ألقت اسعار النفط ظلالها على حملة انتخابات الرئاسة الاميركية وبدأ الخام"يقترع"ضد مصلحة الرئيس جورج بوش ولصالح غريمه المرشح الديموقراطي جون كيري بعدما سجلت اسعار النفط مستويات قياسية مرتفعة جديدة امس الخميس اثر بدء اتحادين لعمال النفط في نيجيريا اضراباً لمدة يومين في مرافىء التصدير لشركة"شل". وسجلت اسعار العقود الآجلة للنفط الخام الاميركي الخفيف مستوى قياسياً جديداً بلغ 53 دولاراً للبرميل مرتفعة 98 سنتاً على السابق. وقفزت اسعار عقود خام القياس الاوروبي"برنت"مسجلة مستوى قياسياً جديداً عند 49.20 دولار للبرميل مرتفعة 1.21 دولار على اقفال اليوم السابق مع امكانية تجاوز الحد النفسي عند 50 دولاراً للبرميل. وما زاد الضغوط على الادارة الاميركية ارتفاع الخام نحو عشرين دولاراً 60 في المئة منذ مطلع السنة واشتدت الضغوط على اسواق الاسهم الاميركية والاوروبية التي انخفضت مؤشراتها جميعاً متأثرة باسعار الطاقة وبيانات عمل مخيبة للامال. وقال سماسرة في بورصة النفط الدولية في لندن"ان الارتفاع الجديد للاسعار جاء بعدما تجاهلت السوق وعداً من"اوبك"بضخ مزيد من النفط الخام ومع اقبال صناديق الاستثمار المضاربة على الشراء ما عزز قوة الدفع الصعودي للنفط". قال مندوب رفيع في"اوبك"ان المنظمة تقف على أهبة الاستعداد لزيادة امدادات النفط من اجل المساعدة في تهدئة أسعار النفط التي قفزت الى مستوى قياسي جديد امس الخميس. لكن نظراً الى كون"اوبك"تنتج بالفعل أكثر من 30 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى في 25 عاماً، فان السعودية فقط هي العضو الوحيد الذي يتمتع بطاقة انتاجية فائضة. وقال المندوب الرفيع لرويترز:"اوبك قلقة في شأن سعر النفط وسنبذل كل ما بوسعنا لتهدئته بما في ذلك رفع الانتاج اذا احتجنا لذلك". ودفع تجاوز النفط مستوى 50 دولاراً للبرميل السعودية الى رفع طاقتها الانتاجية الرسمية 500 الف برميل يومياً الى 11 مليون برميل يومياً. ومن المقرر أن تضخ الرياض 9.5 مليون برميل يومياً الشهر الجاري وهو مستوى انتاج ايلول سبتمبر لكنها مستعدة لزيادة الامدادات اذا استدعى الطلب ذلك. وقال المندوب"السعودية ستعطي عملاءها كل ما يحتاجونه... واذا كانوا بحاجة لمزيد من النفط سيحصلون عليه". وسيتضح في الايام المقبلة ما اذا كانت الرياض ستلجأ للاستعانة بالطاقة الانتاجية الفائضة 1.5 مليون برميل يوميا وذلك عندما تخطر شركة"ارامكو السعودية"الحكومية عملاءها بمخصصاتهم لتشرين الثاني نوفمبر. وقال واحد من كبار مشتري النفط السعودي"اننا نتوقع أن تعرض ارامكو مزيداً من الخام العربي الخفيف والمتوسط بعد زيادة الطاقة الانتاجية. وهذا قد يعني كميات اكبر بشكل عام الشهر المقبل". وذكر مندوب"اوبك"أن المنظمة"تبذل اقصى ما بوسعها لاحتواء الاسعار"والقى باللوم في موجة الصعود الحادة للنفط على محدودية الطاقة الانتاجية لمصافي النفط خصوصاً في الولاياتالمتحدة. وقال"هذه ليست مسألة نفط خام يمكن لاوبك التعامل معها، انها مسألة تكرير، فالمصافي في الولاياتالمتحدة بحاجة لتعزيز طاقتها الانتاجية". وساهمت المخاوف من حدوث نقص في امدادات وقود التدفئة في الولاياتالمتحدة في دفع أسعار النفط نحو مزيد من الارتفاع امس. وأظهرت بيانات الحكومة الاميركية أن مخزونات وقود التدفئة هبطت 1.2 مليون برميل لتصل الى 51.2 مليون برميل في الاسبوع المنتهي في اول الشهر الجاري ما يجعل المخزونات التجارية أقل بنسبة ستة في المئة عما كانت عليه قبل عام. وقال المندوب ان من المستبعد أن تحل امدادات النفط الاضافية من"اوبك"أزمة المنتجات النفطية وربما لا تؤدي سوى الى حدوث تخمة مطلع السنة المقبلة. وألقى ارتفاع اسعار النفط وتقارير فاترة من شركات التجزئة عن مبيعات ايلول بظلالها على تقرير حكومي اميركي يظهر تراجع طلبات اعانة البطالة الاسبوعية. