لا أعرف كيف يجرؤ عربي على الحنين الى الاستعمار واحتلال الوطن والشعور بالغربة والذل والعار، وهو على أرضه بين أهله، يتحكم فيه غرباء يصولون ويجولون في أنحاء البلاد، يأمرون ويطاعون، ومن يعترض يحملون له العصا. هذا ما حن إليه الأستاذ عباس سرحان في رسالته بريد "الحياة" في 22 تموز/ يوليو، ويستنكر فيها انفعال السيد عمرو موسى، بل ويستغربه كأنه بلا سبب!، على احتلال العراق، وعدم انفعاله قبل الاحتلال أيام النظام البائد. ويواصل الأستاذ سرحان اتهاماته لنا فيدعي اننا لا نولي هذا القدر من الاهتمام للأخوة العراقيين. يا سيد سرحان! ليس عمرو موسى وحده الذي ينفعل ويحزن على وضع العراق، بل كل عربي حر شريف. وأنا على يقين من أن أستاذنا الكبير عمرو موسى ليس "بوقاً صدامياً"، كما يدعي الذين باعوا أهلهم ووطنهم للمحتل الغاصب، بل هو ضد نظام الطاغية صدام. ولكن ما الذي كان يستطيع فعله كأمين عام لجامعة الدول العربية لإسقاط نظام صدام؟ وهل تعتقد أنه يعمل بمفرده، أم أن جامعة الدول العربية هي مرآة لوضعنا العربي، بمحاسنه ومساوئه؟ ولماذا تخص السيد عمرو موسى بانتقادك، وليس الحكومات العربية المسؤولة أساساً عن هذا الوضع، وعما يقوله أو يفعله السيد عمرو موسى؟ ان كل هذا نابع من الإرادة العربية. ولماذا لا تنتقد سيادتك الحكومات العربية التي أصبح لها "أجندتها" الخاصة، وأصبح كل منا يسعى لأهدافه بمعزل عن الآخرين، وتخلينا عن مبادئنا ونسينا أن مصيرنا مشترك. كل منا له أخطاؤه. ولكن هل يحق لي معاتبة عمرو موسى على عدم ادانته لما يحدث للمعتقلين السياسيين في مصر، وبقية الدول العربية؟ أشك في ذلك، لأن قراره ليس منفرداً. وكما وقفنا ضد صدام، لمصلحة الشعب العراقي، نقف ضد الاحتلال للسبب نفسه. ويجب ألا يفوتنا أن الولاياتالمتحدة هي التي دعمت صدام في حربه ضد إيران. وهي التي شجعته على غزو الكويت. وإذا ألقينا نظرة عامة على كل ما حدث ويحدث، نجده كله يسير وفق خطة معينة، ويصب في مصلحة أميركا وإسرائيل. تذكر كذلك يا أستاذ سرحان أن أميركا هي التي فرضت الحصار المميت على شعب العراق العظيم، واستخدمت اليورانيوم المنضب وأسلحة الدمار الشامل في قتل العراقيين الأبرياء، وساندت صدام في الماضي. فحتى عندما ارتكب مذبحة حلبجة سارعت ونفت مسؤوليته عنها، واتهمت دولة أخرى، ثم تراجعت عن ذلك في ما بعد بما يخدم مصالحها. ولكنني أعترف بأنني لم أعرف شيئاً عما فعله صدام بشعبه الى وقت قريب، نظراً لسني، وللتعتيم الإعلامي على جرائمه. وعن ذلك يجب أن تسأل الحكومات العربية، وليس عمرو موسى، يا من تحن الى الاستعمار! حنان سليمان طالبة مصرية [email protected]