القيادة تهنئ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بذكرى استقلال بلاده    قتيلة في جنوب روسيا    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    الدولار يتماسك أمام اليورو والين    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    بلدية عنيزة تُطلق مهرجانيّ «كرنفال السعادة» و«صيف عنيزة» بالتعاون مع القطاع الخاص بمتوسط حضور يومي يتجاوز 8000 زائر    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    "سدايا" تستشرف مستقبل الصناعة الذكية في المملكة    ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني بالإمارات    الإسباني"إيمانويل ألغواسيل"مدرباً للشباب    الزمالك المصري يحجب رقم 10 الموسم المقبل بعد اعتزال شيكابالا    مجلس شؤون الأسرة يرأس وفد المملكة المشارك في الاجتماع التشاوري الثالث لمجموعة عمل تمكين المرأة    رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن إتمام مشروع سد النهضة    ترمب: اتصالي مع بوتين لم يحقق تقدمًا وأريد أن أرى أهل غزة آمنين    إحباط تهريب (3000) قرص "إمفيتامين" في الشرقية    نادي الصقور السعودي يعلن عن فعالياته لعام 2025    دروس قيادية من يوشع عليه السلام    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    ضبط (6) مخالفين في عسير لتهريبهم (100) كجم "قات"    نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة أبناء عبدالعزيز السالم    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    حمد الله يشارك في تدريبات الهلال    وفاة ديوجو جوتا مهاجم ليفربول    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    ترأسا الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى المشترك.. ولي العهد ورئيس إندونيسيا يبحثان تعزيز التعاون    صراع قوي في ربع نهائي مونديال الأندية.. نهائي مبكر بين بايرن وباريس.. وريال مدريد يواجه دورتموند    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    «الكتابات العربية القديمة».. أحدث إصدارات مركز الملك فيصل    اللقاءات الثقافية في المملكة.. جسور وعيٍ مستدام    الإنجاز والمشككون فيه    الجامعات السعودية تنظم ملتقى خريجيها من البلقان    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    تأهيل الطلاب السعوديين لأولمبياد المواصفات    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 25 - 04 - 2003

كأنني أراها اليوم... تسير في حرم الجامعة الأميركية في بيروت بين مبنى "وست هول" والمطعم "ميلك بار"، تحمل كتاباً أو أكثر، ومعها صديقة أو اثنتان. هالة سلام مقصود بعد زواجها جمعت المجد من أطرافه، فقد كانت حسناء ذكية، حصلت في حينه على ماجستير في الرياضيات، وهي مع هذا كله بنت سلام، الأسرة السياسية السنيّة الأولى في بيروت، وأخوالها آل كرامي في طرابلس.
الدكتورة هالة، وزوجها الدكتور كلوفيس مقصود، اصدقاء العمر، ولن أقول أصدقاء النضال. فكلاهما ناضل في حين قنعت من النضال بالحديث عنه. وتوفيت الأخت الحبيبة في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، وكنتُ على سفر متواصل، فلم أعرف بوفاتها الاّ بعد عشرة أيام، وبعد ان فاتني واجب العزاء.
غير ان هالة تظل في القلب، وهي بعد الماجستير في بيروت نالت دكتوراه في النظرية السياسية من جامعة جورجتاون، جامعتي معها، وعلَّمت في جامعتي جورجتاون وجورج ميسون.
لعلّ التعليم كان أقل ما أنجزت، فكم يفتقدها العرب في الولايات المتحدة اليوم، ويذكرون يوم كانت وجهاً مألوفاً على شاشات التلفزيون الأميركي، تدافع عن القضايا العربية وتشرح وترد وتفند.
وهي لم تتردد يوماً في النزول الى الميدان، من المشاركة في التظاهرات الوطنية في بيروت الى الاعتصام أمام البيت الأبيض سنة 1982 مع نخبة من النساء العربيات احتجاجاً على الاجتياح الاسرائيلي للبنان.
