بدأ يتعاطى المخدرات في سن الخامسة عشرة، وكان لا يزال على مقاعد الدراسة. التقته "الحياة" في حرم كلية الطب التابعة لجامعة القديس يوسف حيث اقيم احتفال لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات في 26 حزيران يونيو الماضي. رفض ذكر اسمه لأنه "عندما يكفون عن معاملة المدمن كمجرم ويعاملونه كمريض بحاجة الى المساعدة لن أتهرب من ذكر اسمي". ولكنه وافق على اجراء حديث وان كان مقتضباً ليفيد غيره من تجربته. فروى ان بداية ادمانه المخدرات كانت مع حشيشة الكيف. وقال: "كنت مع رفاقي وأردت ان أجربها بداعي الحشرية وخصوصاً انه كانت لدي القدرة المادية الكافية لأشتريها. ومع الوقت تعلّقت بها وانتقلت من تدخين الحشيشة الى تعاطي مخدرات اقوى. وأصبحت أتناول بين 3 و4 غرامات يومياً ومن دون توقف". وتابع: "اذا تأخرت لحظة عن تناول الجرعة المطلوبة ينتابني وجع حاد في الرأس، وغثيان قوي وشعور بالبرد الشديد". وأوضح انه دخل السجن مدة ثمانية أشهر وتعرّف بعدها الى احد أعضاء جمعية "جاد" وهي مؤسسة غير حكومية تهدف الى العمل على توعية الشبيبة على مكافحة المخدرات. فاقتنع بالعدول عن الادمان بعد مرور 11 سنة على دخوله تلك الدوامة التي لم يستطع الخروج منها لولا المساعدة، وقد مضى على توقفه حتى الآن نحو سنة وشهر فقط0 خلال الاحتفال الذي تم بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة اللبنانية ومشاركة هيئات اهلية ومنظمات غير حكومية، شدد الحضور على اهمية توعية الجيل الصاعد على مخاطر الادمان، وما زاد الاحتفال واقعية حضور مدمنين سابقين انضموا الى احدى هذه الجمعيات ليتغلبوا على محنتهم ويمدوا يد المساعدة الى غيرهم من المدمنين. وافتتحت هذه الحملة بكلمة لوزير الشباب والرياضة سيبوه هوفنانيان الذي طالب بضرورة "مواجهة المواقف والحالات الشاذة والانحراف، في اطار استراتيجية شاملة مدروسة دراسة علمية ومبنية على حقائق ومعطيات من الواقع اللبناني، وذلك بالتعاون مع الوزارات المختصة والجمعيات الأهلية والشبابية". وترتكز هذه الاستراتيجية "على الوقاية والمكافحة والعلاج وخلق حركة شبابية على صعيد لبنان تواكب هذا النشاط، وتأسيس نواة متخصصة وتدريبها ووضع خطط عمل تحترم خصوصيات المنطقة كلها". وقال رئيس جمعية "جاد"، جوزيف حواط: "كانت معالجة مشكلة المخدرات قبل سنوات سهلة نسبياً، وكان حجم المبيع قليلاً، أمّا الآن فقد ارتفعت نسبة الاتجار فتدنى السعر وازداد عدد المدمنين". وأضاف: "إنّ مشكلة الهيرويين المحروق أصبحت في رأس الهرم تليها مشكلة خلط المواد الخام مع مواد أخرى لخفض الأسعار وللوصول إلى أكبر عدد ممكن من المدمنين". كذلك قدّمت مدير عام "تجمع أم النور"، وهو منظمة غير حكومية لاعادة تأهيل المدمنين، إحصائيات حول أوضاع المدمنين، وأعمارهم، وعددهم، ووضعهم العائلي، مبيّنة أنّ نسبة متعاطي المخدرات في العالم بحسب الأممالمتحدة بلغت 180 مليون شخص. وقدمت دراسة تقويمية سريعة عن لبنان اشارت فيها الى أنّ 86 في المئة من طلاب المرحلة التكميلية جربوا مرة واحدة على الاقل مادة مخدرة كالحشيشة او حبوب "اكستازي" المنشطة، او مادتي الكوكايين والهيرويين. أما بالنسبة الى المدخول العائلي والمستوى الاجتماعي للمدمنين في لبنان فأعلنت اليازجي أنّ 47 في المئة منهم هم من ذوي الدخل المحدود. واختتم اللقاء بكلمة لرئيس جمعية "الشبيبة لمكافحة المخدرات" المحامي جوزيف فياض الذي قال "إنّ اعتبار المدمن مجرماً يجب معاقبته أمر غير سليم في القوانين لأنّه أساساً ليس بمجرم بل هو مريض يقتضي علاجه. وفي حال تقدم المدمن من تلقاء نفسه الى مراكز الوقاية أو العلاج يجب أن يضمن له القانون عدم التعقب ومجانية المعالجة وسريتها". وطالب فياض "بتطبيق كامل لقانون المخدرات من خلال إنشاء لجنة مكافحة الإدمان على المخدرات لاحتضان المدمن وإخضاعه لتدابير العلاج الجسماني والنفساني وإعطائه شهادة شفائه، على ان يتم ذلك على نفقة الدولة، إضافة إلى إنشاء مصحّات لمعالجة المدمنين من التسمم الادماني، وإنشاء مجلس وطني لشؤون المخدرات".