يحلم كل مراهق بسيارته الجديدة التي سيقتنيها يوماً ما شراءً من اجر الوظيفة او هدية من احد والديه. وكما فتيات الاحلام للعشرينيين من الشباب هنالك سيارات الاحلام للمراهقين بألوانها الملتصقة بالذاكرة من الصغر او قوتها او سرعتها... والصفتان الاخيرتان يركز عليهما من يعتبرون قيادة السيارة نوعاً من التحدي واثبات الفتوة. في السعودية يطلق على فعل استخدام السيارة بأسلوب خطر وبحركات تحرق الاطارات وتصدر الاصوات المزعجة "التفحيط"، وفي لبنان يسمى "التشفيط"، وفي بعض الدول العربية يسمى "التفحيص". وعلى رغم تعدد الاسماء فلهذه الظاهرة نتائج متقاربة في جميع هذه الدول اولها الموت، الاعاقة، او السجن. الموضوع في السعودية تجاوز حد الممارسة او اختلاس النظر او المشاركة الوجدانية من بعض الشباب لزملائهم "المفحطين" عبر مساعدتهم بالهاتف الجوال قبل وصول شرطة المرور، اذ اخذ الموضوع منحى تجارياً يوجه منتجاته من صور "التفحيط" وطرق تعلمه، وحوادثه المثيره و"لقطات الموت" عبر الشبكة العالمية "الانترنت" ولقاء مبالغ تتراوح بين 100 و200 ريال الدولار يساوي 3.75 ريالات. وأحد اهم هذه المواقع هو www.camrynet.com، الذي يقدم الموت على شاشة الكترونية للراغبين في متعة يفترض ان تكون محرمة في معظم اجزائها إذ يقدم لقطات "تفحيط" من جميع مناطق المملكة وهي مصنفة على الصفحة الرئيسية تبعاً لأهمية المناطق بدءاً بالرياض ثم مكةوجدة وهكذا دواليك. وهو يعطي كخلفية عامة، لقطات لحوادث الطيران وحوادث "التفحيط"، والاهم من كل ذلك شوارع "التفحيط" في كل مدينة وهي الشوارع التي تملك مواصفات الاتساع والبعد عن الرقابة الامنية والشهرة بين اوساط الشباب. ولاعطاء الموقع "الخلفية الثقافية" فهو يضم مكتبة لصور الموت، ومعرضاً لصور ابرز "المفحطين"، وسجلاً لأبرزهم، وآخر للتائبين منهم. اما افضل وأغرب ما يقدمه الموقع فهو "نشيد المفحطين"، وربما صار لهم شعار او علم خاص في المستقبل. وعلى رغم ان مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في السعودية تعنى بحجب المواقع الخطرة دينياً وثقافياً وجنسياً وسياسياً، فإن هذا الموقع ومجموعة اخرى على شاكلته لم يطلها هذا الحظر، وتعتبره المدينة وفقاً لمحمد عبدالله السيفاني الذي يدير مقهى للانترنت في الرياض من مواقع الترفيه "فضلاً عن انه من المواقع التي سيتم الوصول إليها عبر كسر "البروكسي" وتجاوز "الجدران النارية" خوادم وبرامج معلوماتية خاصة بالضبط والمراقبة لمدينة الملك عبدالعزيز التي فقدت عملياً السيطرة على مواقع الانترنت في البلاد". ويقول الشاب فهد الشمري 23 عاماً وهو يتصفح المواقع في المقهى نفسه ان مشاهدة "التفحيط" والاستمتاع به على الشبكة "اكثر اماناً واقل مسؤولية وتعرضاً للحوادث او المساءلة من الذهاب الى ميادين او شوارع التفحيط الشهيرة". وتعتبر الباحثة الاجتماعية حصة بنت عبدالله الشهري التي تعد رسالة اكاديمية عن الشباب والظواهر المستجدة على المجتمع هذه المواقع "احدى قنوات التنفيس التي اعتادها الشباب والمراهقون نتيجة قلة الخيارات المتاحة في البلاد لتصريف طاقاتهم". وتضيف انها قامت "ومن باب الفضول الاكاديمي" برصد لتعليقات زوار هذه المواقع عبر منتديات الحوار الخاصة بها واكتشفت ان الفئة العمرية هي غالباً بين 15 و22 سنة وأن 80 في المئة منهم من الذكور "واستغرب اهتمام الاناث بمثل هذه المواقع لكن يبدو ان مجتمع الشباب يتغير في صورة اسرع من استيعاب وتوقعات المجتمع ككل". وباستعراض مفصل للموقع والمواقع الاخرى تكتشف اذا كنت جاهلاً بعالم "المفحطين" انواع الحركات الخطرة والجنونية التي يمكن تنفيذها بالسيارة مثل "العقد" و"العكسية" و"التنطيل" و"السفتي" وهي اللفظة الشعبية التي تطلق على اضواء الانذار الملونة فوق سيارات الشرطة والمرور والدفاع المدني، و"الموت" و"الشرارة" وهي تضاف الى الحركتين التقليدتين الشهيرتين في هذا المجال وهما "الخمسات"، و"السلسلة". اما صور الحوادث وما يصاحبها من تعليقات فهو امر آخر اذ يكشف جانباً اكثر خطورة في القضية من وجهة نظر الباحثة السعودية التي تقول: "عندما تجد شاباً مراهقاً يعلق على لقطة موت شباب آخرين نتيجة مغامرة حمقاء ويصفهم بالأغبياء لأنهم لم يطبقوا الحركة الخطرة على اصولها تكتشف ان برود الدم الذي يعيشونه مؤشر خطر لنفسياتهم ونظرتهم للأمور وقيمة الحياة". وتنفي الباحثة ان يكون للأمر علاقة بالبطالة المتزايدة او الاحباط نتيجة قلة فرص العمل او الاجواء السياسية في المنطقة، وتقول ان بعض هؤلاء الشباب "مرضى نفسيون ويحتاجون الى المساعدة الطبية "لكنهم لا يكشفون عن انفسهم لاقرب الناس لهم فتنعدم فرص مساعدتهم". ويعتقد الكثير من الشباب في الرياض والذين يزورون هذه المواقع بدافع الفضول فقط انها ظاهرة وستنحسر ضمن ظواهر التنافس على انشاء وادارة اغرب مواقع الانترنت واكثرها اثارة، ويستشهدون بان هذه المواقع الخاصة بالسعوديين كانت حتى قبل عامين تزيد على ثلاثين موقعاً "اما الآن فهي لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة". ويضيف الشباب في تعليقاتهم على الموضوع ان حجب هذه المواقع من الجهات الرقابية سيرفع من قيمتها ويجعل المراهقين اكثر حرصا على الوصول إليها بينما يساهم اهمالها في جعلها مسألة عادية "تتلاشى مثلما تلاشت الكثير من المواقع نتيجة ضعف البنية التصميمية او قلة الموارد المالية لأصحابها". ويبقى بيع لقطات الموت بأسعار رمزية اقل ضرراً من وجهة نظر الجميع من بيع اصول "اللعبة الخطرة... التفحيط" فبعض الشباب يتبرع بارشاد زوار المواقع عبر المحادثة، الى أساليب تنفيذ الحركات الخطرة بالسيارة وبأفضل انواع السيارات التي يمكن ان تكون مناسبة لكل حركة، كما يتبرع البعض بالنصح والارشاد في ما يتعلق بوسائل الهروب من دوريات شرطة المرور، او بوسائل سرقة السيارات بغرض "التفحيط" لعدة ساعات ثم تركها في اقرب مكان خال.