يختلط مفهوما اليمين واليسار في إيران بخاصية محلية تخرج عن مألوف الفكر السياسي الذي يضع المفهومين في سياقين متناقضين حيال طرائق التفكير والتصورات المتعلقة بالنظريات الاقتصادية وأشكال الحكم والدولة. وإذا كان هذان "المفهومان" فرضا تداولهما حتى في الأدبيات الإعلامية والسياسية الايرانية، ومثلهما، مفهوما المحافظة والاصلاح، فإن التدقيق في الأجنحة السياسية المنضوية تحت راية هذا التيار أو ذاك، وقراءة برامجها الاقتصادية وتطلعاتها السياسية والثقافية، تجعل المسافات أكثر تقلصاً واقتراباً في ما بينها. غير ان النظر في الطموحات الذاتية لهذه التيارات، من خلال تمسك بعضها بالسلطة، أو اندفاع بعضها الآخر، الى تغيير قواعد اللعبة السياسية وتعزيز مواقعه فيها، يجعل المسافات أكثر ابتعاداً. ومن هنا ربما كان مفهوما الموالاة والمعارضة، ومن دون أي دلالات اقتصادية - سياسية - ثقافية، أكثر التصاقاً بالحياة السياسية الايرانية. وحتى هذه الموالاة والمعارضة، قد تفقد الكثير من معناها، حين تتم الاشارة الى سيطرة المعارضة الاصلاح - اليسار على رئاسة الجمهورية من خلال السيد محمد خاتمي وعلى مجلس الشورى البرلمان، الذي يسيطر الاصلاحيون المعارضون - اليساريون على أكثر من مئة وسبعين من مقاعده الحالية. هذا المدخل، قد يكون ضرورياً، من أجل الاقتراب من تعقيدات الواقع الايراني وخصوصياته. ومثالاً على ذلك، خاض الاصلاحيون في السنتين الاخيرتين، معركة خصخصة التعليم العالي، الأمر الذي الذي دفع بالروابط الطالبية الى النزول الى الشارع ومطالبة خاتمي بالاستقالة، وتالياً، عزوف هذه الروابط عن دعم الاصلاحيين في الانتخابات البلدية التي جرت في شباط فبراير من العام الماضي، في حين أن الرئيس السابق الشيخ هاشمي رفسنجاني، المحسوب على المحافظين في هذه الآونة، فتح الطريق أمام الاقتراض من الخارج، وكان ولا يزال، يتبوأ صدارة الداعين الى اطلاق حرية السوق. الأمر الآخر، في "الالتباس" الايراني، يكمن، في "متضادات" كل فريق. ف"المحافظون" غير ميّالين الى سيطرة الدولة المشددة على الاقتصاد، باعتبار ان رجال "البازار" قاعدتهم السياسية والتمويلية، وعلى العكس من ذلك. يقف الاصلاحيون، مع دور اقتصادي قوي للدولة. ولا يبقى من فروقات بين الطرفين سوى مطالبة الاصلاحيين بحريات سياسية داخلية أوسع. لكن مثل هذه المطالبة تمتد الى قطاع واسع في تيار المحافظين، من رموزه رفسنجاني ووزير الخارجية السابق على أكبر ولايتي. وهنا بالضبط، قد تكون مهمة الاشارة الى أن وزير الثقافة السابق، عطاء الله مهاجراني، الذي أزيح من منصبه بضغط من المحافظين، كان من قياديي حزب "كوادر البناء" الذي يُعتبر رفسنجاني رمزه الروحي، كما أن غلام حسين كرباستشي، عمدة طهران السابق الذي أدخله المحافظون الى السجن وأطلقوا سراحه العام 2000، من اتباع رفسنجاني أيضاً، فيما رئيس البرلمان الحالي، مهدي كروبي والسيد علي أكبر محتشمي وآية الله اردبيلي ومير حسين موسوي، رئيس الوزراء في عقد الثمانينات من القرن الماضي، كانوا محسوبين على التيار المتشدد، فيما هم الآن من رموز التيار الاصلاحي، ومعهم أيضاً، بهزاد