تبقى الرياضة وتتغير وجوه أبطالها باستمرار، وهذا أحلى ما فيها، خصوصاً في لعبة مثل كرة القدم التي يهيم بعشقها ثلثا سكان الدنيا إن لم يكن أكثر. وهكذا ودع ريال مدريد الإسباني مسابقة دوري أبطال أوروبا، وترك كأسها ليتنافس عليها فريقان إيطاليان عريقان هما يوفنتوس وميلان... فأبطال أوروبا سلموا كأسها من دون ذكرى عطرة في مواجهتهم مع يوفنتوس في الدور نصف النهائي، لأنهم كانوا فعلاً ضيوفاً "خفيفي الظل" وقدموا عرضاً متواضعاً قياساً على قدراتهم وأسعارهم في سوق اللاعبين، والتي تفوق في مجملها ال200 مليون دولار. فلا يمكن أن يختلف اثنان على أن ريال مدريد ظهر بعيداً كل البعد من لقب البطل، وبدا لاعبوه أبعد ما يكونون عن المستوى الذي ظهروا عليه في مبارياتهم السابقة فاستحقوا الهزيمة عن جدارة. والذين تأملوا في نهائي مثالي يجمع بين ميلان وريال مدريد خاب ظنهم، لأن يوفنتوس استجمع كل قواه وشجاعته وعرف كيف يقلب خسارته على ملعب "سانتياغو برنابو" إلى فوز مستحق في بيته التوريني "ديللي آلبي" وأثبت أن الكرة الإيطالية كبيرة على رغم مرورها بسنوات عجاف على الصعيد الأوروبي في الآونة الأخيرة. على أي حال، لكل شيء نهاية، والكرة الإسبانية ليست استثناء. لكن الأكيد أن نظيرتها الإيطالية أثبتت أنها "عملة" قوية قد يتأرجح مستواها ما بين صعود وهبوط، لكن تبقى دائماً "صعبة" جداً، خصوصاً على صعيد المسابقات الأوروبية... فهي صاحبة الرقم القياسي لجهة عدد مرات الفوز بالألقاب الأوروبية مجتمعة، وهي الأولى والوحيدة التي جمعت بين كؤوس كل المسابقات الأوروبية في موسم واحد في عام 1990 وذلك عندما حصل ميلان على لقب أبطال الدوري، ويوفنتوس على كأس الاتحاد، وسمبدوريا على لقب كأس الكؤوس وهي المسابقة التي ضُمت إلى كأس الاتحاد قبل ثلاث سنوات وكان صاحب آخر لقب لها هو لاتسيو الإيطالي أيضاً. الكرة الإيطالية ثرية بتراثها وألقابها، والمهم الآن أن تجيء القمة المرتقبة في 28 الجاري على ملعب "أولد ترافورد" في مدينة مانشستر الإنكليزية في المستوى المأمول، وأن يقدم الفريقان الإيطاليان ما يؤكد عودة بلدهما ليحتل مركز الصدارة أوروبياً عن جدارة واستحقاق. وفي الرياض، كثر "الحكي" و"السوالف" قبل مباراة القادسية والنصر عن مخاوف الأخير من مواجهة الأهلي في الدور الثاني من المربع الذهبي... وكأن أصحاب "القميص الأصفر" ضمنوا مسبقاً تجاوز القادسية الذي وصل الى المربع الذهبي للمرة الأولى في تاريخه. لكن المستطيل الأخضر أكد مجدداً، كما فعل مئات وربما آلاف المرات، أن الحكي شيء وبذل الجهد والعطاء على أرض الواقع شيء آخر تماماً... فكان الفوز من نصيب القادسية الذي قهر الأرض والجمهور وأصحاب الملعب في آن. كرة القدم لا تعترف بالكلام ولا التنديد "المستمر" بالحكام، لأن الفيصل الوحيد يبقى دائماً قوة أداء اللاعبين داخل الملعب من دون استهتار بقدارات منافسيهم... حتى ولو كانوا "أبناء قادش" الذين لا ينسى أحد أنهم حملوا للكرة السعودية أول انجاز ذهبي لها في بطولة كأس الكؤوس الآسيوية عام 1993.