أعلنت السلطات الأمنية السعودية ان الجثة المجهولة التي عثر عليها مطلع شباط فبراير الجاري في منطقة صحراوية شمال الرياض تعود للمطلوب أمنياً الرقم 23 عامر بن محسن بن مريف آل زيدان الشهري 23 سنة الذي كان ضمن عناصر ارهابية اقتحمت قوات الأمن في الخامس من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، موقعاً كانت تلتقي فيه، في حي السويدي جنوبالرياض. ووقع اشتباك آنذاك بالأسلحة الاوتوماتيكية والقنابل بين تلك العناصر وقوات الأمن، نتجت عنه اصابة الشهري بطلق ناري أحدث جرحاً في الجانب الأيسر للبطن، اضافة الى اصابة في اليد اليمنى. ونقلت العناصر الارهابية الشهري الى غرفة عزلت بألواح من الفلين لمنع سماع انينه، كما منع زملاؤه عنه الطعام والشراب ما عدا بعض السوائل، وعالجوه بوسائل بدائية جعلت حاله تزداد سوءاً، الى ان تعفن الجرح. واقترح بعض العناصر تسليمه الى اهله، لكن المتنفذين بينهم رفضوا ذلك، وازدادت حاله سوءاً، الى ان توفي في الاسبوع الأخير من كانون الأول ديسمبر الماضي، وحفر له قبر على طريق الرياض - القصيم خارج منطقة الرياض، ودفنه زملاؤه باستخدام قطع من الخشب، وسوّي القبر بالأرض، لئلا يتمكن أحد من التعرف اليه. وأفاد مصدر مأذون له في وزارة الداخلية في تصريح صحافي امس، ان الاجهزة الأمنية "تمكنت من ضبط عناصر من المنتمين الى هذه العناصر الارهابية واكتساح اوكارهم، وبينها المكان الذي سبق ان احتجز فيه الشهري من قبلهم، بعد اصابته في تبادل للنار في 5 شباط فبراير، واظهرت التحقيقات معهم تفاصيل اصابته حتى وفاته ودفنه، اذ استخرجت الجثة وعرضت على مركز الطب الشرعي الذي اثبت في تقريره انه غير متناقض مع افاداتهم، نظراً الى تحلل الجثة مع الإشارة الى وجود كسر متفتت في احد الأضلاع، ووجود جزءين لمقذوف ناري في الصدر، وكسر متفتت في اسفل اليد اليمنى". وتابع المصدر ان تحليل الحمض النووي اثبت ان صاحب الجثة هو المطلوب عامر بن محسن بن مريف آل زيدان الشهري، واستوفيت كل الاجراءات وسلمت جثته لأسرته التي أدت الصلاة عليه عند مقبرة "المنصورية" في الحائر جنوبالرياض. وكان والد الشهري، قبل معرفة مصير ابنه، وجه اليه نداءات لتسليم نفسه الى الجهات الأمنية، وسبق ان ابلغ السلطات منذ نصف سنة بتغيبه. وسافر الشهري للجهاد في افغانستان قبل أحداث 11 ايلول سبتمبر وقتل شقيقه زيدان اثناء الحرب الاميركية على "طالبان". ووجدت الجثة مدفونة على بعد 30 كيلومتراً في منطقة صحراوية شمال الرياض، قرب خيمة لرعاة الماشية. وكانت اجهزة الأمن اخذت عينات من دم والد الشهري مثل بقية المطلوبين على قائمة ال24 من العناصر الارهابية. يذكر ان الشهري التحق بالجامعة وعمل في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل سفره الى افغانستان، وفي الرياض كان يقيم مع والده في مسكن بحي السويدي، وهو واحد من 9 اشقاء. ونشرت "الحياة" في السادس من شباط نبأ العثور على الجثة، واحتمال ان تكون للشهري. واتصلت "الحياة" أمس بوالده الشيخ محسن بن مريف الشهري وجاء صوته حزيناً بعدما فرغ من دفن جثة نجله، مؤكداً انه التزم التعليمات الموجهة اليه من وزارة الداخلية السعودية. وقال الشيخ محسن: "لم أتبلغ سوى أمس في الساعة التاسعة صباحاً من أحد ضباط رجال الأمن يخبرني ان الجثة تعود لابني وعليّ الحضور لاستلامها للدفن". واشار الى ان الجثة كانت دفنت شهراً في الصحراء. وكشف ل"الحياة" ان الشيء الذي أثار حفيظة نجله هو عندما كان يتابع النشرة الاخبارية على شاشة احدى القنوات التلفزيونية الفضائية، إذ رأى أحد الجنود الاميركيين ممسكاً بمواطن عراقي ويطرحه أرضاً ثم يمطره بوابل من اللكمات. وزاد الشيخ محسن ان نجله بكى حينها بحرقة ولعن رؤية ذلك المشهد الذي يعيش فيه العراقي ذليلاً على أرضه. وأفاد انه كان شديد الكره للممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، لافتاً الى ان المشاهد الدموية في فلسطين كانت تسبب له نوبات بكاء. وروى ان ابنه ذهب الى افغانستان قبل احداث 11 ايلول بسنة تقريباً من دون اذنه، وانه وشقيقه زيدان اتصلا به في أحد الأيام ليعلماه انهما في باكستان في طريقهما الى افغانستان. وقال ان زيدان "استشهد هناك مع أوائل الذين قتلوا في الحرب الاميركية على الارهاب". وأفاد ان السلطات الأمنية اعتقلت نجله بعد سقوط نظام "طالبان" في كابول بنحو خمسة شهور، واطلق من سجن "عليشة" في الرياض حيث أوقف شهرين تقريباً، ثم قرر الزواج ولم يمض مع زوجته أكثر من ثلاثة اشهر ليعلن الطلاق منها بعدما حملت منه، وانجبت لاحقاً طفلاً سماه "هلال" لا يزال يعيش معها. واضاف ان ابنه عامر بعدما انهى الثانوية العامة التحق بكلية الدعوة في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض، لكنه لم يكمل الدراسة بسبب سفره الى افغانستان، وعندما عاد عمل اماماً لمسجد الحي الذي يقطنون فيه، اي حي السويدي الغربي بعد اختفاء اخيه الأصغر محمد 20 سنة. واكد ان عامر ليلة التفجيرات التي ضربت المجمعات السكنية في الرياض في ايار مايو الماضي، كان يجلس مع العائلة ويتابع الأخبار وكان يبدو على محياه "الأسى والحزن"، لكنه انقطع عن المنزل بعد التفجيرات بشهر تقريباً. ورجح ان يكون نجله ذهب الى العراق للمشاركة في العمليات ضد الاميركيين، خصوصاً انه كان تواقاً الى ذلك. وكان والد الشهري نفى في حوار سابق مع "الحياة" انه عرف بما يدور في ذهن نجله، خصوصاً ان الأخير كان محبوباً عند الناس ويحفظ القرآن الكريم، وغير انطوائي. وذكر انه كان يرغب في الزواج الصيف الماضي بعدما تقدم لخطبة فتاة من قبيلته في النماض جنوب السعودية. وللشهري ثلاثة اخوة أكبرهم صالح الذي يعمل مدرساً، ومحمد الذي أكمل الثانونية العامة، وعبدالله، واختان احداهما متزوجة.