أمام انظار الجنود الاميركيين الذين ما زالوا مرابطين امام فندقي "فلسطين" و"شيراتون" في بغداد، تظاهر نحو ثلاثة آلاف عراقي من أنصار جماعة "الاخوة الاسلامية" مطالبين برحيل القوات الاميركية عن العراق وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ورفع المتظاهرون الذين كان يقودهم الشيخ احمد الكبيسي إمام مدينة بغداد، العشرات من اللافتات التي تقول "ارحلوا عن بلادنا" و"اعمار العراق مسؤولية العراقيين". وتقدم التظاهرة عشرات من المشايخ وعلماء الدين من السنة والشيعة ورفعت لافتات تقول "سنة وشيعة شعب واحد" و"نعم للوحدة الوطنية ولا للطائفية". وكان المتظاهرون يهتفون "بالروح بالدم نفديك يا اسلام... بالروح بالدم نفديك يا عراق". وقال امام مسجد منطقة الحرية في وسط العاصمة العراقية للحياة "اتفقنا نحن سنة وشيعة على القيام بهذه التظاهرة بعد تظاهرتنا الحاشدة الجمعة الماضي، من اجل تأكيد وحدتنا ووحدة العراق بكل طوائفه، وللمطالبة بحكومة عراقية منتخبة من الشعب لا حكومة تنصبها اميركا". ورفع المتظاهرون لافتات تقول: "انقاذ الشعب العراقي اكذوبة كبرى" و"لا للتعامل مع الكيان الصهيوني". ورددوا هتافات تقول "سلطة عراقية لا توليفة اميركية". وعبر الشيخ احمد الجبوري عن "رفض الشارع العراقي لاي حكومة تحرسها اميركا من الخارج". وقال عن المعارضة العراقية في الخارج بأنهم "جاؤوا بصحبة القوات الاميركية ولا يمثلون سوى انفسهم ولا احد في العراق يعرفهم". ونفى ان يكون اهل بغداد شاركوا في اختيار اعضاء "المجلس التنفيذي لمدينة بغداد" ورئيسه محمد الزبيدي، ووصف وجود القوات الاميركية في العراق بأنه "احتلال". وبدأت تظهر في العاصمة العراقية تنظيمات سياسية عراقية جديدة لم يسمع أحد بها من قبل، وانما يرى لافتاتها معلقة في الشوارع وشعاراتها مكتوبة على الجدران مثل "الحزب الجمهوري" و"مؤتمر الوحدة الوطنية" و"حركة الضباط والمدنيين الاحرار". وبدأت الاحزاب المعارضة الكثيرة التي عادت مع القوات الاميركية تفتح مكاتب ومقرات لها في أحياء العاصمة العراقية مثل "الحزب الوطني الكردستاني" و"المؤتمر الوطني العراقي". لكن بدا واضحاً ان كل هذه الجماعات والتنظيمات ليس لديها نفوذ او حتى وجود في الشارع داخل العاصمة. ويبدو ان تياراً اسلامياً قوياً اصبح يسود الشارع في بغداد ويحتاج الى قيادة تنظمه حتى يصبح تياراً سياسياً من الممكن ان يفرض نفسه على مستقبل العراق السياسي. وقال ديبلوماسي مصري في بغداد ل"الحياة "في ظل غياب وسائل الاعلام في العراق وفي العاصمة بالذات يملك التيار الاسلامي وسيلة اعلام قوية لها تأثير في نفوس العديد من العراقيين وهي منابر المساجد". واضاف: "في كل مرة أذهب فيها للصلاة في الجامع القريب من بيتي يعمل الإمام على حث الناس على عدم التعامل مع الاميركان". وشهدت "الحياة" في جولة لها على منطقة "الأعظمية" و"حي الجامعة" منشورات مطبوعة ومعلقة على جدران المساجد وابوابها تدعو الى الوحدة الوطنية والى عدم التعامل مع الاميركيين، موقعة باسم "مجموعة علماء بغداد". وفي احد هذه المنشورات المعلقة تعريف بمسؤول الإدارة المدنية في العراق الجنرال جاي غارنر تحت عنوان "صهيوني يريدونه حاكماً للعراق". وفي منشور آخر بعنوان "لا تتخذوهم اولياء" موجه "الى من يوالي الاميركان وحلفاءهم من العملاء" يصف الاميركان بأنهم "مَنْ عاثوا في الارض فساداً" وبأنهم "مَنْ ذبحوا المسلمين ومن استباحوا بغداد والبصرة والنجف". وتحت عنوان "لا نقبل الظلم" دعا "ابناء هذا البلد الى رفض الظلم وفضح مغامرات العملاء لتخريب العراق واقتصاده".