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي لاسهم الشركات الاميركية الكبرى عند الفتح 10.40 نقطة أي بنسبة 0.10 في المئة الى 10229.52 نقطة. وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز الاوسع نطاقاً 1.57 نقطة أي 0.14 في المئة الى 1140.48 نقطة. وهبط مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا 4.45 نقطة أي 0.23 في المئة الى 1966.58 نقطة. ومع ارتفاع اسعار النفط على جانبي الاطلسي افادت وكالة أنباء"أوبكنا"ان سعر"سلة أوبك"ارتفع الاربعاء الى 44.26 دولار للبرميل من 43.80 دولار الثلثاء. وقال محلل يراقب صادرات النفط الخام المنقولة بحراً امس"ان شحنات أوبك من جميع اعضائها البالغ عددهم 11 عضواً زادت 160 ألف برميل يومياً في فترة أربعة أسابيع حتى 16 تشرين الاول وهي زيادة اقل مما كشفت عنه بيانات استئجار السفن في الشهر السابق". وقال روي ميسون من شركة"أويل موفمنت للاستشارات"ان حجم الشحنات الموجودة حالياً في الناقلات في البحر بلغ مستوى قياسياً عند 25.5 مليون برميل أو أكثر خمسة في المئة من مستواه في مثل هذا الوقت من العام الماضي. وأظهرت بيانات استئجار السفن أن صادرات أوبك من النفط الخام ارتفعت الى 23.930 مليون برميل يومياً من 23.77 مليون برميل يوميا في الاسابيع الاربعة حتى 18 أيلول سبتمبر الماضي. وقفزت صادرات كبرى الدول الاعضاء في"أوبك"من منطقة الخليج 340 ألف برميل يوميا في الفترة نفسها. ومن هذه الزيادة ارتفعت شحنات الخام المتجهة الى المصافي الآسيوية بمقدار 190 ألف برميل يومياً الى 11.66 مليون برميل يومياً. ونمت الشحنات المتجهة الى الغرب بمقدار 160 الف برميل يومياً الى 5.73 مليون برميل. وقال ميسون ان النفط الذي يجري نقله بحراً حاليا ويشمل شحنات من أوبك ومن خارجها بلغ اعلى مستوياته خلال السنة عند 489.34 مليون برميل في الاسابيع الاربعة حتى 23 تشرين الاول بارتفاع 444 ألف برميل على مستواه في 25 ايلول. وحققت شحنات النفط الموجودة حاليا في الناقلات زيادة كبيرة بلغت 25.54 مليون برميل مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وكان ميسون ذكر في الاسبوع الماضي أن اجمالي صادرات"أوبك"ارتفع بنسبة أعلى اذ زاد 260 ألف برميل يومياً الى 24.02 مليون برميل يوميا في الاسابيع الاربعة التي تنتهي في 9 تشرين الاول. وارتفعت تكاليف شحن النفط على الناقلات العملاقة الى أعلى مستوياتها منذ 30 عاماً. في سنغافورة قال ديفيد روبنسون نائب مدير ادارة الابحاث في صندوق النقد الدولي"ان الوضع الحالي في سوق النفط، حيث يغطي المعروض الطلب بالكاد، قد يترك الاقتصاد الدولي عرضة للتقلبات في السنوات المقبلة". وأضاف"أن الارتفاع المطرد في أسعار النفط يعني أن تقديرات الصندوق في الفترة الاخيرة في شأن تحقيق معدل نمو دولي يبلغ 4.3 في المئة والمنشورة يوم 29 أيلول اصبحت غير واردة". وابلغ روبنسون الصحافيين والمصرفيين"نظرا الى كون أسعار النفط ارتفعت نحو خمسة دولارات للبرميل منذ ذلك الحين من المتوقع أن يخفض الصندوق توقعه للنمو الى نحو أربعة في المئة". وأضاف"من الواضح أن هناك ضغوطا نزولية على النمو الدولي بسبب أسعار النفط". ولان من المتوقع ان ينمو الاقتصاد الدولي السنة الجارية بأعلى معدل له في 30 عاماً وصف روبنسون الارتفاع بأنه"غير مريح على الاطلاق لكن يمكن تحمله". وقال انه يشعر بقلق أكبر بشأن اختناقات أمدادات النفط والمخزونات المنخفضة خصوصاً الانخفاض الكبير في الطاقة الانتاجية الفائضة. وتابع"هذا على الارجح هو اكبر مبعث على القلق في الوقت الراهن... واشعر بالقلق ازاء الاتجاهات في الاجل المتوسط بسبب استمرار اضطرابات أسعار النفط". وقال روبنسون"من الواضح أن اسعار العقود النفطية الآجلة اتبعت خطى الاسعار في السوق الفورية وارتفعت". ويعكس ذلك توقعات بانه ليس من الممكن تحقيق زيادة سريعة في الطاقة الانتاجية الاضافية التي تقول وكالة الطاقة الدولية انها انخفضت الى نحو مليون برميل يومياً من متوسطها التاريخي البالغ اربعة ملايين برميل يوميا. وتابع"قد نكون في وضع تستقر فيه الطاقة الانتاجية الاضافية المحدودة لسنوات مقبلة".