يا جماعة الخير "شوية شوية" على لاعبي المنتخبات العربية المشاركة في بطولة العالم الرابعة عشرة للشباب في كرة القدم التي تدور رحاها حالياً في الامارات، فهم يعيشون حالياً أحرج فترات مسيرتهم الكروية كلها... ومن غير المعقول ان "ننفخ" فيهم بصورة قد تدفع ببعضهم دفعاً الى الغرور والتعالي ومن ثم فقدان نجم أو أكثر كان يمكن ان يكون ورقة رابحة لكرة بلاده في مناسبات مقبلة. قبل يومين، زفّت الينا التقارير الواردة من الامارات خبر اصرار نادي اياكس الهولندي على التعاقد مع الحارس المصري شريف إكرامي لمجرد أن الأخير تألق وبجدارة في المباراة الافتتاحية لمنتخب بلاده أمام كولومبيا. واللافت أكثر في هذا الخبر انه خرج من مقر الوفد المصري الذي من المفترض ان يبحث عن الهدوء، وألا يشيع أخباراً قد تلعب برؤوس لاعبيه. الأكيد أننا نفهم أنه ربما كان وراء تسريب مثل هذا الخبر هو تشجيع هذا الحارس الكفي على الاستمرار في اجادته وتألقه وحماية مرمى فريقه برجولية واستبسال، لكن كم من لاعب لا يزال يسير خطواته الأولى على طريق الكبار يمكن ان يفهم هذه "الحدوتة"؟ أما الذي لا أفهمه أنا حقاً، فهو لماذا أخفى المصدر "المطلع" اسمه في وقت كنا نأمل الاتصال به للتأكد من صحة مثل هذا الخبر وإذا ما كان نطق به فعلاً أم لا؟ وأول من أمس، تحول مهاجم المنتخب المصري عماد متعب على صفحات غالبية الصحف المصرية مارادونا جديداً بعد أن سجل هدف فوز بلاده على إنكلترا... ولا يمكن أن يختلف اثنان على روعة الهدف الذي سجله ولا على المجهود الكبير الذي بذله من ان أجل ان يهز الشباك الإنكليزية، انما ان يصبح مارادونا مرة واحدة هكذا، فهذا هو العبث بعينه. وما هي حكاية "السيمفونية" التي قدمها المصريون امام إنكلترا، وهل هذا التعبير جاء بهدف التشجيع أم على طريق التحطيم... بصراحة لا أعرف بدقة. وفي السعودية، اعتبر كثيرون ان مجرد تعادلهم مع المكسيك، على رغم حرج موقف المنتخب السعودي، مكسب كبير معتبرين انه كان الأقرب الى الفوز وهذا حقيقي تماماً لكنهم نسوا ان الدقيقتين الأخيرتين من عمر اللقاء شهدتا فرصتين أكيدتين ضائعتين من المكسيكيين... وكتبت بعض الأقلام عن المهاجم الصاعد الواعد ناجي مجرشي وزميله عيسى المحياني بعدما تردد ان هناك بعض الاندية الأوروبية تفكر في ضمهما، ما لم تكتبه عن سعيد العويران وماجد عبدالله وصالح النعيمة ومحيسن الجمعان وأحمد جميل وغيرهم عندما كانوا في عنفوان مجدهم. أما اللافت جداً ويستحق الاشادة بحق، فهو ان الصحافة الإماراتية لم تنجرف وراء العواطف بعد فوز منتخبها على بنما وتجدد آماله في التأهل للدور الثاني. وهي بقيت على موقفها الثابت إزاء عدم اقتناعها بما قدمه "الأبيض" حتى الآن في هذا المناسبة التي يستضيفها على أرضه، وأيضاً إزاء قلقها من مخاوف الخروج المبكر الذي لا تزال احتمالات تحقيقه قائمة... وأتوقع ان تلعب واقعيتها دوراً مهماً في تحميس اللاعبين على تجاوز عقبة بوركينا فاسو الصعبة اليوم، على ما يفعله المديح والتطبيل والتزمير في مثل هذه المناسبات. غالبية الاعلام الرياضي العربي، وللأسف الشديد، مشهورة بإجادتها "تلميع" اللاعبين بمجرد أن يقدم أحدهم عرضاً متميزاً أو يسجل هدفاً مهماً، فيصبح فجأة لاعب العصر والمغرب والعشاء أيضاً... ويُكتب عنه كلام ربما يفوق ما كُتب عن بيليه ومارادونا وفان باستن ومالديني وغيرهم من نجوم الكرة العالمية خلال مسيرتهم الرياضية التي ترجع الى عشرات الأعوام الفائتة. والمحصلة ان الكرة العربية تفقد مواهب كان يمكنها ان تكون خير معين لها في الخروج من الأزمة الطاحنة التي تمر بها، وما ابراهيم سعيد وعبدالله الجمعان وغيرهما الا مثال حي على ما نقول. أمنياتنا أن ينسى جميع اللاعبين ما كُتب عنهم سواء أكان مديحاً أو ذماً، وأن يدخلوا الجولة الأخيرة الحاسمة اليوم وغداً بذهن صاف بعيد من خزعبلات الاحتراف غير المضمون والمديح الذي قد يدفع الى الغرور... وأن يقولوا كلمتهم على أرض الملعب لأن لقاءات اليوم لن تعني سوى أمر من اثنين: إما ان يؤكد لنا هؤلاء اللاعبون أنهم رجال فعلاً لا يعبأون بما يكتب عنهم بقدر ما يحملون من وطنية وإحساس بالمسؤولية ويأهلون منتخباتهم الى الدور الثاني، وإما الخروج الحزين... ووقتها ستنقلب الاقلام التي كتبت عنهم برشاقة الى سكاكين حادة تسلخ جلودهم من دون هوادة. نحن العرب جهابذة في الكلام المنمق الجميل، ولا يفوقنا بلاغة فيه سوى العاهرة عندما تتحدث عن الفضيلة... وشطار جداً أيضاً في الهدم والسلخ، لكن أكثر ما يعيبنا أننا لا نعرف في احيان كثيرة متى نمدح ومتى نذبح!