"ينبغي للعمل المعجمي العربي أن يستفيد من الأعمال المعجمية الأجنبية التي أنجزت في لغات أخرى، كما أن البحث اللغوي العربي لن ينهض ويتقدم إلا اذا فتح نافذة على الجهود اللغوية غير العربية"، هذه رؤية عاشق اللغة، وصانع المعاجم الدكتور احمد مختار عمر الذي أمضى نحو 40 عاماً في مجالي علم اللغة وصناعة المعجمات، ونجح في طبع بصمة واضحة على مستوى الوطن العربي في هذين المجالين، الى جانب تفرده في العمل في مجال المعاجم تأليفاً وتحقيقاً إضافة الى اهتمامه بانجاز مُعجم للسياقات والأبنية في اللغة العربية. كان الدكتور أحمد مختار عمر المولود في القاهرة العام 1933 حصل على "الليسانس الممتازة" من كلية دار العلوم مع مرتبة الشرف الثانية عام 1958، وماجستير علم اللغة في الكلية نفسها بتقدير ممتاز 1963، والدكتوراه في علم اللغة من جامعة كمبريدج عام 1967. كما شغل وظيفة معيد فمدرس في كلية دار العلوم 1960-1968 ومحاضر في كلية التربية في طرابلس 1968- 1973 واستاذ مساعد في كلية الآداب - جامعة الكويت 1973- 1984. ثم تولى وكالة كلية دار العلوم للدراسات العليا والبحوث 1995-1998، كما تولى عمادة كلية الاداب في الكويت فصلين دراسيين. نال جائزة التحقيق العلمي من المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الرباط عام 1972 وجائزة مجمع اللغة العربية في القاهرة في تحقيق النصوص 1979 وجائزة ووسام العراق في الدراسات اللغوية 1989 و أُدرج اسمه ضمن أعلام الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة. وعمل مختار عمر مستشاراً لعدد من اللجان والهيئات والمؤسسات المحلية والعربية مثل: لجنة مدخل قاموس القرآن الكريم في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، هيئة معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، الهيئة الاستشارية لمعهد المخطوطات العربية، لجنة المعجم العربي الأساسي في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وقسم المعاجم في مؤسسة "سطور". تولى عضوية هيئة مجلة "الدراسات القرآنية" في جامعة لندن والمجلة العربية للدراسات الانسانية في الكويت ولجان التحكيم لعدد من الجوائز والمسابقات في المجلس الأعلى للثقافة في مصر والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. بالاضافة الى عضوية مجامع اللغة العربية في مصر وليبيا وسورية. كما أشرف الفقيد على العديد من الرسائل الجامعية في درجتي الماجستير والدكتوراه في جامعتي القاهرة وعين شمس. وكان لعمر حضور دائم ومشاركات فاعلة في العديد من المؤتمرات والندوات في مصر وليبيا وسورية والكويت والسعودية والامارات العربية المتحدة وتونس ولبنان وتركيا وهولندا والمجر ورومانيا وانكلترا والولايات المتحدة الاميركية. وفي السنوات الأخيرة اتجه الفقيد الى الاهتمام بالجانب اللغوي التطبيقي، وقام بدراسات متنوعة تحت ما اصطلح على تسميته باسم "علم اللغة التطبيقي" الذي يضم فروعاً كثيرة من أهمها: صناعة المعاجم، التخطيط اللغوي والسياسة اللغوية، الترجمة، تعليم اللغة وتعلمها واللغة في أجهزة الاعلام. وبلغ عدد مؤلفات الدكتور احمد مختار عمر 34 كتاباً آخرها كتاب "الاشتراك والتضاد في القرآن الكريم" دراسة احصائية، وزادت ابحاثه العلمية على 55 بحثاً علمياً. ويُعد مُعجم الشعراء العرب المعاصرين الذي صدر عن مؤسسة البابطين عام 1995 من أبرز أعماله، اضافة الى المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن الكريم وقراءاته والذي صدر عن شركة "سطور" العام الحالي في 1500 صفحة ويُعد أول عمل يجمع ثلاثة معاجم في مجلد واحد: الأول معجم لغوي لألفاظ القرآن الكريم يتناول الجوانب اللغوية المتعددة لكل لفظ بما يشمل جذر الكلمة أو حروفها الأصلية، ونوعها، ووزنها، وبيان معاني الكلمة، مع تحديد المجال الدلالي. المعجم الثاني فهو معجم مفهرس لألفاظ القرآن الكريم يضع جميع كلماته في ترتيب ألفبائي سواء كانت اسماءً ام أفعالاً أم أدوات أم ضمائر منفصلة وهو ما يتم جمعه للمرة الاولى في مكان واحد. والثالث يجمع بين العمل الفهرسي الاحصائي من ناحية، والتفسيري التخريجي من ناحية أخرى وتشمل المعلومات، عن كل قراءة، جذور الكلمة، مصادرها، تخريجها اللغوي ومجالها الدلالي. تظهر موسوعية هذا العمل في جمعه بين ألفاظ القرآن الكريم والقراءات القرآنية، ومزاوجته بين العمل التفسيري والعمل الفهرسي وتغطيته الجوانب اللغوية المتعددة للفظ واهتمامه بالمعلومات الموسوعية التي تشمل ما ورد في القرآن الكريم من أعلام وأماكن ومواقع وأحداث تاريخية. ويفيد هذا المعجم المتخصصين في حقل الدراسات اللغوية والقرآنية من خلال تزويدهم بالمعلومات اللغوية الرئيسة عن كل كلمة من ناحية، وفتح مجالات متنوعة للبحث أمامهم من ناحية أخرى، وتشمل هذه المجالات دراسة الجوانب الصرفية والاشتقاقية والدلالية ومعاني الأوزان وتبادل الصيغ وبعض الظواهر اللغوية الأخرى مثل: المشترك اللفظي والترادف والتضاد والمجالات الدلالية وغيرها.