صادقت منظمة التجارة العالمية امس على اتفاق يسمح للدول الفقيرة بالحصول على أدوية منتجة من دون ترخيص لمكافحة الأوبئة القاتلة، في خطوة قد تساعد على انقاذ حياة الملايين، بعد خلاف طويل على هذه المسألة. وقال سوباتشي بانيتشباكدي المدير العام للمنظمة انه "اتفاق تاريخي لمنظمة التجارة العالمية". واضاف ان "القطعة الأخيرة من الأحجية أصبحت في مكانها، ما يسمح للدول الأفقر بالاستفادة بصورة تامة من مرونة قواعد المنظمة المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية من اجل معالجة الامراض التي تعصف بشعوبها". ورحّبت كينيا، احدى الدول النامية التي مارست الضغط من اجل المصادقة على الاتفاق، بقرار المنظمة. وقالت السفيرة الكينية امينة جواهر محمد: "هذه أخبار طيبة لشعب افريقيا الذي هو بأمس الحاجة للحصول على ادوية بأسعار معقولة". كما رحب الاتحاد الاوروبي بالاتفاق الذي قال المفوض الاوروبي للتجارة باسكال لامي في بيان ان الاتفاق "وان تأخر فإنه يبين في نهاية الامر ان منظمة التجارة العالمية يمكن ان تستجيب، بمرونة وبراغماتية لمخاوف الدول النامية وتساهم في محاربة الامراض المعدية". واضاف: "بات استيراد ادوية بديلة يشكل حقاً تحميه منظمة التجارة العالمية للدول غير القادرة على انتاج الادوية". الا ان الاتفاق لم يلق ترحيباً من الجميع. فقد صرحت منظمة "اوكسفام" ومنظمة "اطباء بلا حدود" في بيان مشترك ان الاتفاق "مليء بالعيوب" و"لا يقدم حلاً عملياً". وقالت ايلين تهوين من منظمة "أطباء بلا حدود" ان "الاتفاق يهدف الى ارضاء الولاياتالمتحدة وشركات الأدوية في الغرب"، مضيفة انه "ولسوء الحظ لا يعمل لمصلحة المرضى الفقراء. وستستمر قواعد الترخيص، او الملكية الفكرية، العالمية في زيادة اسعار الادوية". ويعبر الصراع للتوصل الى اتفاق على الادوية البديلة عن الانقسام بين اغنياء العالم وفقرائه، ويبرز الخلافات القائمة في شأن العولمة. وقال الناطق باسم منظمة التجارة العالمية، كيث روكويل، في اعلانه عن المصادقة على الاتفاق: "قبل دقائق اتخذ المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية واحداً من اهم قراراته" والذي بموجبه تستطيع الدول الفقيرة التي لا تمتلك صناعات ادوية استيراد بدائل رخيصة لمكافحة امراض مثل نقص المناعة المكتسبة الايدز والملاريا والسل. ويعتبر الحصول على ادوية بديلة لمضادات الفيروسات المستخدمة لمكافحة الايدز مسألة حياة او موت بالنسبة لنحو 30 مليون افريقي يعانون المرض طبقاً لاحصاءات الاممالمتحدة من اصل 42 مليون مصاب في كل انحاء العالم. وبدا في البداية ان مفاوضي منظمة التجارة العالمية توصلوا الى اتفاق الاربعاء، عندما ظهر اقتراح تسوية دعمته الولاياتالمتحدة في شأن حصول الدول الفقيرة على الأدوية البديلة. إلا ان المحادثات تعثرت الجمعة عندما أعربت الفيليبين وعدد من الدول النامية عن شكوكها العميقة في كيفية تفسير القوانين الجديدة عند تطبيقها. وظهرت نقطة التحول عندما تقدمت الدول الافريقية بمناشدة، حسب مصادر المنظمة. وقامت وفود كل من مصر وكينيا والمغرب وتنزانيا وجنوب افريقيا وزامبيا وزيمبابوي بحملة ضغط لحمل المعارضين على تغيير آرائهم. وقال السفير المغربي للوفود المجتمعة ان 18،2 مليون افريقي لقوا حتفهم بسبب مرض الايدز وغيره من الامراض القاتلة منذ وضع الصيغة الاولى للاتفاق في 16 كانون الاول ديسمبر. وفي كانون الاول الماضي تسببت المعارضة الاميركية بفشل الاتفاق الذي وافق عليه جميع اعضاء المنظمة. وتأتي مصادقة المنظمة على الاتفاق لتضع حلاً لمسألة القت بظلالها على محادثات التجارة العالمية الحرة منذ نهاية 2001، وقبل اقل من اسبوعين من اجتماع اعضاء المنظمة التي تضم 146 بلداً في كانكون في المكسيك لمواصلة التقدم الذي أحرزته جولة المفاوضات التي جرت في الدوحة، في شأن معاهدة التجارة الحرة الجديدة والتي تأخرت الموافقة عليها كثيراً. وقال بانيتشباكدي في معرض ترحيبه بالاتفاق انه "يثبت بشكل لا يقبل الشك ان المنظمة تستطيع معالجة الامور الانسانية تماماً مثل الامور التجارية".