تشهد تونس بين 9 و 18 تشرين الأول أكتوبر المقبل الدورة الحادية عشرة ل "أيام قرطاج المسرحية" التي تحتفل بمرور عشرين سنة على انبعاثها، وهي تقام كل سنتين بالتناوب مع "أيام قرطاج السينمائية". ومع أن الافتتاح على الأبواب، فإن أبسط معطياته تكاد تكون منعدمة... ويبدو أن هذه "الميزة" صارت وثيقة الارتباط بكل التظاهرات المهمة التي تنظمها وزارة الثقافة. فقد عرفت المناسبات الثقافية الكبرى في تونس، خلال السنوات الأخيرة، تدهوراً غريباً اثر في سمعتها وقلّص من أهميتها في شكل لافت. ويستغرب أهل المسرح في تونس والعالم العربي أن تكون الأمور الأساسية المتعلّقة بهويّة المهرجان وتوجهاته العامة غير محسومة بعد. ولم تتقرر أسماء المسرحيات التونسية المشاركة في المسابقة الرسمية. كما لم يعلن عن كل الأعمال والفرق العربية المشاركة، وأرجح الظنّ أن اختيارها لم يكتمل بعد، فيما المنطقي أن تكون هذه المسائل حسمت منذ أشهر... وكل ذلك يرمي ستاراً من الهواية والتلعثم على تظاهرة كانت ذات يوم الأشهر عربياً. ويتساءل كثيرون: هل من المعقول أن يتم الإعداد لأعرق مهرجان مسرحي عربي وأفريقي خلال أسابيع قليلة، وأن يكون برنامجه غير جاهز حتّى الآن؟ وتشير كل الدلائل إلى أن الدورة الجديدة ستعرف رجوعاً إلى الخلف انطلاقاً من معطيات عدة، أهمها تجديد الثقة في إدارة الدورة السابقة برئاسة السينمائي هشام رستم التي تميزت بسوء التنظيم والفوضى وإقصاء المسرحيين التونسيين الحقيقيين عن المشاركة في التنظيم، بدلاً من الاستفادة من علاقاتهم وتجاربهم! وستلتئم الأيام تحت شعار مطاط وفارغ: "قليل من الفن في الحياة.. قليل من الحياة في الفن"، وهو خال من أي اجتهاد أو معنى وموغل في العمومية ويمكن سحبه على أي تظاهرة ثقافية أو فنية، في كل زمان ومكان. وستقدم نحو 60 مسرحية ضمن المحاور الأربعة الكبرى للمهرجان: - محور مسرح الواقع والأجيال الجديدة، وتعرض في إطاره مسرحيات المسابقة الرسمية وعددها 15. - محور أضواء وأصوات القرن، ويتضمن 15 عرضاً تنشيطياً في شوارع العاصمة تونس وساحاتها. - محور الأعمال المسرحية المكتوبة، وتحتوي على 15 إنتاجاً معاصراً... إضافة إلى العروض واللقاءات والحوارات والشهادات. وستكون بانوراما المسرح التونسي المحور الأخير. وستشكل الكتابة المسرحية الحديثة المحور الرئيس للندوة الفكرية الدولية، بما أنها ستبحث موضوع المسرح والواقع. وقد تم توجيه الدعوة إلى 300 من المسرحيين والمهتمين بالمسرح من بعض البلدان العربية والأفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية. وستكرم هذه الدورة كل الحاصلين على التانيت الذهبي في الدورات السابقة. كما يوجه المهرجان تحية خاصة الى المسرح الجزائري... ويتم الهمس عن استياء كبير من المسرحيين في تونس في أيام قرطاج التي يبدو أنها ستقصي بعض التجارب المسرحية التونسية المهمة عن هذه الدورة المسابقة الرسمية أو بانوراما المسرح التونسي لأسباب غير فنية، أي بسبب مواقف الفنانين النقدية من وزارة الثقافة وسياساتها. وهم يخشون من أن يستغل كبار المسؤولين في الوزارة هذه المناسبة لتصفية حساباتها معهم و"تأديبهم" على طريقتها الخاصة.