تتسع حلقة الجدل الدائر في الدول الغربية حول الدوافع الأخلاقية للحرب على العراق على نحو يبرز الفوارق بين القيادات الروحية للأديان. وفيما يسعى قادة الطوائف اليهودية في أوروبا الى التأثير في مواقف الكنائس المسيحية ودفعها إلى تأييد الحرب، تتعرض الجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة لهجوم شديد وتتهم بتشجيع الرئيس جورج بوش على المضي في مغامرة ضرب العراق. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أمس أن المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدة هاجمت بشدة عضو الكونغرس جيمس موران واتهمته باللاسامية لإبدائه ملاحظات حمّل فيها الجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة مسؤولية الدفع باتجاه الحرب وقال إن زعماء الجالية بإمكانهم منع الحرب لو كانت لديهم رغبة في ذلك، مشيراً إلى قوة نفوذهم وتأثيرهم في الحياة السياسية في أميركا. وكان موران أدلى بتلك الملاحظات الأسبوع الماضي خلال مشاركته في ندوة معادية للحرب نظمتها كنيسة سانت آن الأسقفية في مدينة ريستون تحت عنوان "المشاعر المعادية للحرب لم تعد مؤثرة في أميركا"، قال "لولا ذلك الدعم القوي من الجالية اليهودية للحرب مع العراق، لما كنا سرنا في هذا الاتجاه". وعلى رغم اعتذار موران عما بدر عنه طالب عدد من رجال الدين اليهود وقادة الجالية باستقالته من الكونغرس. إلى ذلك يبدي قادة الجالية اليهودية في أوروبا ضيقهم من وقوف الكنائس المسيحية ضد الحرب. وفي باريس افتتحت اللقاءات الاوروبية الثانية بين اليهود والمسيحيين مساء أول من أمس وسط خلافات عميقة حول المسألة العراقية بسبب الدعم الذي يقدمه ممثلو الطائفة للموقف الاميركي. وأكد ميشال فيردمان رئيس منظمة المؤتمر اليهودي الأوروبي التي نظمت اللقاءات مع المسؤولين الكنسيين في فرنسا أن "رسالة اليهود والمسيحيين ليست واحدة". من جهته، أكد رئيس أساقفة باريس المونسينيور لوستيجيه أن "موقف البابا ضد الحرب هو موقف الكنيسة الفرنسية". وشدد رئيس الأساقفة الألمان أسقف مدينة ماينس في كلمة مقتضبة خلال ندوة عن الحرب والصراع في الشرق الاوسط دعت اليها جامعة هومبولت العريقة في العاصمة الالمانية الليلة قبل الماضية على حرص الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية، إضافة الى الكنائس الأخرى على عدم وقوع حرب في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن أي حرب جديدة ستزيد الكراهية للغرب في العالم الاسلامي، متطرقاً إلى تاريخ الحروب الصليبية التي خرجت أوروبا منها مهزومة، وكانت سبباً لتأخر أوروبا العلمي والحضاري مئات السنين، مطالباً في الوقت نفسه بضرورة التعايش السلمي بين العالمين الاسلامي والغربي، إذ لا يمكن أن يقتل شعب كامل أمام عيون أوروبا من دون جريرة ارتكبها ومن دون أن نتخذ الأجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع هذه الحرب، مؤكداً أنه إذا وقعت الحرب، فإنها "سنتحمل مسؤولية كارثة إنسانية لن تنساها البشرية على مر مئات السنين".