حلّت المطربة نجوى كرم ضيفة الحلقة الأولى من برنامج "نوّرت الدار" الذي باشرت المحطة اللبنانية للإرسال أل بي سي في تقديمه، وهو من إخراج طوني قهوجي وإعداد جنان ملاط. لكن "الحدث" في الحلقة الأولى، كما عبرت مقدمة البرنامج الصحافية منى غندور كان في إطلالة المطرب وديع الصافي وإطلاق الأغنية المشتركة أو الحوارية التي يؤديها هو ونجوى كرم معاً وعنوانها "كبرنا". وتجسد الاغنية التي كتب كلماتها عصام زغيب ولحنها أنطوان الشعك، حواراً مفترضاً بين أب وابنته. ولعل أكثر ما يلفت في الاغنية استعادة وديع الصافي صوته القديم العالي الطبقات وكذلك استعادة نجوى كرم صوتها البلدي الذي عرفت به في مطلع تجربتها الطربية، صوت وديع الصافي وأداؤه ذكّرا كثيراً بأغنية "مروان" التي يخاطب فيها ابنه وربما لتشابه الموضوعين في الاغنيتين وهما يدوران حول البنوّة. أما نجوى كرم فبدت متأثرة جداً، وأدمعت عيناها عندما عرض فيلم توثيقي صغير عن إعداد الاغنية ووجهت إلى والدها رسالة على الهواء طالبة منه أن يفهم ظروفها. اللحن لم يأت بجديد وذكّر كثيراً ببعض الألحان التي وضعها الصافي لبعض أغانيه، وقد حاولت الاغنية أن تكون حوارية غنائية أو "اسكتشاً" غنائياً على الطريقة الرحبانية وعجزت. أما كلام الاغنية فوقع في المباشرة والوعظ والسطحية. وهذا ما أكده زغيب عندما راح يتحدث بلهجة خطابية عن مفهوم العائلية والبيت وعن العولمة من غير أن يدري أن آراءه باتت من مخلفات الماضي. وإذا لم تكن أغنية "كبرنا" في حجم "الحدث" الذي انتظره الجمهور فإن إطلالة نجوى كرم كانت ظريفة وجميلة، وخصوصاً في "اللوك" الجديد وفي كلامها المختصر والمفيد وفي بعض الأجوبة التي دلت على ثقافتها وسرعة البداهة لديها. وتحدثت بجرأة تامة عن نواحي من حياتها وعملها وكشف شريط مصور وجهها الآخر. وأطل في الحلقة عدد من الضيوف الذي اختارتهم نجوى بنفسها ومنهم الفنان الكويتي داوود حسين والمطرب وديع الصافي والشاعران طلال حيدر وعصام زغيب والملحن عماد شمس الدين... وجميعهم تحدثوا عن علاقتهم بالمطربة وعن عملهم معها. وبالغ طلال حيدر في كلامه الشعري وتهويمه اللفظي كعادته لكنه كان قاطعاً في موضوع العلاقة بين الآباء والأبناء إذ قال: "دعوا الابناء يبنون حياتهم مثلما بنى الآباء حياتهم". والجديد في البرنامج الموضوع - المحور الذي تحمله كل حلقة وكان هذه المرة عن الشيخوخة. وزارت كاميرا البرنامج شاعر الاغنية اللبنانية توفيق بركات وكشفت حال المرض والفقر والعزلة التي يعيش فيها، منسياً أو شبه منسي. وبدت إطلالة توفيق بركات حزينة لأنه وحيد لا يطرق بابه أحد. "نوّرت الدار" برنامج جميل وذكي يجمع مرة أخرى بين المخرج التلفزيوني المبدع طوني قهوجي صاحب الأفكار الفريدة والطريفة والاعلامية المثقفة جنان ملاط التي جاءت عالم التلفزيون من ثقافة فرنكوفونية واسعة وخبرة في العمل الاعلامي. وقد تكون الصحافية منى غندور التلفزيونية من العناصر التي تميز بها البرنامج إذ بدا حضورها لافتاً وكذلك أسئلتها الذكية واللامعة والمحرّضة.