خطا القضاء الألماني خطوة جديدة في مجال الحريات الدينية، بعدما حكمت المحكمة الدستورية العليا في كارلسروة بالسماح لمعلمات مسلمات بارتداء الحجاب في المدارس الرسمية، طالما انه لا قوانين في الولايات الألمانية تمنع ذلك. وهذه القضية الثانية من نوعها التي تنظر فيها المحكمة الدستورية العليا هذا العام، اذ كانت قضت في آب اغسطس الماضي، بعدم شرعية فصل بائعة تركية من عملها في محل لبيع العطور، بسبب ارتدائها غطاء الرأس. ويضع القرار الذي اتخذته أعلى محكمة ألمانية حداً لجدل دائر منذ عام 1995، بعدما رفضت المعلمة الألمانية الأفغانية الأصل فيريشتا لودين قرار وزارة التعليم في ولاية بادن - فورتمبيرغ جنوب غرب طردها من السلك التعليمي كمدرسة للغتين الانكليزية والألمانية في المدارس الابتدائية والثانوية، اذا لم تنزع غطاء الرأس عنها. لكن لودين تمسكت بحجابها معتبرة انه خيار ديني لا سياسي، وأن الدستور الألماني يحفظ للمواطنين حرية التعبير عن ايمانهم. ورفعت على الأثر قضيتها الى محكمة بدائية حيث رفضت، ثم استأنفت الحكم امام محاكم أعلى الى ان صدر قبل شهور عن المحكمة الادارية العليا في برلين حكم يثبت احكام المحاكم السابقة ويؤكد صحة قرار وزارة التعليم في الولاية بحجة ان الدولة الألمانية دولة علمانية حيادية لا تسمح بفرض وجهة نظر ايديولوجية او دينية على تلاميذ المدارس الرسمية. وعلى رغم ان وزارات التعليم في بعض الولايات الألمانية تسمح منذ سنوات لمدرسات مسلمات بارتداء الحجاب خلال ممارستهن عملهن الرسمي، فإن هذا السماح لم يكن يستند الى قاعدة قانونية بمقدار ما استند الى موقف متسامح مع الأديان عموماً. وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن لودين، بغالبية خمسة قضاة في مقابل ثلاثة. ولأن التعليم في المانيا هو من صلاحيات كل حكومة محلية من حكومات الولايات ال16 لا من صلاحية الحكومة الفيديرالية، جاء في حيثيات حكم المحكمة الطلب من هذه الولايات ان تحدد بقوانين تصدرها لاحقاً، ما اذا كانت ستسمح لمحجبات مسلمات بدخول سلك التعليم الرسمي ام لا. وفي اول رد فعل على الحكم الصادر، اعلنت وزارة التعليم في ولاية سكسونيا المنخفضة انها ستسمح رسمياً بالحجاب للمدرسات الراغبات فيه، مشيرة الى وجود اربع معلمات محجبات يمارسن التعليم منذ فترة. وأعلنت انها لا تتوقع ان يزداد عدد هؤلاء في صورة دراماتيكية. وفي وقت حيا حزب الخضر الحكم، انتقده الحزب الديموقراطي المسيحي بشدة. وأعربت لودين عن ارتياحها الكامل الى قرار المحكمة العليا، قائلة انها "فرحة جداً" وان الجدل القانوني الذي جرى "جعلها أقوى من السابق"، بعدما شعرت بضغط التمييز على مدى سنوات. واضافت: "بالنسبة لي لم أكن أتطلع الى قرار سياسي عام، وإنما كنت انظر الى مسألة التمييز". ويثير الحجاب جدلاً على المستويات كافة في بعض دول اوروبا، خصوصاً بعد هجمات 11 أيلول سبتمبر، بسبب مخاوف من أن الحجاب يمكن أن يغطي رأساً مليئاً بأفكار متشددة.