مزاحم، معاكس، مشاكس، مزعج، بلا أدب، بلا أخلاق أو بلا أهل... عبارات يستخدمها الايرانيون ضد المعاكسين عبر الهاتف. وقد يتطور الامر ليصل الى الشرطة في حال اصرار الشخص على المعاكسة. والمعاكسة عبر الهاتف ظاهرة متفشية في كثير من المناطق الايرانية. وأعلنت مؤسسة الاتصالات الايرانية انه، على رغم التجهيزات التي اضيفت للخدمة الهاتفية والتي تظهر رقم المتصل، شهدت السنة الحالية تصاعداً في المعاكسة الهاتفية، إذ سجلت في الأشهر القليلة الماضية 2991 حادثة من هذا النوع، في حين اعلنت دائرة ملاحقة المعاكسة الهاتفية القانونية في طهران انه خلال الاشهر الستة من العام الماضي تم التعرف الى 14 الفاً و528 معاكساً هاتفياً من اصل 17 الفاً و809، بينما انخفض الطلب على ملاحقة المعاكسين في الاشهر المماثلة من السنة الحالية الى 8 آلاف و114 طلباً كُشف عن 5486 حالة منها. ولعل السبب في ذلك تزايد لجوء شباب المدينة الى الانترنت من جهة، وتقنية معرفة هوية المتصل من جهة ثانية. واذا تم ذلك، اي التعرف الى هوية المتصل من جانب قسم مراقبة المعاكسة في شركة الاتصالات، فهذا يعني رفع دعاوى تنتهي غالبيتها بالسجن لمدة ثلاثة اشهر او قطع خط الهاتف، اذا كان الاتصال من هاتف شخصي ثابت، لمدة اسبوع كانذار، ثم اذا تكررت المخالفة، لمدة شهر وبعدها لمدة ثلاثة اشهر وبعدها قطع دائم، علماً ان الحصول على خط ثابت في حاجة الى الوقوف أشهراً في صف طويل. ويجب ان يتقدم المنزعج من المعاكسة الهاتفية بطلب الى شركة الهاتف لمراقبة هاتفه. ويعطى رقم يطلبه لدى تعرضه لمعاكس وذلك لمدة شهر، بما يمكّن من التعرف الى هاتف المعاكس، وايجاد دليل، هذا في حال كان الهاتف "آلة تنفيذ الجريمة" ثابتاً. الا انه اذا كان متحركاً اي من هاتف عمومي، فمن الصعب جداً كشف الجاني، وبالتالي تدرك الضحية انها امام حل من اثنين اما قطع الخط لمدة معينة او تغيير الرقم للاستراحة ريثما يجد المعاكس الرقم الجديد عبر الف وسيلة خداع اذا كان مقصوده معاكسة شخص بعينه. طوارئ طهران 115 ومركز الاطفاء 125، وبحسب ما اشارت وكالة الانباء "ايسنا"، ايضاً لم يسلما من المعاكسة الهاتفية، اذ اعلنت الاولى ان 70 في المئة من الاتصالات التي تتلقاها عبارة عن معاكسات وانها اضطرت اخيراً الى اجراء مفاده التأكد من رقم وعنوان المتصل قبل ارسال قواها، في حين اعلنت اطفائية طهران ان 90 في المئة من المخابرات التي تتلقاها عبارة عن معاكسة هاتفية. ويشير الخبر الى انه من اصل 5 آلاف اتصال خلال 24 ساعة هناك فقط 80 اتصالاً حقيقياً. ويسجل في مدينة مشهد يومياً مثلاً اكثر من 7 آلاف معاكسة هاتفية متعلقة بمركز الاطفاء. ويعتبر مسؤول الدائرة الاعلامية حسين خاكبور ان غياب ثقافة الافادة من خدمة عامة تضع ارقاماً قصيرة مجانية لخدمة المواطنين في الحالات الطارئة، يؤدي بالبعض الى التسلي بالمؤسسات الخدماتية، ما يؤدي الى ازمة في العمل. ويتابع، مدللاً على خطورة الامر، بالقول: "في مشهد هناك 320 موظفاً في 22 دائرة للاطفاء، وبالتالي تواجه المدينة أصلاً نقصاً في الكوادر البشرية، واتصالات