دوري عنيد    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    موجز    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في ختام التعاملات    لك حق تزعل    اتفاقات مع "قسد" في طريق التعافي بخطوات ثابتة.. سد تشرين والنفط تحت إدارة الدولة السورية    القمة الثلاثية تطالب بوقف إطلاق النار ودعم دولي للسلطة الفلسطينية    الأميرة هيفاء آل سعود: الفعاليات الرياضية استقطبت 14 مليون سائح    الهلال.. مجد تحول لأطلال    خسارة النصر.. تغربل الهلال قبل النخبة الآسيوية    في ظهوره الثاني هذا الموسم.. جماهير الاتحاد تشيد بمستوى الأسباني هيرنانديز في ديربي الغربية    "يلو 28".. قمة الوصافة وديربي حائل في أبرز مواجهات الجولة    موهبة عالمية جديدة على رادار الهلال    هل حان الوقت لالغاء الموافقات التأمينية؟    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    نقاط التحول    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    موجة تفشى الحصبة الحمراء في أمريكا    ماذا بعد العيد؟    "أكيارولي».. قرية إيطالية يشيخ سكانها دون أمراض    طيران الرياض وأسعار التذاكر    اقتصاد وطني قوي    الأراجيف ملاقيح الفتن    رجال الأمن صناع الأمان    100 ألف ريال غرامة تأخر الإبلاغ عن الحاج أو المعتمر المنتهية مدة إقامته    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأميركي تطورات الأوضاع الإقليمية    قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    6% نموا سنويا في سوق الصدامات بالمملكة    بين النصّ الورقي و الأرشفة الرقمية.. حوار مع إبراهيم جبران    حوارات فلسفية في تطوير الذات    25% انخفاضا بمخالفات هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    بين التقاليد والابتكار.. أين شريكة الحياة؟    أخضر الناشئين يعاود تدريباته بعد التأهل لكأس العالم    الموظف واختبار القدرات    العراق: المحادثات بين السوداني وقادة الفصائل تحرز تقدماً    يوم الصحة العالمي.. المملكة تعزز الوعي    أكثر من 8000 مستفيد من خدمات " إرادة" في رمضان    حضور لافت لثقافات متعددة بمعرض ليالي في محبة خالد الفيصل    قادة مصر والأردن وفرنسا يدعون إلى عودة فورية لوقف إطلاق النار في غزة    فيصل بن بندر يستقبل محافظ الدرعية وأمين الرياض    أمير جازان يدشّن حملة سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «طويق»    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    أمانة جمعية الكشافة تقيم حفل معايدة لمنسوبيها    السعودية تتأهل لكأس العالم لكرة القدم تحت 17 عاما للمرة الرابعة في تاريخها    "أمالا" تُثري بينالي الفنون الإسلامية بجلسات حوارية وورش عمل مبتكرة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    منصة TikTok فرعية للفنانين    هجوم دموي جديد يعمق معاناة المدنيين في السودان    «أبوظبي» يطلق مؤشراً لقياس «قوّة ارتباط المجتمع باللغة العربية»    سمو أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أمير جازان يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 19 - 05 - 2004

عرضت على القراء أمس كتاب "خطة الهجوم" من تأليف بوب وودوارد، وقلت انه تركني حزيناً محبطاً وأنا أجد مصير العراق والأمة في أيدي محافظين جدد متطرفين من أنصار اسرائيل. ولم أكد أضع الكتاب جانباً حتى تلقيت من دار نشر اتعامل معها عرضاً لكتاب جديد هو "سياسة الصدق" من تأليف جوزف ولسون، وهذا سفير أميركي سابق أرسلته ادارة بوش للتحقيق في موضوع محاولة العراق شراء يورانيوم من النيجر، وقرر ولسون ان القصة كلها كذب، فكان ان غضب عليه أركان الإدارة، وقاد حملة تشويه سمعته لويس ليبي، مدير مكتب نائب الرئيس وأحد أحقر المحافظين الجدد الذين سربوا الى وسائل الإعلام ان فاليري بالمه، زوجة ولسون، عميلة لوكالة الاستخبارات المركزية، ما عرضها للخطر وأفسد عملها السري.
لن أقرأ كتاب ولسون فقد تعبت من الكتب المتعبة التي تظهر سيطرة أتباع اسرائيل على أجهزة الحكم والإعلام في أميركا. ولا بد من أن القارئ تعب معي، لذلك اخترت اليوم أن أعرض كتاباً مسلياً هو "ما كان يمكن أن يكون: تاريخ خيالي من مؤرخين بارزين".
أشرف على جمع مادة الكتاب وكتب مقدمته المؤرخ أندرو روبرتس، والفكرة ليست جديدة، فقد صدرت كتب عدة في السابق تفترض نتيجة مغايرة لما حدث فعلاً، مثل أن يربح النازيون الحرب العالمية الثانية. وكنت قبل سنوات عدة تحدثت عن كتاب من هذا النوع يقرر أن الألمان لم يتحملوا النازيين، فجرى انقلاب عسكري في الخمسينات، وقتل هتلر وعادت المانيا دولة ديموقراطية.
