شن اكاديميون ومؤرخون بريطانيون هجوماً لاذعاً على مواطنهم المخرج السينمائي الشهير رادلي سكوت وشريطه "مملكة الفردوس"الذي يعكف على انجازه حالياً بين المغرب واسبانيا بسبب حبكته التي تدور خلال الحملة الصليبية. ونعت البروفسور جوناثان رايلي-سميث استاذ التاريخ الكنسي في جامعة كيمبردج والمختص بالفترة الصليبية الشريط بأنه "هراء" و"احمق" و"مختلق تماماً" و"خطر على علاقتنا مع العرب"، وان جهود سكوت "مظلّلة" و"تُسمسر" للمتطرفين الاسلاميين، وقال في تصريح لصحيفة "ذي صندي تلغراف" التي نشرت تحقيقاً موسعاً عن الانتقادات امس: "انه الفيلم بمثابة رواية لاسامة بن لادن. وهي ستؤجج المتطرفيين"، واعتبر ان حبكته "سفيهة بالكامل والمطلق" لاعتمادها على نص السير والتر سكوت "الطلسم" المنشور في العام 1825 والذي يمتاز - حسب رايلي-سميث بنظرته الخيالية والرومانسية للحروب الصليبية، وعاب على صاحب افلام "المصارع" و "الغريب" و"اسقاط بلاك هوك" عدم اعتماده على المراجع الاكاديمية المعتمدة، واضاف ان الفيلم:"غير صحيح تاريخياً بالمرة، لقد اتخذوا من "الطلسم" مرجعاً وهو الذي يصورالمسلمين كمتحضرين و متطوريين، فيما يصور جميع الصليبيين اشخاصاً وحشيين و همجيين. هذا لا علاقة له بالواقع". ويحكي شريط "مملكة الفردوس" الذي كتب نصه المؤلف ويليام مونهان وتصل تكاليف انتاجه الى 100 مليون دولار عن شاب يعمل حداداً يلتحق بالفرسان اللذين كلفوا الدفاع عن القدس ويقع في غرام احدى الاميرات، في وقت كان الملك بالدوين الرابع 1185- 1161 يقود جيوش الصليبيين الى معركة حطين ضد قوات القائد الاسلامي صلاح الدين الايوبي. دقة تاريخية ودافع الناطق باسم المخرج سكوت بأن الفيلم اعتمد الدقة التاريخية، وصمم ليكون "درساً آسراً للتاريخ" واشار الى ان السيناريو يصور اخوة المسلمين واليهود والمسيحيين وهم يعملون سوية، انها الآصرة القوية التي جمعتهم قبل ان يأتي فرسان الهيكل - بقيادة غي دو لوسينيان صهر الملك بالدوين وخليفته كملك للقدس ويسببوا الاحتكاك بينهم". ويضيف ان الفيلم: "يصور فرسان الهيكل و الرهبان المحاربين باعتبارهم اشراراً، فيما يقدم الايوبي كبطل للسلام، لكن ابطالنا سيهزمون المسلمين في النهاية وهذا تاريخياً صحيح". ويقول رايلي-سميث: "ان لوسينينان خسر معركة حطين، نعم، لكنه لم يكن اكثر شراً او طيبة من الاخرين. لم يكن هناك ابداً صدام بين المسلمين واليهود والمسيحيين. هذا هراء كامل"، اماالدكتور جوناثان فيليبس المحاضر في جامعة لندن ومؤلف كتاب "الحملة الصليبية الرابعة واستباحة القسطنطينية" فاشار الى ان تصوير فرسان الهيكل باعتبارهم اشراراً يؤكد وجهة نظر المسلمين، و هي طريقة خاطئة على كل حال. كانوا فرسان الهيكل خطراً على المسلمين، وقتل الكثير منهم بسبب قسمهم بالدفاع عن الاراضي المقدسة". من جهته قال صاحب "الصليبيون من خلال عيون عربية" الباحث والروائي اللبناني امين معلوف: "ليس جيداً تحريف التاريخ، حتى وان آمنت بأنك تحرّفه بطريقة جيدة. فالوحشية لم تكن حكراً على طرف واحد، بل مارستها الاطراف جميعاً".