تسعى طبرقة مدينة المرجان الواقعة أسفل جبل خمير على بعد 175 كلم شمال غربي العاصمة التونسية الى ان تكون قطباً ثقافياً ساطعاً كامل الموسم السياحي الصيفي من خلال ما تقدمه من منتوج ثقافي ترفيهي متنوع يعتمد على الموسيقى بجميع انماطها مثل الراي والجاز والموسيقى اللاتينية... هذه المدينة المتوسطية التي كانت قديماً مركزاً تجارياً فينيقياً، وأصبحت اليوم مرفأ بحرياً مهماً ومركز اصطياف مرموقاً لتجاور البحر والجبل فيها، ترفض ان تكون مجمعاً لفنادق راقية فقط، بل تعمل على ان تصبح ايضاً مدينة ذات نشاط ثقافي ورياضي متنوع تضاهي به مدينة قرطاج التي تستقبل 600 ألف زائر في السنة من دون احتساب الأعداد الغفيرة التي تواكب مهرجان قرطاج الدولي خلال شهري تموز يوليو وآب اغسطس من كل سنة. فبفضل مطارها الدولي ومينائها الترفيهي وملاعب الصولجان الأجمل في منطقة البحر الأبيض المتوسط تسعى مدينة طبرقة القريبة من الحدود الجزائرية الى وضع اسس ثقافة سياحية جديدة تنتشل المدينة من الركود وتعيد الاعتبار الى السهرات الموسيقية والغنائية التي ازدهرت فيها في الستينات من القرن الماضي. وبداية موسم التظاهرات الصيفية كانت هذه السنة مع الدورة الثانية لمهرجان الراي الذي افتتحه الشاب الجزائري طارق على مسرح البازيليك وحضره جمهور غفير من التونسيين والسياح الأجانب وأيضاً عدد كبير من الجزائريين فكان التجاوب كبيراً مع هذا النمط الموسيقي والغنائي الذي تعود بداياته إلى مستهل القرن العشرين في مدينة وهران الجزائرية قبل ان يتطور ويصبح سجلاً غنائياً وحركة شبابية وثقافية تجاوزت حدود بلدها الأصلي. واشتمل برنامج المهرجان على سهرات اخرى مع الشاب حكيم الصالحي والشابة فاتي والشاب الصحراوي. اما مهرجان الجاز الدولي الذي دأب سنوياً على دعوة مشاهير تنويعات الجاز السامبا والريتم اند بلوز والجاز بلوز والجاز المعاصر والسالسا اللاتينية والبوب جاز وغيرها، فقدم في دورته الثامنة عروضاً من تونس وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية والنمسا. ونشير الى مجموعة "ايريو دو باولا" ثلاثي السامبا من البرازيل وفرقة الساول الأميركية الشهيرة "ايرث ويند اند فاير" الأرض والريح والنار التي ميزت سنوات السبعينات بإيقاعاتها. أسماء اخرى سجلت حضورها في المهرجان مثل عبدو سليم الذي حضر منذ عامين في تظاهرة "الجاز في تونس"، ولقي استحسان الجمهور. كما شارك التونسي فوزي الشكيلي. الدورة الثالثة لمهرجان موسيقى العالم وورلد ميوزيك تعقد من 23 الى 30 آب أغسطس المقبل... قبل ان تترك المشعل للمولود الجديد "مهرجان الموسيقى اللاتينية - لاتينوس" في ايلول سبتمبر. وتشارك في التظاهرة التي تستمر تسعة ايام بعد ان كانت تقتصر على اربعة ايام، اسماء ذائعة الصيت في عالم الموسيقى الغربية والشرقية. من بين المشاركين اللبنانين حنين التي ابهرت الجمهور التونسي في مهرجان المدينة الماضي، حينما مزجت بين الموسيقى الكوبية والمقامات الشرقيةالتونسية، وغالية بن علي المقيمة في فرنسا والتي تمثل موسيقاها مزيجاً من الأصوات العربية والإيقاعات الهندية على خلفية الفلامنكو وأنغام العصر الوسيط. كما ستحضر الأنغام القبائلية الجزائرية من خلال مطربها الرمز ايدير الذي سبق ان احيا سهرة ناجحة على المسرح الأثري في قرطاج برفقة الشاب مامي حضرها جمهور فاق عدده 12 ألف شخص. الى جانب ذلك تشارك مجموعة "هافانا مامبو" من كوبا ومجموعة "اسود" المشهورة بأنغام الريف وإيقاعات الجامايك في فاعليات المهرجان. وفي البرنامج عروض متميزة تجمع بين السالسا والروك والراب والفانك ل"كوبان كروف باند" من كوبا وعرض لأنواع موسيقية ممزوجة بين اللون الافريقي والكوبي و"الهيب هوب" البرازيلي لمجموعة "جيرالد ولاريتميكا" من اميركا. وتتوزع هذه السهرات الموسيقية والغنائية على فضاءات المدينة ك"البازيليك" و"مقهى الأندلس" و"الميناء الترفيهي" و"ممشى الأبر" في انتظار استكمال اشغال المركز الثقافي الدولي بطبرقة مع بداية الموسم المقبل. وكان رئيس بلدية المدينة قرر بعث هذا الفضاء الجديد على اثر النجاحات المتكررة للمهرجانات الصيفية وخصوصاً مهرجان الجاز وعدم تمكن فضاء البازيليك وحده من استيعاب الأعداد الغفيرة التي تأتي خصيصاً من فرنسا والجزائر وتونس لمواكبة فاعلياتها. ويحتوي الفضاء الجديد المطل على البحر على "مسرح الهواء الطلق" ويسع لأكثر من 4000 شخص، ومع انتهاء الموسم الثقافي الصيفي يفسح المجال لهواة الغوص في اعماق البحر والتصوير تحت الماء من اوروبا والمغرب العربي بممارسة نشاطهم قبل ان تعود طبرقة الى هدوئها المعتاد بقية اشهر السنة إن امكنها ذلك. فقد اختار المسؤولون شعار "في طبرقة لن نقلق ابداً" وقرروا ان تشهد المنطقة مستقبلاً نشاطاً ثقافياً شهرياً.