على وقع الذكرى الثانية لمجزرة جنين التي أحياها الفلسطينيون بتكريم شهدائهم والاصرار على حقهم في الحياة بكرامة، اجتاحت قوات الاحتلال الاسرائيلية مدينتي نابلس وطولكرم واقتحمت عدداً من القرى المحيطة بمدينة رام الله حيث شنت حملات اعتقال واسعة النطاق، وذلك في تصعيد عسكري اسرائيلي غير مسبوق رافقه اقتحام باحات الحرم القدسي الشريف. تزامن ذلك مع حصار مشدد مفروض على المحافظات الفلسطينية من رفح جنوباً وحتى جنين شمالاً في غفلة من المجتمع العربي والدولي المنشغل بهمومه الداخلية. خرجت جنين بجماهيرها أمس في مسيرة حاشدة تخليداً لذكرى شهدائها واستنكاراً لعملية التدمير المنهجي الذي طاول نحو 1250 منزلاً على مدى اسبوع في مثل هذه الايام من العام 2000 في اطار ما عرف اسرائيلياً ب"عملية السور الواقي العسكرية". وكان لسان حال الفلسطينيين الذين يرزحون منذ ذلك الوقت تحت وقع حرب اسرائيلية هي الاعنف، يقول: "ما اشبه اليوم بالامس، وان كان القتل والتدمير في حينة نفذ بالجملة فانه ينفذ اليوم بالمفرق". ففي نابلس التي فرض على مواطنيها حظر التجول، اقتحمت اكثر من 70 آلية عسكرية اسرائيلية المدينة ومخيماتها بعد منتصف ليل الجمعة - السبت بقليل، وسط اطلاق كثيف للنار وقنابل الصوت. وشن الجيش حملات دهم وتفتيش، وحول اسطح عشرات المنازل الى نقاط مراقبة وبعض البنايات السكنية الى ثكنات عسكرية بعد ان اخرج سكانها منها وزج بسكان كل بناية في شقة واحدة ومنعهم من الخروج. واكدت مصادر فلسطينية ان قوات الاحتلال اعتقلت ما لا يقل عن 40 مواطنا حتى الان، فيما اصيب فلسطيني على الاقل بنيران قوات الاحتلال، وخمسة اخرون على الاقل جراء اصابتهم بالاعيرة المعدنية والمطاط. وخرج صبية الى ازقة البلدة القديمة ومخيم عين بيت الماء لرشق الجنود بالحجارة. وذكرت مصادر عسكرية اسرائيلية ان الحملة العسكرية ضد نابلس التي كان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون اشار في وقت سابق الى "ضرورة معالجتها"، ستتواصل اربعة ايام على الاقل. اقتحام مستوطنة في طولكرم وفي طولكرم، اجتاحت القوات الاسرائيلة المدينة واغلقت بجرافاتها العسكرية مداخلها بالسواتر الترابية الضخمة، فيما بدأت بحملة دهم وتفتيش. وجاء اقتحام المدينة في اعقاب تسلل فلسطيني الى مستوطنة "آفني حيفتس" القريبة واطلاقه النار باتجاه احد المنازل في المستوطنة بحسب الرواية الاسرائيلية التي اشارت الى ان الفلسطيني قتل خلال تبادل لاطلاق النار مع قوات الاحتلال بعد ان قتل مستوطناً واصاب مستوطنة اخرى. وقالت المصادر العسكرية الاسرائيلية ان منفذ العملية التي تبنت حركتا "حماس" و"الجهاد الاسلامي" المسؤولية عنها تمكن من الدخول الى المستوطنة المحصنة عن طريق ثغرة في السياج المحيط بها. وفي منطقة رام الله، اقتحمت القوات الاسرائيلية قريتي خربثا المصباح وكفر عين شمال المدينة وقامت بعمليات تفتيش استفزازية بحثاً عن ناشطين فلسطينيين. وقال شهود ان الجنود تعاملوا بفظاظة غير مسبوقة مع اهالي القريتين، خصوصاً الاطفال والنساء والشيوخ حيث ارغم الجميع على قضاء ساعات الليل في العراء اثناء خضوعهم لتحقيق في الميدان. وتتعرض القرى المحيطة برام الله منذ فترة طويلة الى عمليات دهم واقتحامات مشابهة تقوم خلالها قوات الاحتلال باعتقال اعداد متزايدة من الفلسطينيين. وقدرت مصادر حقوقية فلسطينية ان يكون عدد الفلسطينيين الذين احتجزوا في الشهر الاخير بالمئات، مشيرة الى صعوبة احصاء اعدادهم لان عمليات الاعتقال لا تتوقف. شهيدان في قطاع غزة وفي رفح جنوب قطاع غزة، قصفت المروحيات الاسرائيلية منازل المواطنين في المخيم بشكل عشوائي في ساعات بعد الظهر ولم يبلغ عن اصابات حتى الآن. وتوغلت القوات الاسرائيلية لليوم الثاني على التوالي في المدينة. وقتل فلسطينيان قرب مخيم البريج وسط قطاع غزة في حادثين منفصلين، فيما قالت قوات الاحتلال انه جرى اطلاق النار عليهما بسبب حملهما اسلحة.