باستثناء تزايد الإقبال خلال اليومين الماضيين على شراء المحروقات من محطات الوقود، فإن حركة الاسواق التجارية بدت عادية خلال أيام الحرب الماضية في عمّان، فلا تزاحم على المخابز أو على الجمعيات الاستهلاكية المدنية أو العسكرية، وهي مخازن تموين كبرى كانت الدولة أسستها في السبعينات والثمانينات لتوفير السلع الاستهلاكية للموظفين المدنيين والعسكريين، ولا تسجيل لأي مخالفات غير اعتيادية من جانب التجار مثل رفع للأسعار أو تقنين للبيع أو امتناع عنه. ورصدت "الحياة" تزايداً في الإقبال على محطات المحروقات لشراء الوقود خلال اليومين الماضيين، علله بعض المواطنين بأنه تعبير تلقائي عن خوف من جانب المواطنين بأن تعمد الحكومة إلى زيادة أسعار الوقود، وذلك بعد أن سرت إشاعات في هذا الاتجاه وجدت صدى لها في أن الحكومة لم تنف اللجوء إلى زيادة أسعار الوقود باعتبارها احتمالاً مفتوحاً، وذلك في تصريحات تكررت على ألسنة المسؤولين قبل وقوع الحرب. وعزز من مخاوف المواطنين من انقطاع المحروقات أو زيادة أسعارها أن إمدادات النفط العراقية بدأت في التراجع حتى قبل أن تقع الحرب، فقد بدأ عدد الصهاريج المحملة بالنفط يخف تدرجاً حتى وصل في اليوم الذي سبق الحرب إلى 140 صهريجاً، وفي اليوم الأول انخفض هذا العدد إلى نحو عشرة صهاريج، ثم توقفت حركة الصهاريج تماماً مع ظهيرة اليوم الأول للحرب، وخصوصاً بعد أنباء عن مقتل سائق أحد الصهاريج التي تنقل النفط يومياً من العراق إلى الأردن، ما بث الذعر بين سائقي هذه الصهاريج الأردنيين من أن يتكرر معهم ما حدث أثناء حرب الخليج عام 1991 حين قصفت الطائرات الأميركية الصهاريج الأردنية التي كانت تنقل النفط، ما أدى إلى مصرع ثمانية من السائقين الأردنيين. واتضح في ما بعد أن القتيل كان سائقاً لسيارة عادية، ولكن ذلك لم يعد حركة نقل النفط إلى سابق عهدها، اذ كان ما بين 600 و700 صهريج محملة بالنفط ومشتقاته تعبر الحدود يومياً من الأردن إلى العراق، عدا عن نحو 100 شاحنة محملة بالصادرات الأردنية أو بالمستوردات العراقية من طريق ميناء العقبة. وهنالك سبب آخر لإقبال المواطنين على شراء الوقود وتخزينه وخشيتهم من ارتفاع أسعاره وهو أن الحكومة في سعيها لتوفير المحروقات للمواطنين أعلنت عن بدء نقل النفط المخزن في ناقلتين للنفط كان الأردن اشتراهما ووضعهما في ميناء العقبة تحسباً لأي طارىء، وإيصاله إلى مصفاة البترول الأردنية لتكريره وطرحه في السوق الأردنية للمستهلكين، اذ رأى بعض المواطنين في ذلك إشارة إلى أن الوضع النفطي قد يصل مرحلة الحرج. وكانت الحكومة اشترت قبل بدء الحرب ناقلة محملة بنحو 150 ألف طن من النفط وضمتها إلى ناقلة نروجية محملة بنحو 300 ألف طن من النفط كانت اشترتها في أواخر العام الماضي لتشكل حمولتهما مع احتياط مصفاة البترول الأردنية، البالغ نحو 270 ألف طن، رصيداً نفطياً في حال قيام الولاياتالمتحدة بتوجيه ضربة للعراق، وهو رصيد يكفيها لمدة تناهز 4 شهور. وأدى ذلك كله إلى صدور تصريحات في وسائل الإعلام لكبار المسؤولين تطمئن المواطنين إلى سلامة الوضع النفطي والتمويني. وأكد السيد صلاح البشير وزير التجارة والصناعة أن الوضع النفطي جيد وأن المخزون الاستراتيجي من السلع والمواد الغذائية الاساسية وغير الاساسية متوافر وأن جميع الأسواق التجارية تقوم ببيع هذه السلع بالأسعار الاعتيادية.