الغريب أن الكتاب الجديد ازدان بصورة لرائد فضاء على سطح القمر يضع علماً نازياً، بدل العلم الأميركي المعروف في صورة نيل ارمسترونغ على سطح القمر سنة 1969، ومع ذلك فالكتاب خلا من فصل عن انتصار النازية.
أول فصل يتحدث عن تاريخ نعرفه هو هزيمة الأسطول الاسباني الارمادا قبالة سواحل جنوب بريطانيا في القرن السادس عشر. الا ان المؤرخة آن سومرست تفترض هذه المرة أن الإسبان انتصروا، فتنتصر الكثلكة في بريطانيا، وتخفق الملكة اليزابيث الأولى، وتعين ايزابيلا ابنة فيليب الثاني ملكة في مكانها.
بين التاريخ المعروف الآخر ما نعرف من هزيمة نابوليون في روسيا التي سقط خلال سنتين بعدها. الا ان المؤرخ ادم زامويسكي يكتب هذه المرة أن نابوليون انتصر ووجد في موسكو من يستسلم له، بدل ان يجدها مهجورة كما في التاريخ الحقيقي، ويعود الى فرنسا حيث يعين أنصاره وأقاربه ملوكاً على بلدان أوروبا التي تصبح كلها امبراطوريته.
وتوقفت أمام قصة تاريخية لم أكن أعرفها هي "حادث ترنت"، وهذه سفينة بريطانية اعترضتها سفينة حربية أميركية، وأرغمتها على تسليم اثنين من رجال دولة الولايات الجنوبية الانفصالية. في التاريخ الحقيقي انتهى الحادث من دون ذيول، ولكن المؤرخة أماندا فورمان تفترض ان الحادث أدى الى حرب بين بريطانيا والولايات الأميركية الشمالية، ثم تفترض أن نتيجة لهذه الحرب خسرت بريطانيا مستعمرتها الكندية.
كيف كان شكل العالم لو أن الأرشدوق فرانز فرديناند لم يقتل في ساراييفو ما أطلق الحرب الأولى العظمى؟ أو أن محاولة اغتيال لينين في محطة القطار في فنلندا نجحت فعلاً؟ أو أن ستالين فر من موسكو أمام جحافل النازيين سنة 1941؟ أو أن اليابانيين لم يهاجموا بيرل هاربر؟ أو مارغريت ثاتشر قتلت في انفجار القنبلة في برايتون خلال مؤتمر حزب المحافظين سنة 1984؟
بعض المؤرخين عكس آماله أو أحقاده، وسايمون هيفر افترض بعد "موت" ثاتشر ان مايكل هزلتاين أصبح رئيس الوزراء، فخرب الحزب والبلاد لأن الكاتب يعتبره مغروراً وشخصية خِلافية.
أما كونراد بلاك، الناشر السابق لمجموعة "التلغراف"، فهو قرر انه حتى لو لم يهاجم اليابانيون بيرل هاربر، لكان فرانكلن روزفلت وجد عذراً لخوض الحرب بهدف إلحاق هزيمة بالنازيين.
والفصل الذي كتبه بلاك محاضرة ثقيلة الدم لا شيء أثقل منها في الكتاب سوى فصل كتبه ديفيد فروم، وهو أحد المحافظين الجدد، وافترض فيه ان آل غور فاز بالرئاسة الأميركية.
هو فاز بالرئاسة، ولكن المحكمة العليا الأميركية عينت جورج بوش رئيساً، الا ان هذا ليس موضوع تاريخ ثقيل الدم ديفيد فروم، فهو قرر أن غور بعد ارهاب 11/9/2001 وصف الهجوم بأنه "خاطئ" ورفض مهاجمة العراق حتى لا يغضب صديقه جاك شيراك، ثم طرد جو ليبرمان واليهود من الإدارة ليبرمان سناتور وليس في الإدارة وأعاد تيمور الشرقية الى اندونيسيا واسبانيا الى سورية، وأخذ في الاعتبار وجهة نظر المسلمين.
فروم حقير مثل شريكه ريتشارد بيرل، وهو يحاول أن يرسم صورة للرئيس الديموقراطي كرجل متخاذل في مقابل رئيس جمهوري حازم يعلن الحرب على الارهاب.
إذا كان هناك ارهاب في العالم فهو ارهاب حكومة آرييل شارون، وارهاب الاعتذاريين لها وشركائها في الجريمة، وهؤلاء هم الذين سعوا الى الحرب في العراق فقتل فيها أميركيون وجنود من دول حليفة وألوف العراقيين.
أترك فروم يلغ من اناء شارون، واختتم بتاريخ افترض أن ينتصر فيه جمال عبدالناصر في حرب 1967. وفي حين نعيش الآن كارثة خسارة تلك الحرب، فإنني عندما فكرت في الوضع العربي بعد "النصر" لم أجد سوى محاولة الرئيس المصري استغلال شعبيته الهائلة بعد النصر لقلب الأنظمة الملكية العربية، بدءاً بحليفه في الأردن، ثم المملكة العربية السعودية وغيرها. وكنت كلما زدت على السيناريو وجدت مزيداً من الخلاف والخراب، وقررت أن أتوقف لأنه يكفي ما نحن فيه اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.