نبوي، رئيس منظمة "مجاهدي الثورة الاسلامية"، التي تشكل أحد أجنحة الاصلاحيين. السباق الى البرلمان وعلى خلفية المواقع المتناقضة السابقة الذكر، يعيش الشارع الايراني حمأة انتخابات مجلس الشورى السابع، وهي انتخابات تبدو معركتها شبيهة بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1997، وليس انتخابات مجلس الشورى السادس عام 2000. ومرد ذلك ان الانتخابات الرئاسية قبل سبع سنوات، سبقتها عملية تشكّل وفرز للقوى السياسية الطامحة للإمساك بالقرار الايراني، فجاءت نتائج الانتخابات الرئاسية معبّرة عن تحول في الأداء السياسي، فضلاً عن تحولات اخرى اختزلت انتقال ايران من مرحلة وقف النار مع العراق 1988 التي امتدت الى ما يقارب عشر سنوات، الى مرحلة ما بعد الحرب وما يصاحب عادة هذه المرحلة من صراعات وتشنجات وظهور نخب سياسية جديدة وطامحة، فيما شكلت انتخابات مجلس الشورى السادس عام 2000 تكريساً لهذه التحولات، فأحكم "الاصلاحيون" سيطرتهم على السلطة التشريعية، بعدما كانوا سيطروا على السلطة التنفيذية في الانتخابات الرئاسية. وبناء على ذلك، غدت مواقع القرار الايراني موزعة على الفريقين: ف"ولاية الأمر" والسلطة القضائية ومجلس صيانة الدستور ومجمّع تشخيص مصلحة النظام والمجلس الأعلى للأمن القومي من نصيب المحافظين، والسلطتان التشريعية والتنفيذية من نصيب الاصلاحيين. وكل هذا انتج صراعات بين المؤسسات، تختصرها مناخات الانتخابات الحالية المقرر اجراؤها في 20 من الشهر الجاري. وكما غدا معروفاً، فإن الصراع بين مؤسسات صناعة القرار الايراني يكاد يختزله الصراع بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور، والأخير، وفقاً للدستور، هو الركيزة الثانية من السلطة التشريعية، إذ يؤكد الدستور على لا مشروعية مجلس الشورى من دون وجود مجلس صيانة الدستور المادة 93، وفوق ذلك، فإن مجمل العمليات الانتخابية التي تجري في ايران، بدءاً من انتخاب مجلس الخبراء الذي ينتخب ولي الأمر، الى انتخاب رئيس الجمهورية، الى الاستفتاء العام، كلها خاضعة لاشراف مجلس الصيانة، مع ما يعني ذلك من نظر في أهلية المرشحين وفي قانونية نجاحهم بعد العمليات الانتخابية. ومن النقطة المتعلقة بأهلية المرشحين توسعت دائرة الصراعات الانتخابية. فبعدما رفض مجلس صيانة الدستور 3605 مرشحين من أصل 8156 مرشحاً، ردّ أعضاء مجلس الشورى باعتصام في 11 الشهر الماضي في قاعة البرلمان، ثم قدّم 130 نائباً استقالاتهم، احتجاجاً على ما سموه تعسفاً من جانب مجلس صيانة الدستور. وإذا كانت وجوه بارزة من الاصلاحيين أدرجت في خانة عدم الأهلية، من بينها محمد رضا خاتمي ورجب علي مزروعي ومحسن ميردامادي، وبهزاد نبوي ومحسن أرمين، فإن تبريرات مجلس الصيانة كما جاءت على لسان رئيسه آية الله جنتي، تمحورت حول التأكيد على ان الموافقة على أهلية مرشح ليست أبدية. فكل المرشحين، بمن فيهم النواب الحاليون، خاضعون لإعادة النظر في أهليتهم، ولذلك ارتفع عدد النواب غير الحاصلين على موافقة مجلس الصيانة، الى 87 نائباً، مع الاشارة الى ان الانتخابات النيابية التي جرت عام 2000، والتي تقدّم لخوضها 6858 