دافعت حكومة توني بلير امس عن دخولها الحرب على العراق على رغم تحذير وجهه مسؤولون في الاستخبارات من أن ذلك قد يزيد التهديد الارهابي لبريطانيا وان اطاحة نظام صدام حسين قد تساعد المجموعات الارهابية في الحصول على اسلحة كيماوية وجرثومية. وهاجم برلمانيون معارضون امس رئيس الوزراء لانه اخفى هذا التحذير، وقالوا ان مجلس العموم البرلمان كان سيقف ربما ضد قرار دخول الحرب لو علم به. وردت رئاسة الحكومة على الاتهامات بان "اللجنة المشتركة لأجهزة الاستخبارات لم تلحظ في تقريرها في ما اذا كانت مخاطر التحرك في العراق اكبر من مخاطر عدم التحرك، او العكس". واضافت انه "يمكن الاعتماد على اجهزة الاستخبارات لاصدار التقارير، لكن السياسيين هم الذين يتخذون القرارات". وجاء في تقرير اللجنة المشتركة التي تعتبر بمثابة صلة وصل بين الحكومة ومختلف اجهزة الاستخبارات ان "انهيار النظام العراقي سيزيد من مخاطر وصول التكنولوجيا والمواد العسكرية الكيماوية والبيولوجية الى ايدي ارهابيين، وليس بالضرورة القاعدة". وبدوره قال وزير الصحة جون ريد ان رئيس الوزراء "توصل الى قراره بعد درس معلومات بينها تقارير استخباراتية تفيد أن صدام حسين كان يمثل تهديداً، وان الخطر كبير في حال توحدت جهود الارهابيين مع جهود الدول المارقة التي تنتج اسلحة دمار شامل على نحو يبرر الحرب. واعتقد ان حكمه كان صائبا". واضاف ريد ان "العمل العسكري في العراق لم يؤد الى زيادة مخاطر التهديدات من الجماعات الارهابية لان صدام حسين لم يعد يحكم العراق". لكن التقرير الذي نشرته لجنة الاستخبارات والامن البرلمانية اول من امس اكد ان مسؤولي الاستخبارات نفوا وجود معلومات عن تسليم نظام صدام حسين اسلحة كيماوية او بيولوجية الى تنظيم "القاعدة" او وجود نية عراقية في شن هجمات بهذين النوعين من الاسلحة عبر استخدام عملاء للاستخبارات العراقية. وطغت الانباء عن تجاهل بلير تحذيرات الاستخبارات على تغطيات وسائل الاعلام البريطانية التي انتقدت في معظمها قرار دخول الحرب والربط بين صدام و"القاعدة". وأفادت صحيفة "دايلي ميرور" الموالية تقليديا لحزب العمال في افتتاحيتها انه "ثبت الآن ان صدام لم يكن يمثل خطرا على الغرب وانه لم يزود القاعدة أو أي منظمات ارهابية اخرى السلاح". واجمعت الصحف على ان مستقبل وزير الدفاع جيفري هون أصبح وراءه لان استقالته باتت أمراً مفروغاً منه، وتتعلق فقط بالتوقيت المناسب الذي يرجح ان يكون بعد صدور التقرير النهائي للتحقيق القضائي الذي يجريه اللورد هاتون في ملابسات انتحار خبير الاسلحة ديفيد كيلي الذي كان مصدر تقرير اذاعة "بي بي سي"، التي اتهمت الحكومة بتضخيم ملف الاسلحة العراقية المحظورة لتبرير خوض الحرب. وكتبت صحيفة "تايمز" ان "بلير في مأزق في مواجهة التحذير حول العراق"، في حين عنونت صحيفة دايلي تلغراف: "بلير تجاهل التحذيرات حول المخاطر الارهابية" وكان عنوان صحيفة "ذي غارديان": "بلير يرفض التحذير من الارهاب". وكتبت صحيفة "فايننشال تايمز" امس ان "تصميم رئيس الوزراء على جر بريطانيا الى حرب على العراق يورطه سياسياً من جديد"، مشيرة الى انه لم يطلع البرلمان على هذا التقرير "ولم يأت مرة على ذكره". اما صحيفة "اندبندنت" فكتبت ان "الانطباع العام … هو ان القاعدة التي استند اليها بلير لقيادة الأمة الى الحرب كانت انتقائية ومشوهة وخاطئة".