أقر الرئيس الفرنسي جاك شيراك بأن "الرابط الأطلسي" بين أوروبا وأميركا سيبقى عاملاً مهماً لخمسين سنة مقبلة، مقللاً من الخلافات في شأن العراق. لكنه أكد قبل أيام قليلة من قمة الدول الثماني المرتقبة في ايفيان أن "حرباً غير شرعية" في العراق "لا تصبح شرعية لمجرد أنها حققت نصراً" للولايات المتحدة. وأعرب شيراك في مقابلة نشرتها أمس صحيفة "ذي فاينانشيال تايمز" البريطانية، عن أمله بأن تطوي القمة صفحة الخلافات على الملف العراقي، وزاد: "على رغم خلافاتنا، نتقاسم جميعاً في مجموعة الثماني القيم الاقتصادية ذاتها". وذكر أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير "كان له دور ايجابي" للتوصل إلى تسوية في مجلس الأمن حول القرار الأخير الذي رفع العقوبات عن العراق. وزاد ان "فرنسا صوتت مع القرار، ولكن وجب على الولاياتالمتحدة أن تخفف كثيراً من مواقفها خلال ال15 يوماً الأخيرة في الأممالمتحدة". وعن الهجمات التي تتعرض لها فرنسا في الولاياتالمتحدة، قال شيراك إنها "أحزنته"، لكنها صادرة عن مجموعة صغيرة في واشنطن، وأضاف: "هذا لم يمنعني من النوم". واعتبر أن "الولاياتالمتحدة أصبحت أقل اكتراثاً بأوروبا" منذ سقوط جدار برلين، وقال: "انه تطور ذو معنى كبير، لست مرتاحاً كثيراً إليه، لكنني لا أزال أرى على المدى المتوسط، خلال الخمسين سنة المقبلة، ان الرابط الأطلسي عامل مهم". وعلى رغم الابتسامات التي يحاول القادة الأميركيون والفرنسيون رسمها، لا تزال واشنطن تحمل ضغينة لفرنسا، قبل أول لقاءات بعد الحرب على العراق بين الرئيس الأميركي جورج بوش ونظيره الفرنسي. وسيجتمع الرئيسان هذا الأسبوع في مدينة سانت بطرسبرغ لمناسبة المئوية الثالثة لانشاء عاصمة الامبراطورية الروسية السابقة. كما يستضيف شيراك نظيره الأميركي الأسبوع المقبل في منتجع ايفيان الفرنسي حيث ستعقد قمة دول مجموعة الثماني. وكان وزير الخارجية الأميركي كولن باول ونظيره الفرنسي دومينيك دوفيلبان التقيا الأسبوع الماضي في باريس، وقالا للصحافيين والابتسامات تعلو وجهيهما إن العلاقات بين بلديهما "ممتازة". لكن معظم المحللين يرى ذلك بعيداً كل البعد عن الحقيقة، خصوصاً بسبب المعارضة الفرنسية للحرب على العراق. وقال جيرمي شابيرو، المتخصص في العلاقات الفرنسية - الاميركية في معهد بروكنغز في واشنطن، إن مثل تلك التصريحات يجب ألا يؤخذ بمعناه الظاهر. إذ أكد باول خلال الاجتماع مع دوفيلبان ان الولاياتالمتحدة تعيد النظر في علاقاتها مع فرنسا في شكل كامل. وأضاف شابيرو: "باول أصر على أنه لن يتراجع عما قاله عن عواقب" للمعارضة الفرنسية للحرب. وعلى رغم ان التأييد الفرنسي لقرار مجلس الأمن برفع العقوبات، خفف التوتر، تبدو الولاياتالمتحدة مصممة على جعل فرنسا تدفع ثمن معارضتها السابقة لاصدار المجلس قراراً يخول إلى واشنطن شن حرب على العراق. وكتب ديفيد اغناتيوس في صحيفة "واشنطن بوست" الجمعة الماضي ان "التفاؤل الفرنسي هذه الأيام، يتلخص في أن الأمور ستصبح أفضل عندما يخرج بوش من البيت الأبيض … ولكن، في هذا الأمر، كما في العديد جداً من تقويمات السياسة الخارجية الفرنسية، يبدو أن الفرنسيين يرتكبون خطأ جسيماً". ولاحظ شابيرو أن بوش "شخص يقدر الولاء والعلاقات الشخصية كثيراً، ويشعر بأن من المهم في الديبلوماسية، كما في العلاقات الشخصية، المكافأة على الوفاء والمعاقبة على الاخلال به. لذلك يبدو أكيداً أن الذين لم يخصلوا له سيدفعون الثمن". تظاهرات ضخمة إلى ذلك، يعد مناهضون للرأسمالية لتنظيم تظاهرة ضخمة تحاصر قمة مجموعة الثماني، احتجاجاً على ظهور الرئيس بوش في القارة الأوروبية التي شهدت تظاهرات ضمت ملايين ضد الحرب على العراق. وينوي عشرات الآلاف من المتظاهرين سد الطريق أمام القادة المشاركين في القمة في ايفيان، مستغلين الممرات الضيقة المؤدية إلى المنتجع الواقع على بحيرة جنيف، والجبال المحيطة به. وقال بيتروس كونستانتينو، وهو ناشط يوناني بارز مناهض للعولمة: "هدفنا الرئيسي هو جورج بوش الآتي إلى أوروبا للمرة الأولى بعد الحرب على العراق. لذلك، شعارنا سيكون لا لمجموعة الحرب". ويريد المنظمون الذين يسعون إلى مشاركة 150-200 ألف في تظاهرة يوم الافتتاح، الأحد المقبل، منع أعضاء الوفود الذين سيبيتون في مدينة لوزان السويسرية، من الوصول إلى المراكب المقرر أن تنقلهم عبر بحيرة جنيف إلى ايفيان. وستحتشد في المنطقة جماعات تضم تيارات متباينة، من الفوضويين إلى المسيحيين والمنادين بحقوق الشواذ وأنصار البيئة والعالم الثالث، لتنظيم نشاطات منها "قمة من أجل عالم آخر" في بلدة انماس الفرنسية المجاورة.