أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    وزير الدفاع اللبناني: لا حرية لإسرائيل في أراضينا    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    وزير النقل: انطلاق خدمة النقل العام بتبوك منتصف العام القادم    انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    وزير الموارد البشرية: إنجازات تاريخية ومستهدفات رؤية 2030 تتحقق قبل موعدها    المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع يختتم فعاليات نسخته الثالثة بالرياض    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    بدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين السعودية وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    وزير الصناعة: 9.4 تريليون ريال موارد معدنية في 2024    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمز فريد للنضال الفلسطيني من اجل الاستقلال
نشر في الحياة يوم 10 - 11 - 2004

قبل نحو أربعين عاماً، أحيى ياسر عرفات قضية شعبه الفلسطيني وقاده في معركة البحث عن الاستقلال والدولة - الوطن، سواء في ميادين القتال او في عواصم العالم وقواه العظمى، واضعاً دوماً حياته على حد السكين، لكنه عرف بدهائه السياسي وحسه الأمني العالي كيف ينجو من كمائن الأعداء ومكائد الاصدقاء، وكيف يخرج في كل مرة من أكثر الأوضاع خطورة بقدرة غير عادية على البقاء.
غير انه عندما وقف ببزته العسكرية في حديقة البيت الابيض يمد يده لمصافحة رئيس وزراء اسرائيل اسحق رابين وفي جيبه اتفاقات أوسلو التي تنص على قيام دولتين عربية ويهودية جنباً الى جنب، كان عرفات يخاطر بفقد الاجماع العربي والفلسطيني حوله، وتبين لاحقاً ان الضمانات الاسرائيلية لم تكن كافية لتعيش بعد اغتيال رابين أو قوية لتقاوم رغبات خلفه شارون في "سجنه" داخل مقره في رام الله حيث لم يترك له من "رئاسته" سوى اللقب، وحوله الى قائد لسلطة لا وجود لها واقعياً بعدما اعاد احتلال مناطق الحكم الذاتي.
منذ اكثر من اربعة عقود يمثل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رمز الفلسطيني من اجل الاستقلال.
انتخب الفلسطينيون "ابو عمار" الذي كانوا يشيرون اليه تحبباً باسم "الختيار" في 1996 بغالبية ساحقة رئيسا للسلطة الفلسطينية المنبثقة عن اتفاقات اوسلو للحكم الذاتي في 1993 واصبح بذلك رئيسا ل"دولة فلسطين" التي واصل التأكيد بأنها لا بد أن تقوم على الاراضي التي تحتلها اسرائيل منذ 1967 . ونال في 1994 جائزة نوبل للسلام.
نجح عرفات الذي يتمتع بحضور قوي ولا يعرف الكلل والكثير الاسفار، في تجاوز الكثير من العقبات والكبوات ليرفع القضية الفلسطينية من مشكلة لاجئين الى قضية شعب يناضل من اجل استقلاله.
والزعيم الذي تولى بلا منازع زعامة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ 1960 و1969 تباعا، عرفه العالم بكفيته البيضاء والسوداء وبزته العسكرية الخضراء.
وتحول عرفات تدريجيا الى بطل في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد ان اعطى إشارة الانطلاق للثورة الفلسطينية مع تنفيذ اول هجوم لحركة فتح في اسرائيل في الاول من كانون الثاني يناير 1965.
طردت قوات الملك حسين عرفات في المرة الاولى من الاردن في 1970 ثم اخرجته القوات الاسرائيلية من لبنان في 1982 ليتوجه الى تونس، لكن قدرته في كل مرة على النهوض كانت تعزز شعبيته في اوساط الفلسطينيين.
وليس لعرفات الذي نجا من محاولات اغتيال عدة منازع في الاراضي الفلسطينية. فقد اغتالت اسرائيل وريثيه المحتملين خليل الوزير ابو جهاد وصلاح خلف ابو اياد قبل سنوات عدة.
اما امين سر حركة فتح مروان البرغوثي الذي قدم بصفته ربيبه وخليفته المحتمل فحكمت عليه اسرائيل في حزيران يونيو بخمسة احكام بالسجن المؤبد. كما اغتال الجيش الاسرائيلي القادة الرئيسيين لحركة حماس بمن فيهم مؤسسها وزعيمها الشيخ احمد ياسين.
