انضم المغرب إلى دول الاتحاد الاوروبي ودول اخرى أعربت عن قلق واضح من استمرار تدهور سعر الدولار الأميركي الذي خسر نحو 20 في المئة من قيمته في أقل من سنة مقابل العملة الاوروبية، اليورو، التي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها 1.33دولار منذ إطلاقها عام 1999. وهبط سعر صرف الدولار ازاء الدرهم المغربي أمس إلى معدلات متدنية قياسية، حيث تم التبادل بالدولار بنحو 8.30 درهم، علماً انه كان يوازي عشرة دراهم قبل أقل من عامين، فيما قفز اليورو فوق حاجز 11 درهماً. وقالت مصادر مالية مغربية ل"الحياة"ان المغرب يشارك الاتحاد الاوروبي مخاوفه من استمرار تراجع سعر الدولار وتأثيره على التجارة الخارجية الدولية، لا سيما التجارة المغربية التي بدأت تفقد تنافسيتها في بعض القطاعات بسبب ارتفاع اليورو، خصوصاً النسيج والملابس والمنتجات الزراعية والفوسفات، حيث زاد العجز التجاري بنسبة 31 في المئة عام 2004. ويزيد حجم تجارة المغرب مع الاتحاد الاوروبي على 20 بليون يورو. وذكر البنك المركزي المغربي ان قيمة الواردات ارتفعت بنسبة 11 في المئة، فيما لم تنم الصادرات سوى بنسبة 4 في المئة. وساهمت السياحة وتحويلات المهاجرين، التي يتم معظمها باليورو، في تعويض خسائر التجارة الخارجية. لكنها لم تحد من التأثيرات السلبية على بعض القطاعات والشركات، في الوقت الذي يستعد الاتحاد الاوروبي لالغاء مقتضيات نظام الحصص الذي تستفيد منه الصادرات المغربية إلى الأسواق الاوروبية، خصوصاً قطاع النسيج والملابس الذي يؤمّن نحو ثلاثة بلايين يورو. وتشكّل الواردات الآسيوية إلى الأسواق الاوروبية منافساً قوياً للصادرات المغربية التي ظلت تحتمي بغطاء الاتفاقات الثنائية مع اوروبا، وهي أربعة أجيال من البروتوكولات منذ عام 1957. وأوضحت مصادر مالية ل"الحياة"ان الامتياز الوحيد الذي قد يحقّقه المغرب من دولار ضعيف هو تقليص حجم المديونية الخارجية التي تراجعت إلى 11 بليون يورو في مقابل زيادة المديونية الداخلية. وقال وزير المال فتح الله ولعلو، في تصريحات ل"الحياة"قبل سفره إلى دول الخليج للتعريف بفرص الاستثمار في قطاع الاتصالات،"ان المديونية الداخلية تشهد بعض الارتفاع نتيجة تمويلها عجز الموازنة والتدفقات السالبة للدين الخارجي". وأشار إلى"ان التمويل الداخلي يتسم بمزايا عدة، منها تفادي مخاطر تقلبات أسعار العملات ومعدلات الفائدة الدولية التي تصاحب الاقتراض الخارجي". ويقدّر إجمالي مديونية المغرب ب31 بليون دولار تمثّل 67 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وقد انخفضت قيمتها المقوّمة بالدولار، لكنها زادت في قيمتها المسجّلة باليورو والين والجنيه الاسترليني والفرنك السويسري. وكان المغرب وقّع مع البنك الدولي الشهر الماضي اتفاقاً لضمان مخاطر أسعار الصرف وتأثيراتها على حجم الديون الخارجية، التي أصبح المغرب يتجنبها إلا في حالات الضرورة. وتقدّر قيمة الاقتراض الخارجي السنة المقبلة بنحو 800 مليون دولار. المنطقة الحرة مع أميركا وينظر المغرب بقلق كذلك إلى استمرار تدهور سعر صرف الدولار، في الوقت الذي تستعد الرباط لإطلاق العمل باتفاق المنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة، بعد التصديق عليه من قِبل البرلمان. ويشير محلّلون إلى ان دولاراً ضعيفاً يسمح بغزو الأسواق المغربية بسلع أميركية رخيصة نسبياً قياساً لمثيلاتها الاوروبية. وفي المقابل، فإن الصادرات المصنعة المقوّمة باليورو قد تجد صعوبة في دخول الولاياتالمتحدة أو انها ستسوّق بأقل من قيمتها الأصلية، ما قد يزيد العجز التجاري مع الولاياتالمتحدة إلى أكثر من 500 مليون دولار من حجم تجارة يقدّر ب1.5 بليون دولار.