مرشحاً، استبعد مجلس صيانة الدستور نحو 25 في المئة منهم. استراتيجيات الأطراف المتصارعة منذ تبلور التيار الاصلاحي عشية الانتخابات الرئاسية عام 1997، شهدت ايران عمليتين انتخابيتين على مستوى البلديات 1999 - 2003، وثالثة على مستوى السلطة التشريعية 2000، فيما العملية الانتخابية الرابعة، تتداعى أجواؤها في هذه الآونة. وفي كل هذه العمليات الانتخابية كان الاصلاحيون يلجأون الى ترشيح الألوف من أنصارهم. وهذا الكم الكبير من الترشيحات يُعتبر جزءاً من خطة هدفها استدراج المحافظين الى "استراتيجية المنع"، من خلال ايقاعهم في كمين الأهلية وعدم الأهلية. وفي الواقع، كان المحافظون يقعون في هذا الكمين، ولا يزالون، والحصيلة ان المشهد يستقر على استفادة الاصلاحيين من موقع الضحية، ونبذ الناخب الايراني المحافظين الذين يحتلون موقع التطرف والتشدد. ومع ان الترشيحات الحالية لا تخرج عن السياق الآنف الذكر، فإن "الكمين الاصلاحي"، أوقع "المحافظين" مرة أخرى. غير ان الاضافة الحالية، تمثلت في استبعاد 87 نائباً من قائمة الترشيحات، وإذا كانت عملية المراجعة التي جرت بعد ذلك، أسفرت عن اعادة النظر في مئات الأسماء، إلا أن ذلك أضعف الثقة في مجلس صيانة الدستور، وأكد من جهة ثانية نجاح استراتيجية الاصلاحيين الذين سيعمدون بعد ذلك الى دفع الآلاف من مرشحيهم لعدم خوض الانتخابات، للحؤول دون تبعثر الأصوات، وهو الأمر الذي كان يحدث في كل العمليات الانتخابية السابقة. هذه هي الملامح الرئيسية لاستراتيجية الاصلاحيين، ولكن قبل استكمال الملامح والأهداف الأخرى، ينبغي التطرق الى أهداف المحافظين وأسباب لجوئهم الى المنع والتضييق. اذ تتداخل أهداف عدة في استراتيجية المحافظين التضييقية والتقييدية، منها: 1 - اثبات الذات وتأكيد امساكهم بمفاصل رئيسة من مواقع صناعة القرار والسلطة. 2 - العمل على تثوير مناصريهم من خلال مدّهم بمصل العصبية والتكاتف، وهذه إحدى أهم وسائل التحريض المعروفة لدى مختلف القوى السياسية. 3 - السعي الى استبعاد الرموز القوية للتيار الاصلاحي أو بعض منها، لتسهيل التنافس الانتخابي مع مرشحين اصلاحيين غير أقوياء وغير معروفين، وبالتالي دفع رموز محافظة قوية ومعروفة لخوض الانتخابات، خصوصاً في طهران 30 نائباً، و5،6 مليون ناخب في مواجهة مرشحين اصلاحيين مغمورين. 4 - استغلال الخلافات بين أجنحة التيار الاصلاحي من خلال الموافقة على ترشيحات البعض، ورفض ترشيحات البعض الآخر، والعمل على اظهار الذين رُفضت ترشيحاتهم بأنهم مجردون من الشعور العام وأسرى مواقعهم السياسية والذاتية. 5 - إشغال الاصلاحيين في مناخات دفاعية قانونية عن الانصراف الى الحملات الانتخابية. 6 - خفض سقف الاصلاحيين في التعديلات الدستورية، بخاصة في ما يتعلق بدور مجلس صيانة الدستور وصلاحياته، ودفع الاصلاحيين الى التنازل عن المطالبة بالتعديلات المذكورة، أو عن جزء منها، وكذلك الحال مع التعديلات التي يطالب بها الاصلاحيون في شأن السلطة القضائية وصلاحيات الولي الفقيه أيضاً. 