في أول محطة في جولته العربية التي بدأت في القاهرة امس طالب وزير الخارجية الفرنسية دومينيك دوفيلبان القوات الاميركية والبريطانية في العراق ب"تحمل مسؤولية ضمان الأمن فيه وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة"، فيما ركز وزير الخارجية المصري أحمد ماهر على ان "للشعب العراقي وحده حق اختيار الحكومة التي ستتولى ادارة العراق ما بعد الحرب"، واكد في رده على سؤال ل"الحياة" عن كيفية تنفيذ ذلك في ظل الوجود الاميركي "انه ينبغي خلق الظروف لكي يتمكن الشعب العراقي من اختيار حر لحكومته". وتهدف الجولة العربية للوزير الفرنسي التي تنتهي اليوم في الرياض الى الاستماع الى رأي الدول العربية لمرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين، وفي ظل وجود قوات التحالف الاميركية - البريطانية والتعرف الى ما يحدث في المنطقة، وتعبئة الجهود الدولية لفرض دور أساسي للأمم المتحدة في العراق بعدما يستتب الأمن فيه. وكانت محادثاته في مصر مع الرئيس المصري حسني مبارك وماهر أظهرت له ان الجانب المصري يشترك مع الجانب الفرنسي في قناعة ان الاحتلال الاميركي سيواجه مشاكل كبرى. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان ماهر ابلغ نطيره الفرنسي الجهود التي بذلتها مصر مع الإدارة الاميركية قبل الحرب واثناءها وبعدها لإقناعها بتصحيح توجهها العسكري وفرض خطتها على الشعب العراقي، ولكن مصر اصطدمت بمواقف اميركية لا تسمح لأحد بمناقشتها". وقال دوفيلبان خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ماهر انه "مع انهيار نظام صدام حسين أصبحنا أمام وضع جديد، فعلى قوات التحالف تحمل مسؤولية الأمن على الأرض وهناك أمر واقع يجب ان تبذل الجهود لضمان أمن الاشخاص في العراق، وكل العاملين في القطاع الانساني". وتابع: "ان احلال السلام مسؤولية القوات الموجودة ميدانياً ونأمل بأن تكون هذه الفترة قصيرة كي تبدأ عملية اعادة بناء العراق على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية كي تلعب الأممالمتحدة دورها لأنها مصدر الشرعية الدولية وان تكون هناك حكومة عراقية لها سلطة شرعية اذا أردنا ان نضمن المرحلة الثانية لاحترام سيادة العراق". وأضاف ان الحديث مع مبارك تطرق الى الوضع الطارئ على الصعيد الانساني، مؤكداً ان معالجة هذا الوضع "يجب ان تتم على اساس روح عملية وبالتنسيق مع الأممالمتحدة"، اضافة الى تطوير برنامج النفط للغذاء، وضرورة اغلاق ملف نزع السلاح، فالأوضاع تغيرت في العراق الآن ويجب ان يتم رفع العقوبات المفروضة على الشعب العراقي وان يكون كل هذا في اطار القرارات التي اعتمدت في مجلس الأمن ويجب عودة المفتشين الى العراق". وأشار إلى ان فرنسا تريد "العمل بروح الانفتاح وروح بناءة لتنفيذ مراحل ما بعد الحرب، أولها المرحلة الأمنية حيث يجب ان يستتب الأمن في العراق، وهذه مسؤولية القوى الموجودة في الميدان، ومرحلة اعاءة البناء الاقتصادي والسياسي والاداري والاجتماعي، ومن الاهمية بمكان ان تكون هناك حكومة عراقية يعترف بها المجتمع الدولي". وتوجه دوفيلبان امس الى دمشق ثم بيروت، لطمأنة دمشق الى ان فرنسا مستعدة لدعمها في مسيرة الانفتاح والاصلاح التي يجب ان تسرع بها. فالجانب الفرنسي يريد تطمين الرئيس بشار الأسد الى ان باريس عازمة على مساندته ودعمه، ولكنها ايضاً "تتوقع منه ان يتحرك باتجاه الانفتاح على العالم واصلاح نظام لا يمكن ان يبقى مغلقاً على نفسه وسط التحديات التي يواجهها". وكان لافتاً في كلمة القاها دوفيلبان في القاهرة في ندوة نظمها المجلس المصري للشؤون الخارجية تساؤله لدى تطرقه الى مسيرة السلام في الشرق الأوسط: "هل ان الوجود الاسرائيلي في الجولان له مبرر أمني؟"، وقال: "ينبغي حل مسألة المياه وبحيرة طبرية على اساس عادل وحسب القانون الدولي في هذا المجال". وبالنسبة الى لبنان قال: "سيستعيد لبنان في اطار سلام شامل استقلاله التام وسيادته الكاملة".