ويأخذ معارضو عرفات عليه الحيلولة دون ظهور جيل جديد من القادة الفلسطينيين مخافة الحلول مكانه. ورغم الانتقادات التي تتمحور خصوصا حول اسلوب قيادته المتفرد والموجهة الى الفساد الذي ينخر السلطة الفلسطينية، ظل عرفات يتمتع بشعبية كبيرة في الاراضي الفلسطينية. لكن هذا لا يمنع توجيه انتقادات من داخل الصف الفلسطيني لقصوره وعدم الوفاء بوعوده، لا سيما في ما يتعلق بالاصلاحات. غير ان كل هذا يصبح في طي النسيان ما ان يصبح ابو عمار هدفا للاسرائيليين كما حدث في كانون الاول ديسمبر 2001 عندما حاصرته قواتهم في مقر المقاطعة في رام الله.
ورغم التهديدات الاسرائيلية بإبعاده وحتى بتصفيته، لم يكف عرفات عن تبجيل "الشهادة" وتحية "الانتفاضة الباسلة" والتأكيد بأن زهرة فلسطينية او طفلا فلسطينيا سيرفع العلم الفلسطيني "فوق أسوار القدس الشريف".
ويحلم عرفات الذي عاد مظفراً الى الاراضي الفلسطينية في تموز يوليو 1994 بزيارة الشطر الشرقي العربي من القدس والذي يعلنه عاصمة للدولة الفلسطينية والصلاة في المسجد الاقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. ولم يكل عرفات من التأكيد امام ضيوفه "سنصلي معا في الاقصى. يرونها بعيدة ونراها قريبة".
حقائق مهمة عن ياسر عرفات
رام الله الضفة الغربية - رويترز - في ما يأتي نبذات مقتضبة عن ابرز القادة الفلسطينيين الذين قد يرشحون لخلافة الرئيس ياسر عرفات.
- أحمد قريع
رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع 66 عاما كان حليفاً مقرباً لعرفات منذ فترة طويلة والمفاوض الرئيسي في المحادثات السرية مع اسرائيل في أوسلو والتي أفضت الى اتفاقات السلام المرحلية في عام 1993. ويتمتع قريع وكنيته "أبو علاء" بسمعة طيبة باعتباره من أكفأ الساسة الفلسطينيين في قيادة المجلس التشريعي الفلسطيني، لكنه على عكس عرفات يفتقر للشخصية الجذابة ولا يتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين. وهدد بالاستقالة من رئاسة الوزراء مرات عدة بسبب عدم موافقة عرفات على منحه سلطات كافية لكنه كان يقتنع دوما بالبقاء في منصبه.
- محمود عباس
"ابو مازن" 69 عاما هو الرجل الثاني منذ فترة طويلة في منظمة التحرير الفلسطينية التي تزعمها عرفات وشارك في اعداد اتفاقات السلام المرحلية قبل نحو عشر سنوات والتي اعطت الفلسطينيين حكماً ذاتياً محدودا.ً عمل رئيسا للوزراء لمدة أربعة أشهر في عام 2003، لكنه استقال بعد أن خسر صراعاً على السلطة مع عرفات. تجنب عباس الظهور ولفت انتباه الرأي العام بقدر ما سعى عرفات لذلك. وهو معارض قوي لاستخدام العنف في الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي المستمرة منذ أربع سنوات وسعى لاقناع الاسلاميين بوقف هجماتهم على اسرائيل. وهو مثل قريع يفتقر للشعبية.
- مروان البرغوثي
البرغوثي 45 عاما معتقل في أحد السجون الاسرائيلية بتهمة تدبير عمليات قتل وهو ما ينفيه. وينظر اليه باعتباره خليفة محتملاً لعرفات في الاجل البعيد. وينظر الى البرغوثي صاحب الخطب النارية باعتباره الزعيم السياسي للانتفاضة التي بدأت في عام 2000 وساعد في تنسيق الانتفاضة الاولى التي انتهت في عام 1993، ولذلك اصبح أكثر الزعماء الفلسطينيين شعبية بعد عرفات بسبب ابتعاده الملحوظ عن الفساد الذي يقال انه مستشر في الدوائر المحيطة بعرفات.
