ضمن سلسلة من الإجراءات التي تدخل في إطار إصلاح سياسي أقدمت عليه الحكومة المصرية أطلقت السلطات مساء أول من امس اثنين من ابرز قادة تنظيم "الجماعة الإسلامية"، أولهما المحامي كرم زهدي الذي يعد رئيس مجلس شورى التنظيم بعدما قضى نحو 22 سنة داخل السجن وهو كان ترتيبه الثالث على لائحة المتهمين في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، والثاني ممدوح علي يوسف أحد المتهمين في قضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور رفعت المحجوب بعدما قضى نحو 12 سنة رهن الاعتقال. وقاد زهدي ويوسف مع آخرين من قادة الجماعة داخل السجن تياراً سلمياً عندما أطلقوا في تموز يوليو 1997 مبادرة سلمية طلبوا فيها وقف العمليات العسكرية. وأطلق زهدي ويوسف مع نحو ألف آخرين من أعضاء الجماعة، وبثت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" أن الأول أطلق لأسباب صحية إضافة إلى إنهاء فترة عقوبته قبل نحو سنتين وأشارت إلى أنه مصاب بقصور في الشريان التاجي ومرض السكري إضافة إلى هشاشة العظام، إلا أن المراقبين رأوا أن إطلاق زهدي ومعه يوسف جاء متماشياً مع التحول السلمي للجماعة الإسلامية، خصوصاً بعدما أنجز زهدي مهمة صعبة بإقناع آلاف المعتقلين من اعضاء التنظيم بالتوجه السلمي. وأسس زهدي "الجماعة الإسلامية" مع زملائه عندما كان طالباً في معهد التعاون الزراعي في اسيوط في العام 1976، بعدما استقلت قيادتها عن الجماعة الدينية التي اسست في الجامعات المصرية في عقد السبعينات. وزهدي أحد أعضاء مجلس شورى الجماعة الذي وضع خطة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات تطبيقاً لفتوى تكفيره التي اصدرها الشيخ عمر عبدالرحمن مفتي "الجماعة الإسلامية". وقاد زهدي بنفسه أحداث اسيوط الشهيرة التي أعقبت حادث اغتيال السادات بأسبوع وسقط خلالها 181 ضابطاً وجندياً بين قتيل وجريح، وعقب السيطرة على الأوضاع تم القبض على زهدي ورفاقه وأودعوا السجن في تشرين الثاني نوفمبر العام 1981. وقالت مصادر مطلعة في عائلة زهدي ل"الحياة" إنه توجه مباشرة فور الإفراج عنه إلى مسقط رأسه في محافظة المنيا، ثم توجه إلى الساحل الشمالي حيث سيقيم لفترة ثم ينتقل لاحقاً مع زوجته وأولاده إلى شقة يملكها في مدينة الاسكندرية. ورحب محامي الجماعات الإسلامية في مصر السيد منتصر الزيات بالإجراء الأخير، وقال ل"الحياة" ان "كل الإجراءات التي تصب في اتجاه إطلاق الحريات والإفراج عن المعتقلين إيجابية ونتمنى أن تتبعها خطوات أخرى بالإفراج عن آخرين مازالوا داخل السجون رهن الاعتقال". وواضح أن هذه الخطوة بالإفراج عن زهدي ويوسف جاءت بعد تصريح وزير الداخلية العادلي من أنه واثق من جدية التحولات الفكرية في الجماعة الإسلامية و"من الطبيعي أن تتبع هذا التصريح خطوات إدارية على أرض الواقع".