قد لا تكون التعهدات الانغلو-اميركية بأن تلعب الاممالمتحدة "دوراً حيوياً" في عراق ما بعد الحرب، كافية لتفادي مواجهة ديبلوماسية جديدة مع القوى الكبرى في أوروبا. وسيعقد قادة دول اوروبا الرافضة للحرب، فرنسا والمانيا وروسيا الذين لم تهدئ مخاوفهم قمة الحرب والسلام التي عقدها الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في ايرلندا الشمالية، اجتماعاً في سان بطرسبرغ نهاية الاسبوع، واذا سعت هذه الدول، كما هو متوقع، جاهدة من أجل دور اكبر للامم المتحدة يفوق ما تتصوره واشنطن ولندن، قد يهيئ ذلك المسرح لمعركة ما بعد الحرب في مجلس الامن، والتي ستفوق الانقسام الشديد عشية هذه الحرب على التفويض باستخدام القوة. يقول جيفري غيدمن مدير معهد اسبن في برلين: "بدأ التصادم، وتشكّلت دائرة يصعب كسرها الآن، ان لدينا نظاماً مختلفاً للقوى وافتقاراً للثقة، فهل يتطور ذلك الى جولة ثانية كاملة، ام تكن مجرد شهقة بعد الخلاف الاول؟ من السابق لأوانه معرفة الجواب". وتريد الولاياتالمتحدة وبريطانيا تجنب معركة ديبلوماسية جديدة. بلير الذي فشل فشلاً ذريعاً في تجاوز الخلاف بين ضفتي الاطلسي يدعو كل يوم الى الوحدة، وفي احدث جهود لرأب الصدع في العلاقات التي تضررت نتيجة الحرب اتصل بلير بالزعيمين الفرنسي والروسي جاك شيراك وفلاديمير بوتين لاطلاعهما على فحوى محادثاته مع الرئيس جورج بوش. وذكر الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ان الاخير اكد لشيراك "الدور الحيوي للامم المتحدة في هذه العملية، واتفقا على ضرورة ان يتولى الشعب العراقي حكم بلده في اسرع وقت. وعلى ان يعمل المجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق" هذا الهدف. وأدلى بوش بكلمات مماثلة في قمة ايرلندا الشمالية مع بلير، لكن المتشككين يعتقدون ان الولاياتالمتحدة لا تهتم كثيراً بصدقية الاممالمتحدة مثلما يهتم رئيس الوزراء البريطاني. وهذه المخاوف من ان تفعل الولاياتالمتحدة ما تريد في العراق مع استخدام الاممالمتحدة لذر الرماد في العيون، تفاقم الجدل المحتدم حول ما سيحدث بعد الحرب. وتتصور واشنطن ولندن ثلاث مراحل لما بعد الحرب، هي الاحتلال العسكري ثم حكومة تضم مسؤولين اميركيين وبريطانيين الى جانب عراقيين في المنفى ومن الداخل، ثم حكومة عراقية منتخبة. ولا تتطلع الاممالمتحدة الى دور مسيطر في العراق، لكن المحور الالماني - الفرنسي - الروسي يريد ان تلعب المنظمة الدولية دورا أكبر. وقال الرئيس شيراك الذي يعد اعلى المنتقدين صوتاً: "لم نعد في عهد يمكن دولة او اثنتين ان تسيطرا على مصير دولة اخرى". كذلك يخشى كثيرون من ان المرحلة الثانية للحكومة الانتقالية ستخضع لهيمنة مسؤولين اميركيين وشخصيات عراقية في الخارج، ما يعطي واشنطن نفوذاً لا تستحقه. وعندما ألح الصحافيون على بوش ليوضح طبيعة الدور "الحيوي" للامم المتحدة، تطوع بالقول انها المساعدات و"تقديم اقتراحات" في شأن الحكم الانتقالي. واكبر اداة نفوذ متاحة لاعضاء مجلس الامن الرافضين للحرب هي الاموال المخصصة لاعادة اعمار العراق في ظل برنامج "النفط للغذاء". ويمكن التكتل المناوئ للحرب ان يناور للحصول على افضل اتفاق وأوسع دور ممكن للامم المتحدة او التحول الى المواجهة واعاقة اي قرار دولي يضفي الشرعية على الخطط الاميركية البريطانية. ويرى يفغيني فولك، وهو محلل في مؤسسة هيريتيج في روسيا ان "فرنسا والمانيا وروسيا تريد ان تبرهن في اجتماع سانت بطرسبرغ ان تحالفها ليس طارئاً، وضرورة ان تؤخذ مواقفها في الاعتبار".