يعيش الاسبان حالياً مأساة احتضار حيوان الغوريلا الابيض الوحيد في العالم، وهو موجود في حديقة حيوان برشلونه، ويعتبر من المعالم الشهيرة لإسبانيا. ويتوافد سكان برشلونه إلى الحديقة ليودعوا الغوريلا كوبيتو دي نييفي أو زهرة اللبن الثلجية وهو رمز مدينة برشلونه ثاني المدن الاسبانية منذ قرابة أربعة عقود. وأعلنت بلدية برشلونه أن ذكر الغوريلا يعاني من مرض سرطان الجلد، وربما يموت خلال بضعة أسابيع. وقال أحد المسؤولين ان البلدية ترتكب "خطأ لا يغتفر" إذا لم تسمح للمواطنين بتوديع ذكر الغوريلا الذي يحتل مكانة في قلوبهم ويطلقون عليه اسم كوبيتو. وكوبيتو ليس نجم حديقة حيوان برشلونه فحسب، بل هو معروف في الاوساط العلمية... حيوان فريد وشخصية عالمية شهيرة ظهرت على غلاف مجلة "باري ماتش"، ومجلة "ناشونال جيوغرافيك" العلمية. عندما ولد الغوريلا الابيض البشرة ذو العينين الزرقاوين في غابات المطر في غينيا الاستوائية في وسط أفريقيا، لم يكن يقدر له الشهرة في أول الامر بل الموت العاجل. وقد قتل والداه برصاص مزارع عام 1966 لأنهما كانا يسرقان الموز من مزرعته، وكان يمكن أن يصبح الغوريلا اليتيم الابيض سهل المنال ونهباً للصوص. لكن المزارع بنيتو مان أسره وأخذه إلى الخبير الاسباني جوردي سافاتير بي المتخصص في الثدييات، وكان يعمل في مركز للبحوث في البلاد التي كانت مستعمرة أسبانية. وعندما أعلن المزارع أن لديه ذكر غوريلا أبيض للبيع اعتقد الناس في مركز البحوث أنه مخمور. وانتهى الأمر بالغوريلا الابيض كالثلج إلى حديقة حيوان برشلونه وزاره علماء الحيوان من جميع أنحاء العالم فلم يصدقوا أعينهم. وشك البعض في أن يكون فراء الغوريلا قد تم تبييضه كيماوياً. وفسر وجود هذا الغوريلا الابيض بنظريات عدة كان أكثرها جنوناً هو أنه مهجن ونتاج غوريلا وإنسان أبيض. وكان كوبيتو عدوانياً في بادئ الامر ثم هدأ تحت رعاية ماري غراسيا لويرا زوجة الطبيب البيطري لحديقة الحيوان التي تمكنت من ترويضه. ورفضت حديقة حيوان برشلونه بيع كوبيتو بمبالغ طائلة أو إرساله للعمل في أفلام في هوليوود أو لحساب شركات دعاية يابانية. وكانت حديقة الحيوان تتمنى أن يتوالد حيوان غوريلا أبيض آخر فزوجت كوبيتو من ثلاث إناث، لكنه لم ينجب أبداً غوريلا أبيض من ضمن عشرين غوريلا من ذريته. وكوبيتو هو حيوان الغوريلا الوحيد الذي أصيب بسرطان الجلد. ويعزو الخبراء هذه الاصابة إلى لونه الشديد البياض. وأجريت لكوبيتو أخيراً جراحة لاصابته بالكاتاراكت الماء الازرق أو إعتام عدسة العين... لكن الاطباء البيطريين يقولون إنه لا يمكن وقف تطور السرطان. وهم يعطون الغوريلا مسكنات الألم بعد أن طعن في السن وبلغ 40 عاماً أي ما يعادل 80 عاماً في أعمار البشر. وستحتفظ حديقة الحيوان بعينات من حمضه النووي، لكن الخبراء يقولون إن تكنولوجيا الاستنساخ لا تسمح بتخليق "كوبيتو" آخر. وكان كبيتو يشعر بالملل ويتغير مزاجه في بعض فترات حياته... لكنه اتزن مع مرور السنين وهو يمضي وقته في اللعب مع أحفاده. وقال جوردي بوراتبيا رئيس مجلس إدارة حديقة الحيوان ان ذكر الغوريلا الابيض وهو على حافة الموت "يعيش أسعد أيام حياته". وصاحت طفلة صغيرة وهي تقف أمام قفصه في الحديقة: "هذه هي المرة الاخيرة التي أراه فيها"، بينما المسؤولون في برشلونه يعتزمون إطلاق اسمه على أحد الشوارع أو بناء ضريح تكريماً له.