عندما نشاهد شاشات التلفزة العالمية والمحلية نجد أن الإعلام الصهيوني الاسرائيلي المنظم مخيم على وسائل الإعلام، في غالبية الدول، لا بل يتدخل في نشر هذا الخبر وحذف ذاك. والأهم من ذلك هو ايهام هذه الدول بأن الاسرائيليين، واليهود عموماً، هم الشعب المستهدف في جميع الأنظمة. ونجد ان الزيارات المنظمة لزعماء العالم والسياسيين في تلك الدول المؤيدة للكيان الغاصب تبدأ بزيارة نصب المحرقة اليهودية. وهذه الزيارة هي واجب، وعلى رأس لائحة الزيارة والمواعيد لأي زائر. واتبع الإعلام الاسرائيلي، أخيراً، اللعب على عواطف الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في الأممالمتحدة، من خلال مندوب اسرائيل في الأممالمتحدة، وذلك عندما أظهر صور الفتى الاسرائيلي القتيل، وأخيه الذي فقد بصره في عملية للمقاومة الفلسطينية، على أرض فلسطينية. وقد لاقت هذه الخطوة الدعائية الاسرائيلية تعاطفاً واسعاً داخل مجلس الأمن. فنال التصويت على جدار الفصل العنصري، أو الحدود الجديدة للدولة المستعمرة، عدداً كبيراً من الأصوات، ليس لأن الجدار غير شرعي، وليس لأن اسرائيل دولة تنتهك القوانين الدولية، ولكن بسبب مندوب اسرائيل في الأممالمتحدة، واشهاره صور الأخوين في عملية المقاومة الفلسطينية. أيها الاخوة المسؤولون في الوطن العربي! أليس الأحرى بنا ان ننظم زيارات للزعماء الذين يزوروننا، من وقت لآخر، على غرار زيارات المحرقة اليهودية؟ فنحن عندنا كثير كثير. فلماذا لا نصحب الزعيم الأجنبي الفلاني، ونروي له ماذا فعلت اسرائيل في صبرا وشاتيلا؟ وكيف قتلت الأطفال والشيوخ والنساء، وكيف عقرت بطون الحوامل وقتلت الأولاد قبل أن يولدوا؟ ونأخذهم الى قانا، ونروي لهم كيف قتلت وأبادت، جماعياً، عشرات الأطفال والنساء في عقر مركز الأممالمتحدة، أو الى "معتقل الحرية" في أنصار، أو معتقل الخيام الذي ابتكرت فيه اسرائيل عشرات الوسائل الجديدة للتعذيب والقتل. ولماذا لا ننظم زيارات الى قرى سُويت بالأرض، وأسرى لا يزالون في غياهب السجون وظلمتها من غير وجه حق؟ ولماذا لا نصحبهم الى هضبة الجولان الحبيبة، ونخبرهم أن اسرائيل قطّعت أوصال الوطن، وأبعدت سكانه؟ وكيف سوَّت مدينة القنطرة السورية بالأرض؟ ولنأخذهم الى الضفة الغربية في نهر الأردن، ونقول لهم انها أرض عربية، وأن القدس كانت تحت الوصاية الأردنية. المطلوب، أيها الزعماء الكرام، تسويق هذه الزيارات اعلامياً بدل أن نُسوق حفلات العشاء والغداء. أما المندوب الفلسطيني في الأممالمتحدة، فقد وقف عاجزاً وكأن الدم تجمّد في عروقه لحظة اظهار المندوب الاسرائيلي تلك الصور. بيروت - رمزي فؤاد المقداد