250 مظلة متحركة بساحات المسجد النبوي    %90 مؤشر الرضا عن أمانات المناطق    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع التمور على الفلسطينيين في غزة    أرقام رائعة للثنائي رونالدو ودوران في ليلة تأهل النصر    محافظ الطائف يُشارك أبناء شهداء الواجب حفل الإفطار    تعليم الرياض يحتفي بيوم العَلم    محافظ الطائف يُشارك أبناء شهداء الواجب حفل الإفطار    مبادرة مواطن تحيي بيش البلد    هدية خادم الحرمين تضيء موائد رمضان في مسجد الملك فهد بسراييفو    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    عوامل مؤثرة تقود الجهود السعودية في حل الحرب الروسية الأوكرانية    السعودية تحتفي غدًا بيوم العلم اعتزازًا بقيمه الوطنية    وزير الخارجية يبحث مستجدات غزة مع الأمم المتحدة    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم حملة "صُم بصحة"    أمين تبوك يستعرض مع رجال وسيدات الأعمال بالمنطقة أبرز الفرص الاستثمارية    الكشافة ونماذج العطاء في شهر الخير بالحرم المكي    ملتقى القوى التأهيلي يتوج أبطاله    الرئاسة السورية: اتفاق باندماج قسد ضمن مؤسسات الدولة    الأردن يدين قطع سلطات الإحتلال الكهرباء عن قطاع غزة    محافظ الخرج يشارك أبناء "إنسان" مأدبة الإفطار    إطلاق «الواحة» أول مشغل بملكية سعودية بالأسواق الحرة    «مشروع الأمير محمد بن سلمان» يجدد مسجدي «الحزيمي» و«الفتح»    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية لتوثيق تاريخ المدينة المنورة    تقلبات أسعار النفط.. مقلقة    الداخلية تصدر دليلًا إرشاديًا لأمن المعتمرين والمصلين في رمضان    تقارب أميركي - أوكراني يدعم مفاوضات إنهاء الحرب    الراية الخضراء.. انتماء ونجاح وثقافة وطن    استمرار مبادرة "لك مثل اجره " التي اطلقها فريق قوة عطاء    الإنتاج الصناعي يسجل نموًا بنسبة 1.3% في يناير 2025    «مسام» ينزع الأسبوع الماضي 1,058 لغماً وذخيرة غير منفجرة في اليمن    نائب أمير المنطقة الشرقية: العلم السعودي رمز للوحدة والاعتزاز بالهوية الوطنية    من قلب التاريخ: فعاليات "قلعة تاروت" تعيد إحياء التراث الرمضاني    «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع سلة "إطعام" الرمضاني ومشروع "كنف" في لبنان    الجمارك تحبط تهريب أكثر من 1.3 مليون حبة "كبتاجون" مُخبأة في إرسالية أجهزة تكييف    السياحة تعلن عن تجاوز عدد الغرف المرخصة في مكة 268 ألفًا بنسبة نمو 64%    اتفاقية تعاون بين شركة حرف السعودية وشركة شكرا لخدمات الأعمال لدعم الحرفيين    اتفاقية تعاون بين تجمع الرياض الصحي الثالث ومستشفى الملك فيصل التخصصي    300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية    أنهى ارتباطه بها.. فقتلته واختفت    في ختام الجولة 25 من " يلو".. النجمة والعدالة في صراع شرس على الوصافة    تجاوز ال"45″ عاماً.. الإفطار الجماعي يجدد ذكريات «حارة البخارية»    مخيم عائلة شبيرق بأملج لإفطار الصائمين    42 شهيدًا ومصابا في غزة خلال 24 ساعة    مواقف ذوي الإعاقة    خلال حفلها السنوي بالمدينة.. «آل رفيق الثقافية» تكرم عدداً من الشخصيات    مدير الأمن العام يرأس اجتماع اللجنة الأمنية بالحج    اغتراب الأساتذة في فضاء المعرفة    الغذامي والبازعي والمسلم.. ثلاثتهم أثروا المشهد بالسلبية والشخصنة    تذاكر قمة السعودية والصين في تصفيات كأس العالم 2026 .. متاحة الآن    الشيخوخة إرث الماضي وحكمة الحاضر لبناء المستقبل    فيجا يربك حسابات الأهلي    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    ‏ "أمّ القُرى" تحصد شهادة الآيزو الدَّوليَّة في مجال أمن المعلومات ومجال الأمن السيبراني    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 25 - 02 - 2003

أخيراً تلقيت من نيويورك كتاب ديفيد فروم "الرجل المناسب" عن الرئىس جورج بوش وانتهيت من قراءته قبل يومين من دون ان يغير رأيي في الرئىس، او الكاتب الذي عمل ضمن فريق كتّاب خطابات الرئىس الاميركي وفقد عمله بسبب ادعاء زوجته انه صاغ عبارة "محور الشر"، في حين انه طلع بعبارة "محور الكره". الا انني كنت كتبت عن هذا الموضوع، كما انتقدت سلسلة مقالات تحريضية نشرتها له "الديلي تلغراف" الصهيونية، فأكتفي هنا بكتابه، الذي وجدت في عنوانه لعباً على الكلام فالكلمة تعني "المناسب" وأيضاً "اليميني".
اذا لم يكن الكتاب كذباً صريحاً، فهو اعتداء صارخ على الحقيقة بين دفتيه، مع بعض المعلومات العابرة، وفروم يقول ان جورج بوش يبدأ كل اجتماع وزاري بصلاة، وانه رجل "يحتقر الكذب".