- محمد دحلان
وزير سابق للداخلية والمسؤول عن الامن في قطاع غزة من دون منصب رسمي، لكنه يظل على الارجح الاقوى ضمن الرجال الاقوياء في القطاع الذي يمزقه القتال. وهو شخصية بارزة من جيل جديد من دعاة الاصلاح الذين يشكلون تحديا لقيادة الحرس القديم المحيط بعرفات. ويشيد الوسطاء الدوليون بدحلان باعتباره شخصاً قادراً على اقرار النظام في غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي المزمع من القطاع في العام المقبل. ودحلان أحد المسؤولين الفلسطينيين الذين رافقوا عرفات عند نقله جواً الى باريس للعلاج.
- روحي فتوح
رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والذي سيتولى الرئاسة بحكم القانون لمدة 60 يوما في حالة وفاة عرفات. لكنه لا يتمتع بنفوذ قوي وسيكون على الارجح مجرد رئيس صوري في حين يتخذ آخرون القرارات المهمة. وفتوح 55 عاما من الموالين لعرفات.
المرشحون للخلافة
- يعتبر معظم الفلسطينيين عرفات رمزاً لنضالهم من أجل قيام دولة فلسطينية سواء بالسلاح أو بغصن الزيتون على مدى اربعة عقود.
- حصل عرفات على جائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع اسحاق رابين وشمعون بيريز رئيسي وزراء اسرائيل السابقين لتوقيعه اتفاقيات سلام موقتة مع الدولة اليهودية في البيت الابيض عام 1993.
- منحت اتفاقات اوسلو الفلسطينيين قدراً من الحكم الذاتي للمرة الأولى كما أعطت عرفات شرعية دولية في مقابل الاعتراف بالدولة اليهودية ونبذ العنف.
- فقدت اسرائيل والولايات المتحدة ثقتهما في عرفات وقاطعتاه بعد فشل قمة سلام رعتها واشنطن عام 2000 وخلال الانتفاضة الفلسطينية المستمرة ضد الاحتلال الاسرائيلي منذ اربع سنوات. ونفى عرفات دوما اتهامات بالتحريض على شن هجمات ضد الاسرائيليين.
- لم يقدم عرفات اقتراحاً بديلاً من خطة اسرائيل للانسحاب من غزة من جانب واحد التي تثير مخاوف الفلسطينيين من انها ستقوي قبضة الدولة اليهودية على الضفة الغربية وتقضي على حلمهم بقيام دولة مستقلة في الأراضي المحتلة.
- منتقدون فلسطينيون يقولون ان عرفات أقام نظاما للحزب الواحد في الضفة الغربية وقطاع غزة تنتشر فيه المحسوبية ويمنحه ادارة مطلقة لا تسمح لغيره حتى بتوقيع الشيكات الخاصة بالقطاع العام.
- واجه عرفات في الشهور الأخيرة اضطرابات فلسطينية لم يسبق لها مثيل شملت عمليات خطف واشتباكات في غزة مع تنافس الفصائل السلطة في أكبر تحد داخلي له منذ عقود.
قصة المصافحة الشهيرة مع رابين كما يرويها كلينتون
كشف الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين الذي وقع اتفاق السلام مع الرئيس ياسر عرفات في 13 ايلول سبتمبر 1993 في البيت الابيض، اشترط بالحاح ان يقتصر الامر مع عرفات على المصافحة مستبعدا اي عناق.
ويروي كلينتون: "قلت لاسحق انه في حال كان متمسكا فعلا بالسلام، عليه ان يصافح عرفات لاثبات ذلك... تنهد رابين وقال بصوته المتعب: اننا لا نبرم اتفاقات السلام مع اصدقائنا. فسألته: ستصافحه اذن؟ فرد بلهجة جافة: طيب ، طيب، ولكن من دون عناق".
وتعكس هذه المحادثة بين كلينتون ورابين التي يرويها الرئيس الاميركي السابق في مذكراته التي صدرت في حزيران يونيو الماضي، الذهنية التي كانت سائدة قبيل التوقيع على اتفاقات السلام في اوسلو والاهمية الحاسمة لطريقة عرضها على الجماهير.
وقال كلينتون في مذكراته: "كنت اعلم ان عرفات يحب الاستعراض وانه قد يحاول معانقة رابين بعد المصافحة. لقد قررنا انني سأصافح كلا منهما اولا، ثم سأوحي اليهما بان يقتربا من بعضهما بعضا ، اذ كنت واثقا من ان عرفات، في حال لم يعانقني، فانه لن يبادر الى معانقة رابين".
