بين الكومبيوتر والتلفزيون تفاعل تقني واجتماعي يتصاعد باستمرار. وفي الفترة الاخيرة، مال صنّاع الكومبيوتر الى ادماج تقنيات الفرجة السمعية - البصرية في صلب اعمال الحاسوب. وفي المقابل، فإن صناعة التلفزة تشهد، منذ سنوات عدة، تغيرات جذرية بأثر من دخول تقنيات الكومبيوتر والانترنت الى الشاشات الفضية. كما جرت العادة في السنوات الاخيرة، يتوجه المتخصصون في البث والانتاج التلفزيوني، في الخريف، الى العاصمة امستردام للمشاركة في مؤتمر "اي بي سي 2004"IBC 2004 ومعرض، اللذان يعتبران الاكبر من نوعيهما عالمياً. وراهناً تستفيد تقنيات البث وشاشات التلفزة، من تقدّم تقنيات المعلوماتية والانترنت. وتهدف معظم تلك التقنيات الجديدة الى تخفيف كلفة الانتاج، عبر التقنيات الرقمية. وفي معرض "اي بي سي" لهذا العام، لوحظت اربعة اتجاهات رئيسية في تقنيات التلفزيون، يمكن عرضها على النحو الآتي: 1- تلفزيون الدقة العالية HDTV مما لا شك فيه ان جودة الصورة لم تشهد اي تحسّن في السنوات الخمسين الماضية. فمنذ اطلاق شركة "ان بي سي" لاوّل محطّة تبث بالالوان سنة 1953 لم تتغيّر تقنيّة البث والشاشات في شكل يذكر، مع ان التقنيات الحديثة قادرة على ايصال صورة اوضح بكثير مما نراه راهناً. ويتطّلب الامر تجديداً في الكاميرات وادوات البث واجهزة التلفزيون الجديدة، اضافة الى اعتماد نظام تقني موحد، لكي يستخدمة صانعو المعدات، ومحطات البث، ومنتجو المواد البصرية - السمعية. ويتمثل هذا النظام راهناً في تقنية "التلفزيون العالي الدقة" High Definition TV، واختصاراً HDTV. وينتشر في اليابان واميركا الشماليّة واستراليا. وخلال مؤتمر "اي بي سي 2004"، اعتبر احد اختصاصيي شركة "طومسون" العالمية ان تقنية "التلفزيون العالي الدقة" اصبحت ناضجة لكي تنتشر في اوروبا. ففي بريطانيا مثلاً، تنوي محطة "بي بي سي"BBC انتاج برامجها بهذه التقنية قبل العام 2010. وستشهد المانيا اول محطّة تبث مواد تتوافق مع التقنية عينها في العام 2005. ويحدث امر مشابه في فرنسا وبلجيكا. وتوقع الخبير نفسه ان تشكل مباريات كأس اوروبا بكرة القدم سنة 2006 نقطة التحوّل لانتشار هذه التقنيّة اوروبياً. وراهناً، يصل سعر جهاز تلفزيونHDTV الى نحو ثلاثة آلاف دولار. 2- التلفزيون التفاعلي Interactive TV مع انتشار الانترنت والهواتف الخليوية في الاعوام العشرة الماضية انتشرت ايضاً البرامج التلفزيونية التي تعتمد عليها لاعطاء المشاهد دوراً اكبر في تحديد مسار البرامج. فيستطيع المشاهد ان يتفاعل مع البرنامج التلفزيوني بواسطة موقع على الانترنت او بواسطة الاس ام اس، او، الام ام اس. ولعل هذه التقنية هي الاكثر انتشاراً. ولكن مفهوم التلفزيون التفاعلي اكبر من ذلك. فقد وضع تجمع شركات المصنعين نظاماً جديداً اسمه "ميلتيميديا هوم بلاتفورم" Multimedia Home Platform، واختصاراً MHP يمكّن من تصفح الانترنت على شاشة التلفزيون، اضافة الى الالعاب والتسوق والتصويت وغيرها. وتتنافس MHP مع تقنية تفاعلية اخرى، اسمها "التلفزيون المفتوح"openTV التي تحاول ايضاً ان تفرض نفسها. 3- البث الارضي الرقمي Digital Terrestrial تعتبر تقنية البث الرقمي قديمة نسبياً. وتستعمل راهناً في الفضائيات. وتتحوّل الى الاقنية الارضية. فبدل الحصول على 7 او 8 قنوات ارضية من دون لاقط، يمكن الحصول على 30 محطة او ربما اكثر. وبدأت المانيا باعتماد هذا النظام في مدينة برلين وغيرها. 4- تلفزيون بروتوكول الانترنت IPTV في لقاء مع "الحياة"، صرح محمد صلاح الدين، مهندس انظمة الانترنت، ان البث التلفزيوني عبر بروتوكول الانترنت Internet Protocol TV، واختصاراً IPTV ، هو الاوفر حظاً للانتشار في المستقبل المنظور. ففي القاهرة كما في الكثير من المدن، انتشر الانترنت السريع، عبر خطوط "دي اس ال"DSL ، اختصاراً لعبارة Digital Subscriber Line، وتمكّن من الحصول على قنوات التلفزة ايضاً. وبما ان الانترنت موصول في شكل دائم يستطيع المشاهد طلب البرنامج الذي يريده، كما يستطيع الحصول على دليل المحطات وغيرها . وفي المقابل، رأى المهندس محمود شطح، مدير شركة "سكتور" الالمانية للتلفزيون التفاعلي ان البنية التحتية المحلية سيكون لها تاثير كبير على انتشار التقنيات. ففي البلاد التي ينتشر فيها الكابل لا بد من انتشار التلفزيون التفاعلي، مثلما يحدث راهناً مع نظام MHP في ايطاليا و openTV في بريطانيا. وعلى هامش المعرض، عُلِم ان الحكومة القطرية ستطلق قناة عربية جديدة Pan Arabian Youth Channel PAYC للمشاهدين بين عمر 5 و 15 سنة. وتبث القناة عبر الاقمار الاصطناعية الى الدول العربية واوروبا. ووقعت شركة السلام العالميّة التي تدير المشروع عقوداً مع شركات سوني وافيد وغيرها لاستعمال احدث التقنيات الرقمية من دون الحاجة الى الاشرطة.