هاتان نقطتان:
الدستور الاميركي يفصل بين الدين والدولة الى درجة ان الاطفال يمنعون من الصلاة المسيحية في المدارس، غير ان بوش معمداني متجدد او "أصولي" آخر يحاول ان يفرض دينه، او على وجه الدقة فهمه لدينه، على الآخرين، لذلك يسجل فروم ان اول ما سمع في اول يوم عمل له في البيت الابيض موظفاً كبيراً يوبخ مايكل غيرسون، كبير فريق كتّاب الخطابات الذي طور العبارة الى "محور الشر"، ويقول له: "لم ارك هذا الصباح في الصلاة...".
هذا عن الصلاة، اما عن احتقار الكذب، فنحن مع رئيس يقول ان صدام حسين على علاقة ب"القاعدة". وأنا اريد رحيل صدام حسين، الا ان الحقيقة ان لا علاقة له ب"القاعدة". والرئىس قال يوماً ان العراق يملك اسطولاً من طائرات بلا طيار تستطيع ان تصل الى الولايات المتحدة، وهو اسطول لا يوجد الا في مخيلة الرئىس ومن طلع اصلاً بالكذبة من مساعديه. وهو الرئىس نفسه الذي استشهد بكلام غير موجود في تقرير للجنة الطاقة الذرية عن ان العراق على بعد ستة اشهر من امتلاك قنبلة نووية، وأتوقف هنا فلا ازيد الكذب في نفقات تخصيص الضمانات الصحية، او أي قضية داخلية اميركية، لأنها لا تهم قارئي العربي.
فروم قادر على ان يقول الحقيقة أحياناً، فهو من الداخل ويصف الرئىس بوش بأنه "يصدق بسهولة وعقائدي متشدد وغير مهتم بالمعرفة، ما يجعله سيئ الاطلاع وتقليدي التفكير الى درجة غير مسموح بها لقائد".
وفروم قادر ايضاً على ان يمارس عقائديته اليمينية الى درجة الكذب، ثم تفلت حقيقة من قلمه، وهو قرب نهاية الكتاب يطلع بفقرة عجيبة اولها ان الولايات المتحدة بدأت حملة طموحة لاعادة صوغ الشرق الاوسط القمعي وغير المتسامح لدحر الارهاب، وستأتي هذه الحملة بحريات واستقرار جديد الى بؤرة عنف خطرة، وآخرها ان الحملة ستنتهي ب"رفاه جديد لنا جميعاً بتأمينها لنا اكبر بحيرة نفط في العالم".
تحدثت عن عنصر النفط في الحرب على العراق غير مرة في هذه الزاوية، ولعل كلام كاتب معادٍ كان في قلب البيت الابيض يحسم الجدل. غير ان فروم مهد لهذه العبارة الصادقة بالزعم ان تدمير العراق سيدمر الارهاب. كيف هذا؟ "القاعدة" لم تعد كما كانت، الا ان شبكاتها المحلية حول العالم لا تزال قائمة، وقد نفذت عمليات معروفة، ولا بد من ان غيرها في الطريق. وعراق صدام حسين قطعاً ليس على أدنى علاقة بالهجوم في 11 ايلول سبتمبر 2001، وبأي عملية اخرى. غير ان الهجوم على العراق سيخلق اسباباً اخرى للارهاب ضد الولايات المتحدة، من دون ان يدمر الارهاب الموجود والكامن من "القاعدة" ومنظمات كثيرة اخرى، فهو سيعزز قناعتها بأن الولايات المتحدة تقتل عرباً ومسلمين في حرب صليبية جديدة.
فروم يميني متطرف، وصاحب ميول شارونية اشرت اليها عندما كتب لجريدة مثله في لندن، غير انه في الكتاب يزيد اوصافاً مقذعة عن العرب والفلسطينيين، فالشرق الاوسط "إناء كريه الرائحة"، و"السلطة الفلسطينية هي طبعاً محور الارهاب العالمي" وتقبض بلايين الدولارات من الولايات المتحدة والاوروبيين و"كيف نخوض حرباً ضد الارهاب وننشئ عرفستان في الضفة الغربية؟".
هذا كلام ليكودي خالص من الكاتب الكندي المطرود من البيت الابيض، والسلطة ليست محور الارهاب العالمي، لأنها لا تستطيع حتى لو ارادت، والولايات المتحدة لم تدفع شيئاً يذكر للفلسطينيين وانما قدمت بلايين الدولارات الى حكومة مجرمي الحرب في اسرائىل، ومعها السلاح اللازم لقتل الفلسطينيين، ثم حمت اسرائىل بالفيتو من ادانة العالم لها في الأمم المتحدة.
فروم خبيث بقدر ما هو ليكودي، والاهانات الموجهة الى الفلسطينيين والعرب صادرة عنه، لا عن الرئىس بوش، الا ان الكتاب عن الرئىس الاميركي، ما يجعل الكلام يبدو احياناً وكأنه كلام الرئىس نفسه، الا انه ليس كذلك، فيجب الحذر. وحتى عندما ينسب كلام للرئىس فلا سبب لتصديقه، والكاتب يكذب في كل شيء آخر وعن نفسه.
بما انني كنت اعرف شيئاً عن فروم قبل قراءة كتابه، فهو لم يفاجئني كثيراً، غير انني مع ذلك أغلقت الكتاب ومن دون ان ابعد رائحة العنصرية التي يفرزها التطرف الديني، او لعلها شعور هذا المتطرف بأنه وحده على صواب والعالم كله على خطأ، فادارة بوش رفضت محكمة جرائم الحرب الدولية، على رغم الضمانات الكثيرة في ميثاقها لتجنب استفراد الاميركيين، وهي ارسلت سفنها الحربية وطائراتها الى الخليج، قبل ان يصل المفتشون الدوليون الى العراق. وشخصياً اجد ان العالم على شفا حرب دينية اخرى، حتى لو لم يدرك ذلك دعاة هذه الحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.