7 - فتح معركة رئاسة الجمهورية المقررة السنة المقبلة منذ الآن. 8 - إحباط الناخبين المؤيدين للتيار الاصلاحي، خصوصاً ان القاعدة الناخبة للاصلاحيين" التي شهدت اتساعاً في السنوات السابقة أكثر من 70 في المئة، بدأت بالتململ من انعدام قدرتهم على تنفيذ وعودهم وتطبيق برامجهم. وأكثر ما تجلى ذلك في الانتخابات البلدية التي جرت في شباط فبراير من العام الماضي، وأدت الى خسارة الاصلاحيين المجالس البلدية في معظم المدن الايرانية الكبرى، بما فيها طهران التي سيطر المحافظون على 14 من مقاعد مجلسها البلدي من أصل 15 مقعداً. والأهم من ذلك كله ان مصطفى تاج زادة الذي رأس قائمة حزب "جبهة المشاركة"، فشل في الحصول على مقعد في المجلس البلدي للعاصمة. وانطوت الانتخابات البلدية في إيران في العام الماضي على تراجع كبير في المشاركة الانتخابية. ففي وقت تعدت أرقام الذين يحق لهم الانتخاب 41 مليوناً، لم يذهب الى صناديق الاقتراع أكثر من 16 مليون ناخب. وبالانتقال الى ملامح استراتيجية الاصلاحيين وأهدافها يمكن القول: أ - ان الاصلاحيين من خلال الدفع في اتجاه ترشيح الآلاف من أنصارهم إنما سعوا الى ايقاع المحافظين في كمين التشدد وهذا ما نجحوا به. ب - استخدام راية الاستضعاف، وهي الراية التي أفادتهم كثيراً في العمليات الانتخابية السابقة. ج - التأكيد للناخب الايراني على ان الفشل في الاصلاحات الموعودة سببها امساك القوى المتشددة بالقرار. د - السعي الى محاولة اصطفاف الاصلاحيين في جبهة واحدة، بعد الخلافات التي أظهرتها السنوات السابقة، وعكستها الانتخابات البلدية العام الماضي، اذ خاض الاصلاحيون، آنذاك، هذه الانتخابات بخمس قوائم انتخابية متقاتلة ومتنافسة، هي: 1 - حزب جبهة المشاركة، 2 - حزب كوادر البناء، 3 - التحالف القومي الديني، 4 - حزب التضامن، 5 - حركة تحرير ايران، فيما خاض المحافظون الانتخابات في قائمة واحدة مما أسفر عن فوزهم. ه - الاستفادة من الضغط الخارجي، اذ ان اي مطالبة دولية باجراء انتخابات نزيهة في ايران، يعتبرها الاصلاحيون لمصلحتهم. و - التحضير لمعركة رئاسة الجمهورية في العام 2005، فكلما تراجعت حدة التقييد على الترشيحات، تتسع دائرة ترشيحات الاصلاحيين وتكبر. آفاق وتوقعات وخلاصة ما تقدم تفضي الى القول ان التيارين، الاصلاحي والمحافظ، أسرى العديد من التكتيكات والأدبيات والخطابات المجردة والهلامية، وربما هذا ما انتبه اليه السيد محمد خاتمي، بالقول في 16 - 8 - 2000، "ان اخطار رفع مستوى المطالب وتوقعات الشعب، تُعتبر خيانة بحق الشعب". ومثل هذا القول، تمكن قراءته من جانبين: الأول، يتعلق بالطروحات الفضفاضة من جانب بعض أجنحة الاصلاحيين، مثل رفع الرقابة في صورة كلية عن الصحافة والفنون والحريات السياسية، والذهاب الى حد المطالبة بالديموقراطية الشعبية، وهي طروحات لا تلقى إجماعاً داخل التيار الاصلاحي الذي يضم نحو 18 حزباً تراوح تلاوينها السياسية من يسار الوسط الاسلامي ومنه خاتمي وكروبي ومحتشمي، الى القوى اليسارية العلمانية وبعضها على وسطية وبعضها الآخر على غلو، الى أجنحة قومية وسطية وقومية شوفينية. أما الجانب الآخر من القراءة ذات الصلة بقول خاتمي حول عدم رفع مستوى المطالب، فلها علاقة بالجانب المحافظ، وهذا الجانب