خمسة اشهر لخلافات بين اعضائها، فإن المعركة الانتخابية فيها بدت حامية بين لائحة تحظى بدعم الوزير ميشال موسى ولائحة اخرى تضم رئيس البلدية السابق. وقال عنه موسى: "دعمناه في السابق وانقلب علينا"، ما جعل المعركة في البلدة محلية بامتياز يخضع فيها المرشحون الى تقويم نقدي من الناخبين الذين راحوا يشكلون لوائحهم الخاصة. ومن المرشحين الى الانتخابات البلدية عميد سابق في الجيش الياس الخليل قال عن ظاهرة ترشح عسكريين سابقين الى الانتخابات: "ان دورنا لم ينته بعد ولدينا طموح"، في حين اعتبر المرشح الى المخترة الشاب سامي خليل ان عمله جوهرجياً لا يمنعه من ان يكون مختاراً.