ثم يروي الرئيس الاميركي السابق التمارين التي اجراها مع معاونيه لكي يتأكدمن تفادي اي معانقة، وذلك عبر وضع يده اليسرى على الذراع اليمنى للرئيس الفلسطيني. ويقول كلينتون: "كنت اعرف ان تفادي المعانقة امر مهم لدرجة كبيرة بالنسبة الى رابين".
وقد تحول كلينتون اولا باتجاه رابين الواقف على يمينه وصافحه بشدة، ثم امسك بيد عرفات الواقف مبتسما الى يساره، فانحنى الرئيس الفلسطيني قليلا في تلك اللحظة وتابع حركته مادا يده بتردد واضح باتجاه رابين. وبعد لحظات قصيرة من التردد، امسك رابين الذي شارك في كل المعارك ضد الفلسطينيين بيد عرفات الممدوة لمصافحته في حين ربت كلينتون، وابتسامة عريضة على محياه، على كتف رابين معربا عن تفهمه. وكانت الحصيلة التي خلدتها الصور التلفزيونية هي مصافحة مؤثرة بين الزعماء الثلاثة بعد التوقيع على الوثيقة التاريخية، تحت شمس ساطعة.
بعد ستة اشهر من المفاوضات السرية في العاصمة النروجية، تبادلت اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطيني الاعتراف بالوجود ووقعتا على اعلان مباديء حول حكم ذاتي فلسطيني انتقالي مدة خمسة اعوام. وتحدد هذه الاتفاقات الخطوط العريضة لهذا الحكم الذاتي في الاراضي المحتلة مدة خمسة اعوام بدءا من غزة واريحا.
وفي مذكراته، يروي كلينتون انه، قبيل الذهاب الى المنصة للتوقيع على الاتفاقات، التقى الزعماء الثلاثة بعض الوقت في البيت الابيض. ويذكر كلينتون "ان عرفات حيّى رابين ومد يده ليصافحه لكن الاخير ابقى يديه خلف ظهره ورد على عرفات بجفاء قائلا: في الخارج. فابتسم عرفات وهز برأسه، ثم قال له رابين: سيكون علينا ان نعمل بجد حتى تسير الامور. فرد عليه عرفات قائلا: اعرف ذلك، انا مستعد لاقوم بما يتوجب علي".
عرفات نجا من عشرات محاولات الاغتيال
نجا الرئيس ياسر عرفات مرارا من الموت الذي دبره له اعداؤه خصوصا من الاسرائيليين كما نجا من اكثر من حادث.
ومنذ تسلمه رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية العام 1969 تمكن "الختيار" كما يسميه الفلسطينيون تحببا، من احباط محاولات جهاز "موساد" الاسرائيلي او الجيش الاسرائيلي المتكررة لقتله.
في تشرين الاول اكتوبر 1969، تسلم عرفات طردا مفخخا تم تفكيكه في الوقت المناسب. واتهم حينها "موساد" بمحاولة اغتياله.
وبعد ذلك بسنتين، في تشرين الاول 1971، واثناء زيارته بالسيارة القواعد الفلسطينية على هضبة الجولان، وقع في مكمن وقتل سائق السيارة.
وفي 10 نيسان ابريل 1973 في بيروت، قامت مجموعة اسرائيلية تم انزالها جوا في الليل بقتل ثلاثة من القادة الفلسطينيين القريبين الى عرفات، هم كمال عدوان وكمال ناصر وابو يوسف النجار.
هذا التحدي المستمر للموت تطلب تدابير احترازية غير عادية بالنسبة الى عرفات، مع تغيير مكان اقامته بصورة دائمة، وعدم البقاء ابدا في مكان واحد لاكثر من ليلة او لساعات تحت سقف واحد، والتكتم التام على تحركاته. وكان دائما يحمل مسدس "سميث اند ويسون" على وسطه.
وكان ابو عمار مرارا على خط الجبهة. وفي اب اغسطس 1982، وداخل بيروت التي حاصرتها القوات الاسرائيلية، نفذ الجيش الاسرائيلي غارات عدة بهدف قتله وبينها غارة القيت خلالها قنبلة فراغية ادت الى هدم مبنى من ثماني طبقات واسفرت عن مقتل 250 شخصا، عدا عن السيارات المفخخة.