من هذا النوع تدفع الى تأخير العمل وتعريض منازل اشخاص وحياتهم للخطر". ويعتقد الكثير من المواطنين ايضاً بأن المعاكسات الهاتفية تؤدي الى تعريض حياة اشخاص للخطر. وتعتبر سيدة خسرت ابنها قبل سنوات قليلة وجزء كبير من منزلها قبل ان يصل رجال الاطفاء، ان احد اسباب التأخير هو حالات من ذلك النوع، إذ كان على رجال الأطفاء أن يتأكدوا مما اذا كان المتصل في حاجة الى مساعدة سريعة او انه اتصال معاكسة. اما معرفة نوعية المعاكسين، فغاية في السهولة نسبياً، اذ من ملامح الصوت يمكن ادراك ان الغالبية العظمى هم من الشبان بدءاً من 16 او 17 سنة الى ما يقارب 25 أو 26 سنة. ولا تشكل المعاكسات التي تقوم بها فتيات إلا نسبة ضئيلة جداً من المجموع العام. ويقول أجنبي يقطن في طهران ولا يتقن الفارسية، انه يتلقى العديد من الاتصالات الهاتفية من شبان تراوح اعمارهم بين 18 و22 سنة بحسب الظاهر من اصواتهم. اما رد فعله فيكون باقفال الخط مباشرة. ويوضح ان الامر يتكرر اكثر من مرة في اليوم الواحد الى ان يمل تقريباً المتصل. لكن كل الاتصالات ليست مجهولة المصدر. فهناك شبان يتصلون عن سابق اصرار وترصد، وقد تكررت حالات من هذا القبيل. احدى الشابات الايرانيات قالت انها تعرفت الى شاب من طريق الصدفة، وانه تقدم لخطبتها لكن أهلها رفضوا وتنبهت هي شخصياً الى انه غير مناسب نظراً لاختلاف ثقافة الطرفين، فما كان من طالب القرب الا ان تحول الى معاكس من الدرجة الاولى. وتطور الموضوع الى ان وصل الى مطالبة شركة الهاتف بوضع الخط تحت المراقبة، ثم بعد التدقيق في هوية الشاب وصل الاب الى اهله، الا ان ذلك لم يحل المشكلة اذ انه من ناحية لم يكن يستمع الى والديه ومن ناحية اخرى عندما شعر بمراقبة الخط اقدم على استخدام ارقام مختلفة خارج محيط منزله وجهازه النقال، ليتحول بعدها وفي مدة قصيرة الى كيل الشتائم والتهم المتنوعة لأذية الفتاة التي قاطعت بدورها هاتف الاهل كلياً. ولم يقتصر الامر على هذا بل تمكن من الحصول على العنوان الالكتروني للفتاة، وبدأت معاكسة من نوع آخر دفعت الفتاة الى تغيير عنوانها. هناك نوع آخر من المعاكسات الهاتفية، تتمثل في اقدام المعاكس على اختيار ارقام عشوائية. وهي لعبة محبذة لدى بعضهم لمعرفة ما سيقع عليه حظه. وعادة ما تكون المعاكسات مخففة الا ان بعضها يكون مرعباً ويعبر عن حالات مرضية مستعصية. أحد الطلاب الجامعيين الذين يمضون معظم وقتهم مع الكومبيوتر، يشير الى ان المعاكسة الهاتفية بدأت تتراجع امام الانترنت التي تسمح بافراغ المكبوتات والعواطف من دون امكان كشف الفاعل بسهولة. وغير بعيد من هذه المزاحمة تأتي عمليات من نوع أعقد وهي عملية اقتحام برامج كومبيوتر الآخرين، وهؤلاء قد يكونون مؤسسة رسمية او غير رسمية، ما دفع بمسؤولين في القضاء الى البحث بما عرف لاحقاً بجرائم الكومبيوتر وتحديد عقوبات لها بناء على نوعية الاقتحام الذي يتضمن احياناً عمليات التجسس. وتشمل العقوبات حرمان المقتحم من حقوقه الاجتماعية وعقوبات نقدية وأخرى اقرتها التشريعات والقوانين الاجنبية في هذا الاطار.