زادت في الأيام الأخيرة احتمالات اجتياح قوات الاحتلال الاسرائيلي قطاع غزة في أعقاب انفراط عقد الهدنة والاتفاق الامني الفلسطيني - الاسرائيلي اللذين لم يدوما اكثر من شهر ونصف شهر. ورأت مصادر فلسطينية واسرائيلية متطابقة ان اجتياح القطاع امر بات شبه مؤكد في ضوء التصعيد القائم على الارض في اعقاب الغاء حركتي "المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" الهدنة التي اعلنتاها في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، فور اغتيال اسماعيل ابو شنب القيادي البارز في حركة "حماس" في الحادي والعشرين من الشهر الجاري. واعتبر العميد الركن رضوان ابو القمصان قائد العمليات في قوات الامن الوطني في شمال القطاع ان "الحشود العسكرية الاسرائيلية المتزايدة في القطاع تنذر بخطر جدي لاجتياح القطاع". وأشار ابو القمصان في حديث الى "الحياة" امس الى ان "التهديدات الاسرائيلية كافة تؤخذ في الجانب الفلسطيني على محمد الجد" معتبراً ان "هذه التهديدات تأتي في اطار المحاولات لجرّ الساحة الفلسطينية الى حرب اهلية داخلية". ولفت الى التهديدات التي يطلقها القادة العسكريون والسياسيون الاسرائيليون ومفادها ان اسرائيل لن توقف هجماتها وعمليات الاغتيال قبل ان تشرع السلطة الفلسطينية في ما تقول انه "تفكيك لبنى الارهاب". في هذه الاثناء، قال ضابط اسرائيلي كبير ان "قوات الجيش الاسرائيلي مستعدة لاستئناف العمليات البرية في اعماق قطاع غزة في أي وقت". واعتبر الضابط الذي نقلت تصريحاته صحيفة "يديعوت احرونوت" على موقعها على الشبكة العنكبوتية من دون ان تنشر اسمه، ان استئناف العمليات "رهن بأمور عدة، من بينها ماذا سيفعل الجانب الفلسطيني لمنع وقوع العمليات". واضاف ان "وقوع عملية كبيرة ضد احدى المستوطنات اليهودية في قطاع غزة، او ضد قوة عسكرية اسرائيلية، او ضد احد المواقع الاسرائيلية في محيط القطاع لن يترك امام المخططين العسكريين أي خيار، لذلك تم اعداد المخططات العسكرية للقيام بعمليات عسكرية برية في اعماق القطاع، كما تم اعداد القوات التي ستشارك فيها، خصوصاً من وحدة جفعاتي". وتتزامن هذه التصريحات مع ما قاله شهود من سكان شمال قطاع غزة والمناطق المتاخمة للمستوطنات اليهودية والمناطق الحدودية من ان هناك حشوداً عسكرية اسرائيلية كبيرة، آخذة في الازدياد يوماً بعد يوم منذ وقوع العملية الفدائية في مدينة القدسالمحتلة وانهيار الهدنة. وحسب الصحيفة فانه كان يقع قبل الهدنة اكبر عدد من "العمليات المعادية لاسرائيل" في قطاع غزة، حيث تصل النسبة الى مجمل العمليات نحو 40 في المئة بمعدل 100 عملية اسبوعياً. وانخفض هذا الرقم الى 25 اسبوعياً بعد الهدنة الامر الذي ينفيه الفلسطينيون تماماً. وتأتي استعدادات الجيش الاسرائيلي لاجتياح القطاع في الوقت الذي يجتاح اكثر من نصف الضفة الغربية ويفرض حظراً للتجول على عدد من المدن والمخيمات فيها. وفي شمال القطاع، حيث اكبر حشد عسكري اسرائيلي في منطقة "ايرز" والمستوطنات اليهودية الثلاث، وقع اشتباك مسلح بين قوات الامن الوطني الفلسطيني ومجموعة مسلحة من "كتائب الشهيد عز الدين القسام" في اعقاب اطلاق الاخيرة صواريخ "قسام" على مدينة المجدل عسقلان التي تطلق عليها اسرائيل اسم "اشكلون". وقال مصدر أمني مسؤول ل"الحياة" ان قوات الامن الوطني الفلسطيني المرابطة على طول خطوط التماس اعترضت مجموعة من "كتائب القسام" في اعقاب اطلاقها أربعة صواريخ، سقط احدها في مدينة المجدل شمال القطاع، ودار اشتباك عنيف بين الطرفين، قبل ان تنسحب المجموعة بمؤازرة مجموعة اخرى وصلت الى المكان لمساندتها. ويعتبر ذلك تطوراً خطيراً في سياق الانتفاضة المستمرة منذ ثلاثة اعوام. الى ذلك، قالت مصادر طبية ان الشاب محمد ابراهيم بعلوشة 17 عاماً استشهد امس متأثراً بجروحه التي اصيب بها قبل يومين في محاولة فاشلة لاغتيال ثلاثة من كوادر حركة "حماس" قرب مخيم جباليا للاجئين. كما اعلنت مصادر طبية في بيت لحم انه تم التعرف على الشهيد الذي سقط اول من امس وهو مصطفى محمد صلاحات 39 عاماً الذي احتجزت قوات الاحتلال جثمانه ساعات طويلة قبل ان تسلمها للجانب الفلسطيني. في غضون ذلك، نسفت قوات الاحتلال منزل عائلة الشهيد هاني زكارنة في بلدة قباطية قضاء جنين الذي نفذ هجوماً في الثاني عشر من كانون الثاني يناير الماضي واسفر عن مقتل مستوطن واصابة ثلاثة آخرين. ولا يزال حظر التجول مفروضاً على مدينة جنين ومخيمها لليوم الثالث على التوالي واعتقلت مواطناً من المدينة. كما اجتاحت قوات الاحتلال امس مخيم بلاطة للاجئين في مدينة نابلس شمال الضفة ودهمت عدداً من منازل المخيم وفتشتها، في وقت لا تزال مدينة نابلس خاضعة لحظر التجول لليوم الثامن على التوالي، وتوغلت في بلدة كفرراعي جنوب جنين واقامت حاجزاً عسكرياً واجرت تفتيشاً في السيارات المارة على الطرق. كما اعتقلت قوات الاحتلال مواطنين من مدينة نابلس، ومواطناً من مدينة قلقيلية. واغلقت قوات الاحتلال معبر المنطار كارني في قطاع غزة وطريق ابو هولي قبل ان تُعيد فتح الطريق صباح امس.