وخرج عرفات مع 11 الفا من المقاتلين الفلسطينيين من بيروت بمساعدة قوات فرنسية وبموافقة اميركية. وخلال مغادرته، كان قناص اسرائيلي يصوب نحوه بندقيته بانتظار الامر بالضغط على الزناد، لكن الامر لم يصله.
وفي تشرين الثاني نوفمبر 1983، تدخلت فرنسا مجددا لمساعدة عرفات الذي حاصره الجيش السوري ومنشقون عن قيادة عرفات في طرابلس، شمال لبنان. وقبل ذلك باربعة اشهر، تعرض موكبه لاطلاق نار من بنادق رشاشة ليل 23 - 24 حزيران يونيو 1983، على طريق طرابلس -دمشق حيث هاجمته مجموعة مسلحة. وغير عرفات طريقه في اللحظة الاخيرة لينجو مجددا من الموت.
ولم يكن المنفى التونسي كافيا لابعاد المخاطر. ففي الاول من تشرين الاول اكتوبر 1985، نفذ الطيران الاسرائيلي غارة اسفرت عن مقتل 17 شخصا وتدمير المقر العام في ضاحية تونس تدميرا كاملا تقريبا. وكان عرفات في طريقه الى المقر عندما سمع اصوات انفجار القنابل فعاد ادراجه ولجأ الى مكان آمن.
ولم يكن لدى عرفات طائرة خاصة بل كان في اللحظة الاخيرة يستخدم طائرات من بلدان صديقة. وكان يفرض على الطيارين تغيير وجهتهم حتى ان مسؤولي منظمة التحرير انفسهم كانوا يجهلون مساره ووجهته الاخيرة.
وفي نيسان ابريل 1992، اصيبت طائرته بعطل وسقطت في الصحراء الليبية. ونجا عرفات بفضل حراسه الذين احاطوا به ليحموه من الصدمة باجسادهم.
ونجا عرفات من عدة محاولات لتسميمه وعدة حوادث بالسيارة لا سيما على طريق بيروت - دمشق. وخلال ازمة الخليج، انقلبت سيارته على طريق عمان بغداد ونجا من الحادث بكسر في يده.
عرفات قاد الفلسطينيين في الحرب والسلام
رام الله الضفة الغربية - اف ب - رويترز - خاض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات غمار الحرب والسلام في الشرق الاوسط لعشرات السنين التي ناضل خلالها من أجل اقامة دولة فلسطينية.
وفي ما يأتي تسلسل زمني لمسيرة عرفات:
1929 - ولد محمد عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسيني لأسرة بسيطة من التجار. وجاء في سير له أنه ولد في القاهرة في حين يقول هو انه ولد في القدس يوم 24 آب أغسطس.
1948 - عرفات يشارك في حرب عام 1948 مع انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. الحرب تسفر عن تقسيم البلاد وتشريد مئات الالاف من الفلسطينيين.
1952 - عندما كان عرفات طالبا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة تولى رئاسة رابطة الخريجين الفلسطينيين بعد نجاح ثورة 23 تموز يوليو بقيادة جمال عبدالناصر.
1958 - عرفات يعمل مهندسا في الكويت ويشكل مع مجموعة صغيرة من المغتربين الفلسطينيين الخلية الاولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني"فتح"التي تبنت الكفاح المسلح وسيلة لتحرير فلسطين.
1964 - اعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية تحت رعاية مصرية.
1965 - مقاتلو حركة فتح يبدأون شن هجمات على اسرائيل تحت اسم تنظيم"العاصفة"مستخدمين أسلحة بسيطة.
1967 - اسرائيل تحتل الضفة الغربية والقدس الشرقية العربية وقطاغ غزة وسيناء وهضبة الجولان في حرب عام 1967 مما أدى الى تكثيف جماعات المقاومة الفلسطينية لانشطتها.
1968 - قوات فلسطينية تخوض أول معركة رئيسية مع الجيش الاسرائيلي في الكرامة. وبعدما أدى الانسحاب الاسرائيلي الى تعزيز موقف فتح ضمها عرفات الى منظمة التحرير الفلسطينية.
1969 - انتخاب عرفات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية.
1970 -"أيلول الاسود": الجيش الاردني يهاجم القوات الفلسطينية في الاردن بعد أن خطف رجال المقاومة أربع طائرات ركاب الى مطار في صحراء المملكة. وطرد منظمة التحرير الفلسطينية من المملكة الهاشمية.
