فرضت مبادرة رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان نفسها على اجتماع وزراء الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي فأدرجت على جدول الاعمال، وسط توقعات لا تستبعد إمكان تبنيها لتصبح مبادرة خليجية. ونوّه مصدر سعودي مطلع امس بمبادرة الشيخ زايد، في معرض تقويمه لنتائج القمة، منتقداً مجدداً الاسلوب الذي اعتمده الزعيم الليبي في كلامه في شرم الشيخ. وأوضح المصدر أن "الخلاف ليس بين شعبي المملكة وليبيا، ولكنه مع الرئيس الليبي شخصياً". واعتبر ان القمة العربية الأخيرة "نهاية عهد عربي قديم وبداية عهد آخر جديد". وكانت الامارات قدمت الى القمة العربية في شرم الشيخ مبادرة باسم الشيخ زايد يقترح فيها اربع نقاط اهمها ان تتخلّى القيادة العراقية عن السلطة في مقابل ضمانات عربية ودولية، وان تكلف الجامعة الدول العربية والأمم المتحدة الاشراف الموقت على السلطة في العراق. واستقبل الرئيس الاماراتي امس ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الرئيس الحالي للقمة العربية، وبحث معه في المبادرة التي لم تناقشها قمة شرم الشيخ. وفيما شدد وزير الخارجية الإماراتي راشد عبدالله النعيمي، في تصريحات في الدوحة امس، على أن القمة العربية "لم تفهم منطلقات المبادرة المبنية على حل سلمي للمسألة العراقية"، مؤكداً أن الإمارات ستطرحها على القمة الإسلامية المقبلة، كان وزير الدولة الكويتي الشيخ محمد الصباح من تولى طرحها في الاجتماع الوزاري الذي وافق على درسها واعلان موقف منها. وينهي الوزراء اجتماعاتهم اليوم. وتطرق مصدر سعودي مطلع الى المبادرة الإماراتية فقال إن الشيخ زايد "صاحب سجل نظيف وله تاريخ طيب ومعروف في خدمة القضايا العربية ودعمها، وبالتالي لا يلحق به أدنى شك في الدوافع". واضاف: "اعتقد أن الشيخ زايد يلتمس في مبادرته الخير للشعب العراقي"، مشيراً إلى أن اعلانها أمام القمة العربية شكّل "صوتاً شجاعاً هدفه تجنيب العراق مغبة العمل العسكري". ووصف المصدر السعودي الاسلوب الذي استخدمه الرئيس الليبي معمر القذافي أثناء إلقاء كلمته في القمة العربية في شرم الشيخ بأنه "تهكمي استهتاري"، مشيراً إلى أن القذافي "لم يخدم القضايا العربية أو الإسلامية ولم يعمل على جمع شمل الأمة، كما أنه أساء خلال كلمته ليس للسعودية فحسب، بل لجميع دول الخليج". وقال إنه "في حال التعدي على البعثة الديبلوماسية السعودية في طرابلس سيكون لنا الحق في اتخاذ الاجراء المناسب". ونفى المصدر ذاته ان يكون ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز قد أجّل طرح مبادرته بعد مشاورات مع آخرين. وقال: "إن الأمير عبدالله ارتأى تأجيلها إلى القمة العربية المقبلة"، وذلك لمنح القمة العربية الوقت الكافي لمناقشة موضوعي العراق وفلسطين. مشيراً إلى أن تأجيل المبادرة "يساعد في اكتمال آلياتها وتنفيذ افكارها بشكل يخدم مضمونها الرامي لإصلاح الوضع السياسي العربي". ووصف المصدر المطلع تدخل الأمير عبدالله ومقاطعته الرئيس الليبي بأنه "موقف سليم يجب أن يتخذ ضد الممارسات الخاطئة التي لا تنم عن جدية تصب في مصلحة العمل العربي المشترك، فنحن ضد المجاملة وتغليب المصلحة"، ولفت إلى أن "الأهم هو الأدب في التخاطب مع الآخر والاحترام من دون تعالٍ، فالقذافي اساء إلى كل دول الخليج، وهو الذي بدأ التحرش، ويعرف الجميع أن الأمير عبدالله ليس صدامياً وتهمه كثيراً وحدة الصف العربي كما عُرف عنه لم الشمل والحرص على تجاوز الخلافات العربية - العربية". وعن لقاء الامير عبدالله ونائب الرئيس العراقي عزت ابراهيم قال المصدر ان ولي العهد السعودي "لا يتنكر لاصدقاء مهما كانت الظروف ومن يطلب زيارته يستقبله". ووصف خطاب الرئيس السوري بشار الاسد في القمة بأنه "تحليلي وجيد ويعطي خلاصة جادة لما هو موجود على الساحتين العربية والدولية". ونفى نية السعودية الانضمام الى اللجنة التي انبثقت من القمة العربية لمتابعة القضية العراقية، مشيراً الى ان اللجنة ستزور بغداد بعد ان تعود من الاممالمتحدة متمنياً ان تكون "نتائج زيارتها مرضية للجماهير العربية وكذلك للعالم حيث ان الاجماع العربي هو على منع الحرب وعدم التعجّل بقيامها لأنها الحرب ستؤدي الى انقسامات ونتائج سيئة". ولم يستبعد ان يكون هناك اجماع عربي طارئ في حال وقوع الحرب لافتاً الى ان السعودية اعلنت في اكثر من مناسبة انها ضد الحرب وانها تحاول جاهدة منع وقوعها والعمل على وحدة أراضي العراق واستقراره. وقال: "ان مسؤولية العراق الاّ يرتاح الى نتائج القمة وعليه ان يساعد المفتشين في عملهم ليساعد بالتالي نفسه".