تزوّجت هالة من كلوفيس مقصود، سفير الجامعة العربية من الهند الى واشنطن ونيويورك والاستاذ الجامعي أيضاً، وشكلا معاً ثنائياً عربياً ثقافياً سياسياً اجتماعياً، و"قوة ضاربة" في الدفاع عن العرب وقضاياهم في مراكز الحكم ودور العلم ووسائل الاعلام. وكانت هالة جادة مجتهدة مناضلة، وزاد كلوفيس الى كل هذا ظرفه المعروف، وسرعة البديهة التي تجعل المستمع منا يفكر ويقول: لماذا لم أقل هذا بنفسي.
بدأت علاقتي مع هالة وكلوفيس في الوقت نفسه تقريباً في الستينات، هي طالبة في الجامعة، وهو سفير الجامعة العربية في بلاد تركب الأفيال. وكان مقدراً للصلة ان تتباعد لولا الحظ الحسن، فقد انتقلت في الثمانينات للإقامة في واشنطن، ووجدت ان اختي وهالة جارتان، فكنا نتزاور كل يوم تقريباً، واستضاف بيت سلام مقصود كبار الشخصيات العربية الزائرة، وأركان الحكم في أميركا، فأذكر مساء قضيناه في جدل سياسي مع هنري كيسنجر.
في واشنطن أشرق نجم هالة مقصود، وكان عملها من نوع لا يذهب بذهاب صاحبه، فهي ساعدت السناتور جيمس أبو رزق سنة 1980 على تأسيس لجنة مكافحة التمييز ضد العرب التي تعتبر الأولى من أكبر المنظمات العربية - الأميركية وأبعدها اثراً. وعملت هالة رئيسة للجنة بين 1996 و2001، كما ساعدت وكلوفيس على تأسيس مركز الدراسات العربية المعاصرة في جورجتاون، وهو المركز الوحيد في الجامعات الأميركية كلها للدراسات العربية فقط المراكز الأخرى للشرق الأوسط، وقد تخرج فيه مئات الطلاب بشهادات عليا، وعمل كثيرون منهم في الوزارات الأميركية المختلفة. وشاركت هالة في تأسيس مجلس المرأة العربية في واشنطن ورأسته سنوات، كما أنشئت باسمها قبل وفاتها بقليل مؤسسة هالة مقصود لتدريب الشباب العربي الأميركي على مؤهلات القيادة والخطابة، والتأثير في الكونغرس والادارة.
وقد أعلن مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورجتاون تقديراً لجهود هالة سلام مقصود وتكريماً لذكراها، عن انشاء كرسي في المركز باسم "كرسي كلوفيس وهالة سلام مقصود" يقدم برامج في التاريخ والسياسة والاقتصاد والتنمية والتجارة والثقافة والمجتمع العربي الحديث.
والمركز يجمع الآن التبرعات للكرسي المقترح، وقد حددت حاجته بمليوني دولار. وأعرف ان كثيرين تبرّعوا، وأرجو ان يسهم القراء بدورهم تقديراً لهالة سلام مقصود، وتكريماً لها.
ربما زدت هنا من زاوية المعرفة الوثيقة المستمرة بهالة وكلوفيس ان هالة أنجزت ما سجلت لها هنا، وقد أغفلت كثيراً غيره، في انتصار للإرادة على الظروف الشخصية، فقد شكت هالة دائماً من تراجع صحتها، وكانت تعاني صداعاً مزمناً يبلغ من ألمه أحياناً انها تمتنع عن الكلام أو لا تستطيع، ثم يزول الصداع وتستأنف نشاطها. وأعرف ان المرض الذي أدى الى وفاتها لم يقعدها في السنوات الأخيرة، فقد سمعت منها قبل سنتين انها تعمل على تأليف كتاب عن المحتوى الديني للفكر القومي العربي.
هالة سلام مقصود غابت عنا قبل سنة، الا انها باقية معنا بكل ما أنجزت، وأكاد أراها اليوم صورة حيّة كما رأيتها في حرم الجامعة قبل 40 سنة عندما تقاطعت طرقنا للمرة الأولى، وبقيت تتقاطع حتى الوداع الأخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.