1974 - عرفات يتحدث في الامم المتحدة حاملا"غصن الزيتون وبندقية الثائر"ويقول"لا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي... الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ في فلسطين".
1982 - اسرائيل تغزو لبنان وهدفها المعلن طرد المقاتلين الفلسطينيين. القوات الاسرائيلية تضغط على بيروت وتضطر منظمة التحرير الفلسطينية لاجلاء مقاتليها.
1983 - ضابط كبير في فتح يقود تمرداً ضد عرفات. والقوات السورية ومتمردون من منظمة التحرير الفلسطينية يحاصرون قواته المتبقية في شمال لبنان. وعرفات ينتقل الى تونس.
1987 - بدء الانتفاضة الفلسطينية الاولى في الضفة الغربية وقطاع غزة. عرفات يعلن ارتباطه بالانتفاضة.
1988 - عرفات يتلو اعلان استقلال الدولة. ويعلن في ما بعد نبذه كل"أشكال الارهاب"استجابة لشروط أميركية للحوار ويقر بحق اسرائيل في الوجود.
1990 - عرفات يؤيد الرئيس العراقي السابق صدام حسين في غزوه الكويت مما كلفه علاقاته مع دول الخليج.
1991 - عقد مؤتمر السلام في مدريد تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق.
1992 - عرفات ينجو من حادث طائرة في عاصفة صحراوية بليبيا. ومقتل ثلاثة من أفراد الطاقم في الحادث.
1993 - عرفات يصافح رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين في البيت الابيض ويضعان الخطوط العامة لحكم ذاتي فلسطيني محدود في الضفة الغربية وغزة في اطار اتفاقية سلام لوضع موقت تم التفاوض عليها سراً في أوسلو بالنروج.
1994 - عرفات يعود الى غزة منتصرا ويتولى رئاسة السلطة الفلسطينية.
1995 - عرفات ورابين يوقعان في واشنطن على اتفاقية الوضع الموقت التي مهدت الطريق لاعادة انتشار القوات الاسرائيلية في الضفة الغربية. ويهودي متشدد يغتال رابين شريك عرفات في السلام.
1996 - اختيار عرفات رئيسا للسلطة الفلسطينية في انتخابات أجريت بالضفة الغربية وغزة. ويبدأ في اتخاذ اجراءات مشددة ضد حركة المقاومة الاسلامية"حماس"بعد موجة من التفجيرات الانتحارية.
1997 - الفلسطينيون يوقعون اتفاقية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لتسلم معظم مدينة الخليل الذي تعطل كثيرا. بعد ذلك تصاب عملية السلام بجمود.
1998 - عرفات ونتانياهو يوقعان اتفاقية واي ريفر لانسحاب اسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية. ونتانياهو يجمد الاتفاقية بعد شهرين قائلا ان عرفات لم ينفذ شروطا أمنية.
1999 - عرفات يوقع اتفاقية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك تحدد أيلول سبتمبر عام 2000 موعدا لتوقيع معاهدة سلام دائمة.
2000 - انهيار محادثات السلام. الفلسطينيون يبدأون الانتفاضة الثانية بعدما زار زعيم المعارضة في ذلك الحين ارييل شارون الحرم القدسي.
2001 - انتخاب شارون عدو عرفات القديم رئيسا للوزراء.
2002 - اسرائيل تفرض حصارا على عرفات بمقره في رام الله وسط هجوم واسع النطاق شنته قواتها عقب هجوم انتحاري قام به نشطاء فلسطينيون.
2003 - عرفات يعين محمود عباس المعتدل رئيسا للوزراء تحت ضغوط دولية للتنازل عن بعض سلطاته لكنه يرفض التخلي عن سيطرته على القوات الامنية وعباس يستقيل. الفلسطينيون يصدقون على خطة"خريطة الطريق"المدعومة من الولايات المتحدة.
2004 - عرفات يواجه اضطرابات داخلية لم يسبق لها مثيل ومطالب باجراء اصلاحات للقضاء على الفساد. الرئيس الفلسطيني يمرض ويشكو من متاعب في معدته ويقول مسؤولون في 28 تشرين الاول اكتوبر انه"مريض للغاية". ويتم نقله جوا الى فرنسا للعلاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.