أيضاً ليس واحداً، بل يضم 17 حزباً وجناحاً، بعضها في يمين الوسط، ويلتقي في الكثير من طروحاته مع يسار الوسط الاصلاحي رفسنجاني - ولايتي - حسن روحاني، وبعضها الآخر، يستقر على تطرف ديني، اضافة الى ان القوى الناخبة للطرفين، تكاد تنقسم عمودياً. فمع المحافظين يقف رجال البازار، وهؤلاء لهم مصالحهم ومواقعهم وأدوارهم من الخطأ تجاوزها، فضلاً عن وقوف المحرومين والفقراء مع هذا التيار المحافظ في حين أن التيار الاصلاحي الذي يمثل غالبية الناخبين، قواعده الأساسية من الطبقة الوسطى وطلبة الجامعات والمثقفين وسكان المدن، وتحديداً، المناطق والأحياء الراقية في هذه المدن. ومن خلال هذا التفصيل السريع لقواعد الطرفين المتصارعين، تبدو الوسطية حلاً مقبولاً لكلا الطرفين، فبالنسبة للاصلاحيين، وبخاصة يسار الوسط منهم، تبدو عملية دفع الأمور الى المواجهة مغامرة غير محسوبة النتائج، اذ من شأن المواجهة المفتوحة ان تؤدي الى ارتفاع شعبية الطروحات الراديكالية في التيار الاصلاحي، مما قد يسفر عن خسارة يسار الوسط لمواقعه أو تقلصها وفقاً لأقرب التقديرات، كما ان الأمر اياه يُنتج راديكالية أوسع في التيار المحافظ، وهي راديكالية دينية، لو تمت تغذيتها عبر المواجهة، فلن تفعل سوى انتاج "طالبانية" ايرانية. والأمر نفسه، ينطبق على التيار المحافظ، فالتقدم نحو المواجهة، يغذي الجانب الراديكالي في بعض أجنحته، فتفلت الأمور من يديه، ولهذا، فإن المحافظة على يمين الوسط ويسار الوسط تبدو ملائمة لطرفي الصراع. إلا أن المسألة التي يمكن تناولها تتمثل في كيفية محافظة التيارين على قواعدهم الناخبة، وفي هذه النقطة بالتحديد يبدو الفريق "المحافظ" أكثر تماسكاً وأكثر قدرة على الاستفادة من كتلته الناخبة الصلبة، فمنذ انتخابات عام 1997، حافظ هذا التيار على قاعدة ناخبة قوامها سبعة ملايين ناخب، وأظهر تماسكاً واضحاً بين أجنحته المختلفة، اذ ان قوائمه الانتخابية دائماً موحدة، وكذلك قوته التجييرية، فيما التيار الاصلاحي، الذي تراوح كتلته الناخبة بين 70 و75 في المئة غير موحّد، لا في الخطاب السياسي ولا في الخطاب الاقتصادي ولا في الخطاب الديني، وكتلته الناخبة غير متماسكة، وهذا ما دلّت اليه الانتخابات البلدية العام الماضي، عندما قاطعت أجنحة في هذا التيار، وذهبت أجنحته الأخرى الى خوض الانتخابات في قوائم متنافسة. بطبيعة الحال، لا يعني هذا كله ان الانتخابات التشريعية المقبلة تميل لمصلحة المحافظين، إنما مقاصد القول تدور حول استقرار وضعية المحافظين وتأرجح وضعية الاصلاحيين. وبهذا المعنى، فإن المهمات الملقاة على "الاصلاحيين تبدو باهظة، إذ عليهم، تنشيط فاعليتهم وتوحيد صفوفهم، وإعادة استقطاب القوى الطالبية التي لم تشارك في الانتخابات البلدية العام الماضي، فيما لا يحتاج المحافظون الى كل هذه الفاعلية والنشاط. وأخيراً، يبقى القول، انه في وقت يبدو المحافظون مطمئنين الى كتلتهم الناخبة، واستطراداً، عدد مقاعدهم في مجلس الشورى المقبل، فهذا، ما لا ينطبق على الاصلاحيين، ذلك ان أي تراجع في نتائج الانتخابات، ومهما كان حجمه، فلن يعني سوى انتصار خصومهم. * كاتب لبناني.