لا تواجه أعتى قوة حربية في العالم صعوبة في تأكيد سطوتها في العراق، لكن عندما يتعلق الامر بكسب ود الناس فإنها تحتاج الى مساعدة. أمضت وحدة تضم 14 رجلاً من فرقة التدريبات والاستشارات في الجيش البريطاني الاسابيع الخمسة الماضية في تعليم أكثر من 500 جندي اميركي كيفية القيام بالدوريات وتفتيش البيوت والتعامل مع السكان من دون اثارة غضبهم، تالياً احتمال تقليل خسائر الاميركيين. قال كبير المعلمين اللفتنانت كولونيل انجوس لودون الذي عمل في ايرلندا الشمالية وكوسوفو وأفغانستان في مهمات مماثلة: "لم يكن احد يتوقع المشكلات التي يواجهها الاميركيون... لذلك نحن هنا للتحدث معهم عن افضل طرق التدريب التي نجحت في الجيش البريطاني طوال 35 عاماً بعد كل صراع". كان لودون يتحدث في قاعدة تلعفر الجوية التي استولت عليها القوات الاميركية. وتعود الكتبية التعليمية البريطانية الى بلادها في نهاية الشهر. وتعقد جلسات "التدريب ضد الارهاب" بناء على تعليمات وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون منذ ايار مايو بعدما اعلن الرئيس جورج بوش انتهاء القتال الرئيسي في العراق. ويعتقد خبراء استراتيجيون بأن أسلوب القوات الاميركية في التعامل مع العراقيين استفزازي ويثير العداء. ويشكو عراقيون بمرارة من اقتحام القوات الاميركية لبيوتهم وترويع اطفالهم، وبعد ذلك يتركون حفنة من الدولارات تعويضاً عن الاضرار التي أحدثوها. وفي حادث في مدينة الموصل شهدته مراسلة "رويترز" صوب جندي اميركي بندقيته الى عراقي وصاح فيه: "عد من حيث أتيت أيها اللعين" بينما كان الرجل يحاول ان يشرح أنه يريد نقل كيس من الدقيق الى المخبز لعمل خبز. كما نددت منظمة العفو الدولية بسلوك القوات الاميركية في العراق. وقال خبير عسكري: "لا يزال هؤلاء الاميركيون يعتقدون بأن الحرب مستمرة ويتعاملون مع الناس كما لو كانوا الاعداء... أوضاع ما بعد القتال تتطلب مهارات مختلفة تماماً لا يبدو انها لدى الاميركيين الذين يعتقدون بأن تحطيم الابواب أسهل من قرعها. في الحقيقة لا يوجد مبرر لإثارة غضب السكان". في البصرة يلعب الجنود البريطانيون كرة القدم مع العراقيين. ويتركون ادارة هذه المدينة ذات الغالبية الشيعية لشيوخ العشائر. وقال عراقي، رداً على سؤال عن اسلوب ادارة البلاد في ظل الاحتلال "البريطانيون أكثر تحضراً. يعرفون كيف يتعاملون مع الناس. الاميركيون يعاملوننا مثل الكلاب". وأوضح السرجنت دبن ديفيدسون من فرقة التدريب البريطانية ان تدريب الاميركيين يشمل اللجوء الى "الخيار الرقيق مثل القرع على الابواب بدلاً من اقتحامها. نعلمهم الجمع بين إظهار الود والسلوك المستقيم". الى ذلك، يجري تعليم الاميركيين تجنب ان يكونوا أهدافاً بتغيير المركبات أو استخدام الدمى بدلاً من اللجوء الى القوة الغاشمة لقمع اي هجوم محتمل. وقال لودون: "نأمل بإحداث تغيير في الاسلوب. الجيش الاميركي اشركنا في احسن تقنيات التدريب في الحرب التقليدية لسنوات عدة. ونحن نرد الجميل". وفي موقع حصين في تلعفر رأس المدربون البريطانيون دورة استمرت ثلاثة أيام استخدموا فيها الشرائح الزجاجية ووسائل ايضاح اخرى لتعليم الاميركيين. لكن جنوداً أميركيين لم يبدوا اهتماماً بمثل هذه التدريبات. وقالوا انهم يخشون الا يجدوا تشجيعاً من الرتب الكبرى في اضفاء صبغة انسانية على الاحتلال. ولكن جنوداً في مشاة البحرية المارينز مثل الملازم أول ميشيل كارون من نورث كارولاينا قالت ان التدريب بالتأكيد سيفيدها في عملها في جمع المعلومات الاستخباراتية. قالت: "عندما اخرج للكلام مع العراقيين أجدهم أكثر رقة لأنني امرأة. ولكن المدربين البريطانيين أظهروا لنا انه من المفيد استخدام الود. وربما بهذه الطريقة أخرج حية من هنا".