لا يزال بعض الكتاب والمعلقين العرب يحاولون إيهامنا أن الرئيس العراقي صدام حسين وأسلحة الدمار الشامل في العراق هما سبب المشكلة الراهنة، وأن هدف الرئيس الأميركي بوش ومعاونيه هو إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية، وحماية جيران العراق، وتخليص الشعب العراقي المغلوب على أمره من الديكتاتور الجاثم على صدره، والإنعام عليه - أي على الشعب المسكين - بالحرية والديموقراطية المزعومتين. ويرى المعلقون - جرياً وراء الدعاية الأميركية - ان منع الحرب ممكن إذا دمّر العراق أسلحته، ورحل صدام ورجاله عن العراق الى ملجأ آمن يلوذون به، وكفى الله المؤمنين القتال. وخلافاً لما يروّجه هؤلاء، فإن كل المعطيات تؤكد، بيقين، أن لا صدام ولا أسلحته ولا حماية جيرانه، سبب الحملة الأميركية الوشيكة على ذلك البلد المنكوب. فالهدف العراق أولاً وثرواته ثانياً، والمنطقة ثالثاً. وسواء رحل صدام أو لم يرحل، وسواء دمر أسلحته - المدمرة أصلاً - أو لم يدمر، فالحرب واقعة والغزو آتٍ. فصدام ليس المشكلة على كل حال، وما يردده الإعلام الأميركي ما هو إلا مبررات هشة لخداع الرأي العام الأميركي والغربي. فأميركا المعرضة لأزمة بترولية خانقة، بدءاً من عام 2007، وجدت أن حل الأزمة يكمن في السيطرة على العراق ونفطه وثرواته، وعلى المنطقة الغنية بالزيت والغاز. وأعدت أميركا خططها ومهدت لتنفيذها. فحرّضت العراق على حرب إيران أولاً، وزوّدته أسلحة الدمار الشامل ثانياً. ثم هيأت له الأجواء، وأغرته بغزو الكويت ثالثاً. وأخيراً حاصرته بعد طرده من الكويت، والقضاء عليه عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً. ثم ها هي تتخذ من الأسلحة التي مدته بها ذريعة لغزوه واحتلاله، وتحقيق أهدافها في العراق والمنطقة. وما كان لأميركا أن تفعل ما تفعله الآن، وما كانت لتجرؤ على إحضار جندي واحد من جنودها الى المنطقة، لولا التمهيد الذي بدأ منذ أكثر من عشرين عاماً، ونحن غافلون. الرياض - رمضان عبدالعظيم