تحاول الحكومة الكويتية "تطويق" اي طلبات عراقية، اوطلبات جهات "صديقة للعراق"، مستقبلية لاستئجار جزيرتي بوبيان ووربة او استغلالهما في مشاريع النفط عبر استعجال تلزيم مشاريع تطوير الجزيرتين ومناطق حدودية مع العراق واشراك رأس المال الاجنبي في الاستثمار فيها. وقُدرت كلفة تطوير بوبيان ووربة ومحيطهما بنحو 3.5 بليون دولار على الاقل. تستعد الكويت لاستثمار بلايين الدولارات في جزيرتي وربة وبوبيان الواقعتين شمال الخليج وبالقرب من العراق، وهي تسعى في ذلك الى استقطاب رؤوس اموال عربية واجنبية في ما يشبه "شبك" مصالح كويتية بأخرى اقليمية ودولية لمواجهة اي دعوة "طائشة" او "مبرمجمة" من جانب اي جهة عراقية قد تُطالب بالجزيرتين مستقبلاً بعدما كانتا منذ مطلع القرن الماضي مثار نزاع بين الكويتوالعراق. وتعيش الكويت هذا الهاجس الجديد القديم على رغم الحدود المعترف بها دولياً التي أقرها، او اعترف بها، مجلس الحكم العراقي الحالي. لكن هذا الهاجس يتجدد موسمياً في ظل تكرار سماع اصوات عراقية تطالب بحق العراق في هاتين الجزيرتين او واحدة منهما على الاقل هي جزيرة بوبيان. وآخر المطالبات كانت على لسان احد اعضاء حزب "المؤتمر الوطني العراقي" قبل نحو شهرين في تصريحات صحافية ورد فيها مطالبه، هي اقرب الى التمني منها الى الطلب الرسمي، بالاستثمار المشترك بين العراقوالكويت في الجزيرتين الحيويتين للعراق او بالسماح للعراق باستئجار حقوق فيها لاغراض ملاحية واستراتيجية كما طالب بذلك نظام صدام حسين وما قبله. في مقابل ذلك، اقر مجلس الوزراء الكويتي في نهاية الاسبوع الاول من كانون الثاني يناير الجاري دراسة جدوى بناء ميناء تجاري في جزيرة بوبيان بكلفة تقديرية تصل الى 864 مليون دولار على ان يُنفذ المشروع على خمس مراحل تمتد حتى سنة 2020. وذكرت مجلة "ميد" امس انه تم اختيار شركة "هيل انترناشيونال" الاميركية مديراً للمشروع. وتعمل على استكمال الدراسات لهذا المشروع الحيوي جهات عدة ابرزها الشركة الاستشارية الاميركية "بوز آلن هاملتون" الى جانب "الشركة الكويتية للاستشارات والاستثمار". وبما ان الجغرافيا تتحكم احياناً بالتاريخ والعلاقات الدولية، فان الدراسة الاولية للمشروع استندت الى حاجة العراق الى منفذ بحري يلبي متطلبات اعماره وانمائه في المديين المتوسط والبعيد. عجز الموانىء الكويتيةوالعراقية واكدت الدراسة عجز الموانئ الكويتيةوالعراقية القائمة على مواجهة الطلب المتزايد على الحاويات اعتباراً من 2004 السنة الجارية، فقدرة موانئ الكويت حالياً هي استيعاب 12 مليون طن سنوياً فيما يُقدر الطلب السنة الجارية بنحو 14 مليون طن، ويرتفع هذا الرقم تدريجاً الى 20 مليون طن في السنوات العشر المقبلة. وفي موازاة ذلك نفضت الكويت الغبار عن مشروع قديم وبدأت تستعد لتنفيذه وهو "جسر الصبية" الذي يصل الكويت الديرة بجزيرة بوبيان بكلفة تُقدر بنحو 1.3 بليون دولار. وهذا المشروع وان كان يواجه بعض المشاكل البيئية، فانه بات اكثر من حيوي للكويت الراغبة بأن تكون بوبيان على مرمى حجر بدلاً من كونها جزيرة مهجورة في عرض البحر. وسارعت مجموعات استثمارية كويتية الى تلقف مشروع "ميناء بوبيان الدولي" لتفوز به لانه سيُنفذ ببنية تحتية وخدمات مساندة من قبل الدولة على ان تكون الادارة والتشغيل للقطاع الخاص. وعُرف من تلك الجهات "شركة مشاريع الكويت القابضة" الشيخ صباح الاحمد هو المساهم الرئيسي فيها. وتتحرك تلك الشركة على اكثر من صعيد لجمع تحالف شركات دولية يساعدها في الفوز بالمشروع. حلقة من سلسلة وبما ان ميناء بوبيان حلقة في سلسلة مشاريع استراتيجية تنوي الكويت تسريع تنفيذها على الحدود مع العراق، فقد اقر مجلس الوزراء جزئياً خطة طموحة قدمتها "مؤسسة الخليج للاستثمار" GIC. والجزء الذي اقر هو اقامة منطقة حرة في منطقة "البحيث" قرب ام قصر علماً بأن الخطة الكاملة تشمل مشاريع تنموية وتجارية وسياحية في وربة وبوبيان ايضاً. ويذكر ان "مؤسسة الخليج للاستثمار" هي مؤسسة استثمارية حكومية خليجية مشتركة تساهم في رأس مالها كل دول مجلس التعاون الخليجي. والمنطقة الحرة الجديدة التي وافق عليها مجلس الوزراء تشمل تخصيص مساحات للخزن الى جانب بناء ميناء صغير في منطقة ام قصر الكويتية هناك جزء عراقي في تلك المنطقة وسيرتبط مشروع "مؤسسة الخليج للاستثمار" بالمشروع الكبير الخاص ببناء ميناء بوبيان وتطويره عبر خور بحري يصل بين الميناءين. وتتطلع "مؤسسة الخليج للاستثمار" الى اقرار الحكومة الكويتية الخطة الكاملة التي تتضمن تطويراً اضافياً لجزيرتي وربة وبوبيان بإقامة مجمعات سياحية وتجارية وخدمية تُقدر كلفتها الاولية بنحو بليون دولار على ان تُطرح تلك المشاريع على القطاع الخاص بنظام BOT او اي صيغة اخرى ضامنة للاستثمار. تبقى الاشارة الى ان لدى الكويت مشاريع اخرى على الحدود مع العراق ابرزها مشروع المنطقة الحرة في العبدلي الذي تُقدر كلفة الاستثمار فيه بنحو 260 مليون دولار. وقد تأهلت 14 شركة للمشروع والترسية او التلزيم بداية ايار مايو المقبل. الى ذلك هناك مشروع نفط الشمال الذي شكلت له 3 اتحادات دولية كونسورتيوم وتقدر كلفة الاستثمار فيه بنحو 7 بلايين دولار وسلسلة المشاريع الاستراتيجية هذه على طول الحدود الكويتيةالعراقية تأخذ ابعاداً اقتصادية بطبيعة الحال لكنها ليست بعيدة على البعدين الامني والسياسي اللذين يحكمان كل شيء تقريباً في الخليج.