توقعت مصادر في وزارة المال المغربية ان تؤدي حرب طويلة الأمد في العراق الى عرقلة خطط الحكومة في مجال التخصيص وارتفاع عجز حساب المدفوعات وعجز الخزانة العامة، بسبب اوضاع الاسواق التي قد تشهد اضطراباً كبيراً ينتج عنه تراجع حجم الطلب والاستثمار في اتجاه دول الجنوب. وقال وزير المال فتح الله ولعلو ان المغرب يراهن السنة الجارية على عائدات بيع شركات عامة الى القطاع الخاص تقدر بنحو 1,25 بليون دولار، تشمل بصورة خاصة شركة التبغ "ريجي دي تابا" وحصصاً في رأس مال "البنك الشعبي" اضافة الى طرح 16 في المئة من اسهم شركة "اتصالات المغرب". وأشار الوزير الى ان عملية التخصيص قد تستغرق بين ثلاث واربعة شهور وهي تحتاج الى ظروف دولية مساعدة لتأمين تنافسية محترمة وتحقيق جزء من الاهداف المسطرة في البرنامج. وكان ارجئ بيع تلك الحصص العام الماضي بسبب استمرار تداعيات احداث 11 ايلول سبتمبر، مما زاد عجز الموازنة الى 4,7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وكان يمكن ان يصل العجز الى 6 في المئة لولا تحسن العائدات الجبائية التي زادت 4,4 في المئة. وُيقدر العجز الحالي بنحو 2,5 بليون دولار وفي حال نجاح برنامج التخصيص سيتقلص العجز الى اقل من 3 في المئة من اجمالي الناتج وهي النسب المتفق عليها مع الاتحاد الاووربي ضمن اتفاق الشراكة . وحسب مصادر وزارة المال فان احتمال تأجيل "بيع - تخصيص" بعض الحصص قد يُؤثر سلباً في تحرير بعض القطاعات الاقتصادية الاخرى التي ترغب الدولة في التخلي عنها لصالح القطاع الخاص مثل الاتصالات والطاقة والنقل والاشغال وغيرها. وتراهن الحكومة على تحرير جل القطاعات الانتاجية والخدماتية باستثناء الجوانب الاجتماعية والتعليم والصحة قبل حلول سنة 2007. ولم تستبعد المصادر المالية ان تعمد مجموعة "فيفاندي يونفرسال" الفرنسية الى بيع حصصها التي تملكها في "اتصالات المغرب" 35 في المئة لمواجهة الضغوط المالية التي تواجهها في اوروبا، لكن الاطراف الرسمية المغربية لم تؤكد ولم تنف تلك المعلومات وقالت "حتى في حال حدوث ذلك فان شركات محلية ستتولى اعادة شراء حصص فيفاندي في شركة الاتصالات". وحسب المصادر فإن الشركة الفرنسية كانت تحدثت عن احتمال بيع حصصها في المغرب اذا تواصلت ازمتها المالية وتفاقمت بحدوث الحرب. وسيكون على "فيفاندي" تكبد خسائر من بيع حصصها التي كانت دفعت فيها 2,3 بليون دولار في زمن طفرة قطاع الاتصالات. وتقدر المصادر المغربية حجم الخسائر المتوقعة من حرب طويلة في العراق بنحو 3 في المئة من اجمالي الناتج مقابل توقعات اولية كانت تتحدث عن نسبة 1 في المئة فقط، من دون احتساب تراجع ايرادات اضافية ما قد يرفع العجز الى 12 في المئة من الناتج المحلي سيحتاج معه المغرب الى استخدام احتياطه النقدي من العملات الاجنبية المقدر بنحو 10 بلايين دولار او اللجوء الى التمويل المحلي أو الدولي أو الى كليهما. وقال مصدر من وزارة المال ل "الحياة" انه "من الصعب تحديد حجم الخسائر مسبقاً وهي عملية محاكاة تقوم على فرضيات تراجع الصادرات وارتفاع اسعار الطاقة وتقلص الاستثمارات وتدني عائدات السياحة وصعوبة تسويق حصص شركات محلية كبرى لكن الخسائر تبقى واردة اذا اندلعت الحرب". وأشار إلى ان المغرب قد يتحمل وزر حرب جديدة اذا كانت محدودة لكن على حساب حجم النمو الاقتصادي، وهو شيء غير جيد في وقت تراهن الرباط على نمو يقترب من 6 في المئة بفعل تحسن الانتاج الزراعي وعودة مواسم الامطار.